ربما لا يعرف العديدون هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة، على الرغم من أهمية الدور الذي تلعبه الهيئة في تنظيم الإنترنت، إلا أن عملها المعقد والمتداخل يصعب أحيانا فهمه.
في مقابلة مع باهر عصمت و فهد بطاينة، من فريق العلاقات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط، هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة (آيكان)، قمنا بسؤالهما عن الهيئة والدور الذي تلعبه وعن أهم التطورات الداخلية للهيئة.
ما الدور الأساسي التي تلعبه آيكان في تنظيم الإنترنت؟ وما هو البناء الداخلي للمنظمة؟
هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة؛ أو ما يعرف بهيئة الأيكان (ICANN)، هي هيئة غير ربحية تأسست في العام 1998، وتختص هيئة الأيكان في ثلاثة أمور أساسية هي أسماء النطاقات، وأرقام عناوين الإنترنت، ومعرفات الإنترنت. وفي حين أن الأيكان معنية بالجانب السياساتي للثلاثة أمور السالفة ذكرها، فإن هيئة أرقام الإنترنت المخصصة؛ أو ما يعرف بهيئة الأيانا (IANA)، هي الذراع التقني لهذه الأمور.
يعمل في هيئة الأيكان أكثر من 300 موظف يترأسهم رئيس ومدير تنفيذي، وهناك مجلس إدارة مكون من رئيس مجلس إدارة وأعضاء يرشدون الهيئة ومديرها التنفيذي.
وتجدر الإشارة الى أن من يميز هيئة الأيكان هو أن عملية بناء السياسات تتم من خلال أصحاب المصلحة المهتمين حين أنه لا يوجد محددات لمن يشارك ومن أي بلد. ويقع على عاتق موظفي الهيئة تقديم كل ما يلزم من دعم في بناء هذه السياسات وتنفيذها.
ما هي المنظمات الداعمة في آيكان، وكيف يمكن توصيف دورها؟
يوجد في الأيكان ثلاثة منظمات داعمة هي:
-
المنظمة الداعمة للأسماء العامة (GNSO)، و
-
المنظمة الداعمة لأسماء رموز البلدان (ccNSO)، و
-
المنظمة الداعمة للعناوين (ASO).
وتعد المنظمة الداعمة للأسماء العامة (GNSO) هي أكبر المنظمات داخل الأيكان حيث أنها تتكون من مجموعة كبيرة من الدوائر والتي بمجملها تركز على سياسات الأسماء العامة لنطاقات المستوى العلوي. وقد لعبت هذه المنظمة الداعمة دوراً قيادياً في وضع كتيب التقدم لنطاقات المستوى العلوي الجديدة (New gTLDs).
وأما بالنسبة للمنظمة الداعمة لأسماء رموز البلدان (ccNSO)، فأنها تركز على بناء السياسات وتبادل الخبرات بين مجتمع سجلات مستويات النطاقات العليا الخاصة بالبلدان (Country Code Name Supporting Organizations).
وأما بالنسبة للمنظمة الداعمة للعناوين (ASO)، فأنها تشمل على سجلات الإنترنت الإقليمية (Regional Internet Registries) والمهتمة بوضع سياسات أرقام عناوين الإنترنت بالتنسيق مع مجتمعاتها الإقليمية.
هل يوجد لجان أخرى أو منظمات تتعامل أو تعتمد عليها أيكان؟
بالإضافة الى ما سلف ذكره من منظمات داعمة، فإن هناك أربعة لجان إستشارية في الأيكان هي كالأتي:
-
اللجنة الإستشارية للحكومات (GAC)، و
-
اللجنة الإستشارية للمستخدمين (ALAC)، و
-
اللجنة الإستشارية للأمن والأستقرار (SSAC)، و
-
اللجنة الإستشارية لمنظومة خوادم الجذر (RSSAC).
وتلعب اللجنة الإستشارية للحكومات (GAC) دوراً مهماً في موضوع بناء السياسات حيث يجلس رئيس هذه اللجنة كعضو غير مصوت في مجلس الإدارة. ويتلخص دورها في تقديم المشورة لهيئة الأيكان فيما يخص السياسات العامة ذات الصلة بعمل الأيكان وكذلك الأمور المتعلقة بالقوانين المحلية والدولية. ويوجد 150 دولة عضو في هذه اللجنة، إضافةً الى 32 مراقب من منظمات دولية وإقليمية.
وأما اللجنة الإستشارية للمستخدمين (ALAC)، فأن عضويتها تتلخص في الجمعيات المعنية بمستخدمي شبكة الإنترنت، بإلإضافة الى مشاركة من المستخدمين نفسهم وبصفة شخصية. ومن الممكن أن تصبح أي جمعية أو كيان عضو في هذه اللجنة من خلال المرور بعملية الاعتماد ويوجد أكثر من 100 جهة كعضو في هذه اللجنة.
وأما اللجنة الإستشارية للأمن والأستقرار (SSAC)، فتتكون من مجموعة من المتطوعين الذين يمتلكون خبرة تقنية في مجال الإنترنت حيث يؤلفون تقارير بين الحين والأخر حول مواضيع الأسماء والأرقام وأية مواضيع أخرى لها تأثير مباشر عليهما.
أخيراً وليس أخراً، تتكون اللجنة الإستشارية لمنظومة خوادم الجذر (RSSAC) من أعضاء يعملون مع الجهات التي تستضيف أحد خوادم الجذر الرئيسية والتي تشكل بمجملها 12 جهة. هذه اللجنة تضمن أمن وإستقرار وديمومة خوادم الجذر الثلاثة عشر ومنظومة أسماء النطاقات.
وأما بالنسبة لتعامل الأيكان مع المنظمات الأخرى، فأن الهيئة تتعامل مع جميع الجهات التي لها إرتباط بشبكة الإنترنت مثل جمعية الإنترنت (ISOC)، وسجلات الإنترنت الرقمية (RIRs)، والإتحاد الدولي للإتصالات (ITU)، وسكرتارية منتدى حوكمة الإنترنت العالمي (IGF)، وغيرها الكثير.
ما هو الدور الذي تلعبه آيكان في المنتديات الدولية والإقليمية المتعلقة بحوكمة الإنترنت؟
تعد هيئة الأيكان من الجهات الداعمة لمنتدى حوكمة الإنترنت على الصعيد الدولي أو الإقليمي أو المحلي حيث تقوم بتقدم الخبرات من خلال المشاركة في اللجان الإستشارية لهذه المنتديات، وتنظيم ورش عمل وتشجيع المشاركة فيها. كذلك تقوم الأيكان بالمشاركة في تمويل هذه المنتديات مالياً.
ما حدود علاقة المنظمة بأصحاب المصلحة سواء كانوا من الشركات التجارية أو المنظمات الغير هادفة للربح والمجتمع المدني؟
يمكن لجميع أصحاب المصلحة دون إستثناء المشاركة في لجان هيئة الأيكان المختلفة وحضور إجتماعات الأيكان السنوية حيث أنه لا يوجد أي محددات للمشاركة وحضور هذه الإجتماعات. ولغايات إستقطاب عدد أكبر من مجتمع الإنترنت للإنخراط في منظومة الأيكان، يوجد فريق داخل المنظمة للتواصل مع أصحاب المصلحة وزيادة الوعي عن المنظمة.
من الأمثلة الكثيرة على المنظمات الداعمة والدوائر الفرعية لها وجود دائرة للشركات التجارية (Business and Commercial User Constituency [BCUC]) ودائرة أخرى لمزودي خدمات الإنترنت (ISP User Constituency [ISPUC]) ودائرة مستخدمي الإنترنت الغير ربحيين (Non-Commercial User Constituency [NCUC]) ودائرة المنظمات الغير ربحية (Not-for-Profit Organizations Constituency [NPOC]) وغيرها. العضوية في هذه الدوائر متاحة لكل مهتم حيث يستطيع العضو المشاركة في عمليات بناء السياسات مع فرق العمل المختلفة.
هل من مشاريع للتنمية تساهموا بها وتتعاونوا من خلالها مع منظمات المجتمع المدني العربي؟
تعمل هيئة الأيكان بشكل مقرب مع مجتمعات الإنترنت المدنية. فبالإضافة الى اللجنة الإستشارية لعموم المستخدمين (ALAC)، هناك دائرة داخل المنظمة الداعمة للأسماء العامة (GNSO) تسمى دائرة مستخدمي الإنترنت الغير ربحيين (NCUC) ودائرة المنظمات الغير ربحية (NPOC). هذه الجهات هي منصات للحوار الفعال والحر.
أيضاُ، فقد تم تشكيل فريق مصغر من أعضاء فريق التواصل الإقليمي للأيكان من مختلف المناطق الجغرافية للتعامل مع هذا الموضوع والعمل مع المجتمعات المختلفة.
ما هي السياسات التي توليها آيكان أهمية تجاه منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة؟
إنطلاقاً من مبدء أن كل منطقة جغرافية تمتلك إحتياجات مختلفة عن المناطق الجغرافية الإخرى، فقد عمل فريق الأيكان في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة وبالتنسيق المباشر مع 22 عضو من مجتمع الإنترنت الإقليمي بعمل إستراتيجية تواصل لهذه البقعة الجغرافية. هذه الإستراتيجية تمتد على مدار ثلاثة سنوات بدءاً من شهر تموز يوليو 2013 حيث تم تحديد مجموعة من الأنشطة التي يجب تنفيذها على مدار العام. الإستراتيجية الأن في عامها التنفيذي الثاني.
وللمزيد عن الإستراتيجية، يرجى الرجوع الى هذا الرابط .
ومن مخرجات هذه الإستراتيجية فريق عمل أسماء النطاقات الدولية (TF-AIDN)، مركز ريادة صناعة أسماء النطاقات (DNS-EC)، منتدى أسماء النطاقات لمنطقة الشرق الأوسط (ME DNS Forum)، مدرسة حوكمة الإنترنت لمنطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة (MEAC-SIG)، ودراسة حول منظومة أسماء النطاقات في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة، وغيرها.
في مؤتمر آيكان 52، اجتماع مجموعة عمل نطاقات النص العربي، ما هي القضايا التي تم النقاش حولها في الاجتماع؟ ومن وجهة نظركم، ما هي العوائق التي تقف أمام انتشار أسماء النطاقات بالحروف العربية؟
مجموعة عمل نطاقات النص العربي هي مجموعة من المتطوعين الذين يمتلكون علم ودراية في مجالات مثل علم اللغات و/أو منظومة أسماء النطاقات و/أو منظومة أسماء النطاقات الدولية. هذه المجموعة معنية بالنص العربي والمكون من عدد كبير من اللغات التي تستخدم الحرف العربي مثل اللغة العربية والفارسية والأوردو والجاوي وغيرها من المئات من اللغات التي يمتد إستخدامها من ماليزيا وأندونيسيا في أقصى الشرق الى غرب إفريقيا.
ومن الأمور التي أوشكت المجموعة على الإنتهاء من العمل عليه هو موضوع متنوعات الأحرف (Variants)، وموضوع التوافق العالمي لنطاقات النص العربي مع البرمجيات، وموضوع الترجمة الفعلية والنطقية لمنظومة بيانات أسماء النطاقات المسجلة (WhoIS)، وغيرها.
المزيد عن هذه المجموعة على الرابط
كيف يمكن شرح عملية نقل مهام الآيانا ببساطة؟
تنفذ هيئة الأيكان منذ إنشاءها عام ١٩٩٨ مهام الأيانا بموجب تعاقد مع الإدارة الأمريكية للإتصالات والمعلومات (NTIA)، وهذا العقد لا تتقاضى عليه هيئة الأيكان أية مبالغ. جدير بالذكر أن دور الإدارة الأمريكية فيما يخص الأيانا هو دور إشرافي يتمثل في مراجعة تنفيذ الأيكان للطلبات الواردة لآيانا والتأكد من قيام الأيكان بإنجازها على الوجه السليم. عملية نقل الإشراف على مهام الأيانا تم الإعلان عنه في 14 أذار مارس 2014، وتتلخص في نقل الدور الإشرافي من الإدارة الأمريكية الى مجتمع الإنترنت الدولي. وقد وقع على كاهل هيئة الأيكان عمل مشاورات مفتوحة ومكثفة مع مجتمع الإنترنت الدولي للخروج بمقترح ينفذ عملية النقل هذه. ومن المتوقع أن يتم تسليم هذا المقترح الى الإدارة الأمريكية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وفي هذا السياق، ندعو جميع المهتمين بهذا الموضوع والمستخدمين لشبكة الإنترنت إلى أن يكونوا جزء من عملية المشاروات هذه حيث أن تاريخ تسليم المقترح هو حزيران يونيو 2015، وسيتم البت في قرار النقل من عدمه قبيل إنتهاء عقد الأيانا الحالي مع هيئة الأيكان في شهر أيلول سبتمبر 2015. وفي حين أن مجتمع الإنترنت المعني بعملية نقل الإشراف على مهام الأيانا يكد كل جهد لتحقيق التاريخ الموضوع، إلا أن هذا التاريخ هو ليس ملزم ونهائي، وعدم تحقيقها لن يعني بأن عملية نقل المهام ستلغى، وإنما سيتم تمديد عقد الأيانا مع الأيكان بحسب ما تتفق عليه الحكومة الأمريكية وهيئة الأيكان.
فبالإضافة الى عملية نقل الإشراف على مهام الأيانا، فأن موضوع المساءلة هو جزء أساسي من عملية نقل الإشراف. وقد نتج بعد إعلان 14 مارس 2014 بعض فرق العمل التي تعمل بالتنسيق مع المجموعة التنسيقية لعملية نقل الإشراف على مهام الأيانا لضمان أن هذين الموضوعين يسيران بشكل متوازي ويكملان بعضهما البعض.
في بدايات الأيكان، كانت العلاقة بين الهيئة وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية موثقة من خلال مذكرة تفاهم (MOU) والتي تطورت عبر عشر سنوات حتي عام 2009 حيث تم الإنتقال الى إتفاقية تأكيد الإلتزامات (Affirmation of Commitments [AoC]) والتي بموجبها تم التأكبد على استقلال الآيكان عن الحكومة الأمريكية، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي عضو بنفس المستوى كباقي الأعضاء، ولها الأحقية في المشاركة في أعمال المنظمات الداعمة واللجان الإستشارية المختلفة.
وبالإضافةً الى مكتب الأيكان في مدينة لوس أنجيلوس، قامت المنظمة بفتح مكتبين رئيسيين أخرين أحدهما في مدينة أسطنبول التركية والأخر في سنغافورة. وإضافةً الى هذه المكاتب الرئيسية، فهناك مراكز للتواصل في كلٍ من مونتيفيديو و بروكسل و جنيفا و بكين و سيؤول و واشنطن العاصمة.
ايضاً، فقد قامت المنظمة مؤخراً بإخضاع نفسها تحت كلٍ من القانون السويسري والقانون السنغافوري حيث سيتيح هذا إعطاء خيارات أكثر عندما تتعلق الأمور بجوانب البت في النزاعات القانونية لبعض الأمور، مع العلم بأن العمل ما زال جاري لتوسعة إطار إستخدام قوانين هذين البلدين.
تجدر الإشارة هنا الى أن الأيكان لن تتوقف عند هذه التغييرات نحو أستقلاليتها، وإنما ستسعى الى البحث عن المزيد من الأمور التي ستساهم في تدعيم هذه الإستقلالية.