نواجه في عصرنا هذا، عصر هستيريا إستخدام وسائل التواصل مشكلة مصداقية الخبر، فأي شخص لديه اليوم قدرة الولوج إلى الإنترنت والتأثير على صناعة ونشر الخبر. وعلى الرغم من سهولة الوصول إلى المعلومات وعدم جعلها حكراً على أحد بفضل إستخدام الإعلام الإجتماعي بكثرة، إلا أن هذا الإقتصاد الجديد يأتي مع مشاكل جديدة نحاول فهمها لإيجاد حلول للتخفيف من تأثيرها. يقول الكاتب الأميركي والمحلل عن تأثير الإنترنت في المعلومات، كلاي شيركي إن نظرتنا للأخبار تتغير، وذكر بما معناه: بعد أن كنا نحرر ثم ننشر (كما يحصل في الإعلام التقليدي)، النشر أصبح أول عملية يقوم بها مستخدمي الإنترنت، وأصبحت عملية التحرير تأتي على عاتق المتلقي.
ما يتم نشره سيؤثر على الآخرين بطريقة أو بأخرى، لذلك فإن المادة التي نشاركها ونعتمدها يجب أن تكون صحيحة، وما يحصل في هذه الأيام، أن النسبة الأكبر من مستخدمي الإعلام التقليدي والإعلام الإجتماعي تعتمد السرعة على حساب المصداقية، إذ يقوم العدد الأكبر بتداول الأخبار والصور ومقاطع الفيديو بطريقة “السكووب الخاص” من دون التحقق من مصداقية هذه المواد وتاريخ نشرها الأصلي، وهذا ما يسبب في الكثير من الحالات مشاكلات عدة لاسيما في نوعية المواد المنشورة، وهذا ما ظهر جلياً في لبنان في الآونة الأخيرة، حيث عمد البعض إلى نشر صور وفيديوهات مكررة أو بتواريخ قديمة أو تم تغييرها ونسبت لاحقاً لجهات أخرى، ما أدى إلى زيادة التفاقم في الصراع الإعلامي وفي العالم الافتراضي، وهنا تكمن المشكلة الأساس بعدم معرفة أو إهتمام بالآلية الصحيحة للتحقق، وعدم إرادة الناشرين للتحقق من المعلومات بالإضافة إلى غياب التوعية في هذا الموضوع.
وفي هذا الإطار، تقوم “منظمة تبادل الإعلام الإجتماعي – SMEX” بالشراكة مع مؤسسة “ميدان” ومشروعها “CheckDesk“، وبأمل التعاون مع الصحفيين والمدونين البارزين في لبنان، بالعمل على “حملة تأكد” وسنركز على:
١- العمل مع المواقع الإخبارية، الناشطين، الصحافيين، أصحاب الصفحات الإخبارية أو أي شخص آخر يريد أن ينشر أي خبر أو صورة أو معلومة، على التأكد من صوابيتها وصحتها من أجل محاولة الوصول إلى صيغة نشر خالية من الأخطاء قدر الإمكان.
٢- نشر مواد ضمن مكتبتنا المعرفية “تشارك” عن كيفية التدقيق في المواد قبل نشرها، وسنقوم بذلك عبر البحث، والنشر، والترجمة.
يقوم الباحث عن حقيقة المادة بخلق تقرير على موقع تشك دسك ونقوم نحن والمتابعين للموقع بإضافة المواد التي تدعم صحة الخبر أو تنفيه، مع إمكانية التأكد عبر وسائل عدة من تاريخ عرض الصورة أو الفيديو ومن صحة الخبر وابلاغ المتقصي.
يتم تصنيف التقارير من خلال إنشاء مواضيع أساسية عن كل حدث لتجميع المعلومات ضمن موضوع معين، وبالتالي لمساعدتنا عند نشر رابط الحدث على قنوات الإعلام الإجتماعي. ومن خلال مشاركته، يضمن المتلقي أن يكون على علم بكل التقارير الواردة التي يتم تصنيفها على أساس “صحيحة، خاطئة، في حالة التحقق من صحتها”.
كل ناشط أو صحافي أو باحث أو متخصص أو ناشر للمعلومات يشارك تلقائياً في هذه الحملة من أجل محاولة الوصول إلى أكبر نسبة من المصداقية في نقل الوقائع.
يقول علاء أبي رعد، و هو مدون و ناشط من البقاع: ” قامت جبهة النصرة منذ أسبوعين بالهجوم على جرود بريتال وعند شيوع الخبر ضجت وسائل الاعلام بالأخبار التي ينقلها المراسلون والناشطون الرقميون في المنطقة، وبدأ الشك يراودني بسبب كمية الصور المنشورة، عندها بدأت بالتحقق من الصور المنشورة وإذ يتبين أن معظمها غير صحيح وتعود لتاريخ قديم بل أنها ليست من لبنان، ويمكنكم إلقاء نظرة على الصور من خلال الضغط على هذا الرابط“. وعملية التحقق من الأخبار ليست بالأمر المعقد فهي تنقسم إلى شقين، التقني من خلال استعمال أدوات وطرق موجودة على الانترنت سهلة الاستعمال، للتأكد من صورة استعملت موقع غوغل من خلال تحميل رابط الصورة المستخدمة أو الصورة بحد ذاتها، فتظهر في صفحة النتائج أين استعملت هذه الصورة وتاريخ نشرها، أما الشق الثاني الشخصي من خلال ربط المعلومات والبيئة والزمن: الوقت والتاريخ وجغرافيا المنطقة.
اما المدون و الناشط سليم اللوزي فيضيف “يكاد يكون التحقق من صحة المعلومة امرا اساسيا، لا سيما واننا نعيش في المنطقة احداثا ساخنة، ونحن على شفير الهاوية، ويمكن لاي خبر يكون ملفق او مدفوع ان يؤجج الصراع ونصل الى مرحلة لا تحمد عقباها، لا سيما عبر نشر صور تحريضية او صور استفزازية لشد عصب جمهور بوجه جمهور، وهنا اهمية التأكد من المعلومة لسبب اساسي وهو المصداقية والسبب الثاني لدرئ الفتنة والخراب”
من جهته، يشدد الصحافي والمدون محمود غزيّل أن عملية التحقق من المواد التي تنشر إلى جانب الخبر من صور وفيديو هي مهمة بنفس قدر المعلومة نفسها التي ينقلها الخبر، فنحن اليوم نعيش عصر المرئيات، فلم تعد أي وسيلة إعلامية تلفزيونية أو إلكترونية تنشر وتبث خبراً من دون استخدام المرئيات، وفي كل حدث طارئ، يلجأ أغلب موظفو الوسائل الإعلامية أو مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي إلى نشر أول صورة قد تظهر أمامهم عند البحث على موقع غوغل من دون التأكد من صحة هذه الصورة أو الفيديو ومن دون ذكر عبارة “لم يتم التحقق من صحة الصورة”، أو إضافة عبارة “أرشيف” أو “صورة تعبيرية”، ظناً منهم أن المتلقي لهذه المعلومة لا بد أن يدرك أن هذه الصورة ليست هي الحقيقية، ما قد يخلق في بعض الأحيان سلسلة من المشاكل قد لا تنتهي لاحقاً بمجرد الاعتذار بعد انتشار المادة على أكثر من موقع وقراءتها من قبل عدد من المتابعين.
ستغطي الحملة اللغتان العربية والإنكليزية، و بالإضافة لتعاوننا مع المدونين و الناشطين المميزين المذكورين أعلاه، سيشاركنا الصحافي الإستقصائي حبيب بطاح بخبرته في إدارة و نشر الصفحة الإنكليزية. سيقوم فريقنا بإختيار أفضل قصص مشاركة من الجمهور في آخر شهر ١١، و سنوزع جوائز قيّمة لأكثر ٣ أشخاص يظهرون تفاعلاً مع الحملة، وسيتم الإعلان عن تفاصيل إضافية في وقت لاحق.
رابط الحملة: http://smex.checkdesk.org