مأساتان ضربتا اليوم لبنان، الأولى تمثلت في الإنفجار الذي حصل في بئر العبد، الضاحية الجنوبية لبيروت، و الثانية حصلت في النقل الإعلامي القليل المهنية بعيد الإنفجار.
تواصلنا مع الخبيرة الإعلامية و صاحبة مؤسسة إعلام بلا حدود، السيدة ماجدة أبو فاضل لإستيضاح ما حصل و يحصل في الإعلام اللبناني في نقل الأحداث المفاجئة، و بالأخص اليوم، و أنقل أجوبتها كما هي:
شاهدنا تفجير اليوم، كيف يمكن للصحفي ان يُغطي هكذا حدث؟
تغطيت أي نوع من خبر مأساوي مفاجئ يتطلب الالتزام بالقواعد الأساسية للصحافة: الإبلاغ عن الوقائع كما يراها هو او هي، طرح الأسئلة التي تستخرج الأجوبة دون أي تجريح، والتأكد أيضاً من الحصول على أجوبة: ماذا، من، أين، متى، لماذا و كيف، وليس المضاربة والتحرير. الحصول على أجوبة الناس بطريقة دقيقة، وجود أعصاب من حديد والقدرة على التحمل القوي، ولا سيما ان مثل هذه القصص يمكن أن تذهب إلى ساعات وأيام، وعدم التضحية بالدقة والتوازن للحصول على الشهرة و السبق الصحفي.
ما هي المعايير المهنية التي يجب اتباعها؟
الدقة الأساسية، الإنصاف، التوازن، الموضوعية (على الرغم من أن هذا المصطلح يحتمل التأويل) والحساسية لضحايا المآسي. أخلاقيات الإعلام يلعب دورا كبيرا في تغطية مثل هذه القصص
ما هي نوع الأسئلة التي يجب ان تُطرح لشاهدي العيان او سكان المنطقة حيث حصل الإنفجار؟
أين كنتم في ذلك الوقت من الانفجار؟ ماذا رأيتم بالضبط؟ هل كان هناك أي حركة مشبوهة قبل الانفجار؟ (لا يجب ان نسأل أبداً: “من هي الجهة التي تشكوا ان تكون مسؤولة عن التفجير؟ ” أنت لست قاضيا) ثم تحقق من كل الإجابات التي تحصل عليها من مصادر مختلفة والبحث عن أوجه التشابه والتناقض (يمكن أن تكون هناك قصة مخبأة في مكان ما).
هل إعطاء الهواء مباشر لأي مواطن للتعبير عن مكنوناته يُعتبر ضمن النقل الصحفي؟
لا تسألوا الناس بطريقة عشوائية كيف يشعروا؟ حاولوا إيجاد شاهد عيان، أشخاص ممكن إيفادكم بمعلومات مهمة، ليس فقط التشدق الغيرعقلاني.
لماذا الإعلام اللبناني يُهمل الحقائق و يُركز على التحليلات؟
لأن كثيرا ما ينسى الصحفيين (أو يتجاهلوا عمداً) القواعد الأساسية للتقارير جيدة، حيث تختلط الوقائع مع وجهة نظرهم، على حساب الأخبار ومهنتهم. يجب أن يكون التحليل عملية تأتي بعد تفنيد كل الوقائع. من المعيب و غير المسؤول التحليل قبل الحصول على كامل الحقائق. كمثل من يضع العربة قبل الحصان.
ذكرت بعض القنوات أعداد من القتلى و الجرحى في الإنفجار، و من دون اي توضيح تغيرت الأرقام الى أعداد من الجرحى. هل هذا مقبول إعلامياً؟
هذا تصرف في قمة اللامسؤولية وينبغي إدانته بأشد العبارات. أرقام القتلى و الجرحى تتغير في الكثير من قصص الكوارث و الإنفجارات. يجب على الصحافيين التمسك بالحقائق الثابتة التي يتم الحصول عليها من مصادر رسمية (الصليب الأحمر، المستشفيات، الشرطة، الجيش، الخ)، وإضافة ملاحظات تحذيرية لتقاريرها لترجيح تغير هذه الأرقام.
هل هناك طريقة معينة لنقل الحوادث للتخفيف من الإنفعال الطائفي، لكن بنفس الوقت المحافظة على الوقائع؟
على الصحفي أن يختار الكلمات بعناية، أيضاً التفريق بين الأسماء والصفات، لا مجرد الإعلان عن كلمات ضخمة و تسميات على آذان الناس، بل يجب وصف الحدث، الضرر، والتكلفة. الانضباط الذاتي (وليس الرقابة الذاتية) يأخذ العمل الشاق.
أين الخلل في الإعلام اللبناني و كيف يمكننا تصحيحه؟
الصحافيين اللبنانيين بحاجة للخضوع لكميات هائلة من التدريب لتمرس المهنية والأخلاقية، وعلى قدم المساواة مع الصحفيين الدوليين الجيدين. يجب أيضا أالتواضع و الإعتراف بالخطأ عند حصوله. من الواضح انه لدينا طريق طويل لنقطعه.