قرّر وزير الاتصالات شارل الحاج تقديم اقتراح يقضي بتجزئة المراكز القيادية في شركتي “ألفا” (MIC1) و”تاتش” (MIC 2)، وذلك عبر فصل منصب رئيس مجلس الإدارة عن منصب المدير التنفيذي، وتوزيع المراكز الأربعة سياسياً وطائفياً، وفقاً لتقارير إعلامية.
وتأتي هذه الخطوة قبل أسابيع قليلة على عقد الجمعيات العمومية لكل من شركتي الخليوي اجتماعاتهما، خلال شهر أيلول/سبتمبر المقبل، بناءً على دعوة من الحاج لانتخاب أعضاء جُدد لمجلس الإدارة. في الواقع، ليست هذه الخطوات إلّا امتداداً لنهج المحاصصة والزبائنية في قطاع الاتصالات.
تضارب مصالح بين الوزير وشركتي الخليوي
برزت هذه الفوضى بشكلٍ رئيسي عام 2020، بعد أن نُقلت إدارة شركتي “MIC1 ” (ألفا) و”MIC 2″ (تاتش) إلى وزارة الاتصالات وتم فسخ عقود الإدارة. جعل هذا تعيين مجالس الإدارة والمدراء العامين بيد الوزير مباشرةً، إذ أصبحت العلاقة بين الوزير ومدراء الشركات مباشرة ولا يحكمها أيّ إطارٍ تعاقديّ أو تنظيمي واضح.
بات هذا الأمر الاستثنائي قاعدةً معتمدة تتكرّر مع تكريس وزير الاتصالات الحالي لفكرة الجمع بين كونه “مالكاً ومُشغلاً” للقطاع، باعتباره المسؤول عن هذه التعيينات. أمام هذا الواقع، يؤكّد مصدر متابع لقطاع الاتصالات، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنّ “هذا النهج يضرب بعرض الحائط مفهوم الحوكمة المتمثل باتخاذ إجراءات تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء، عبر تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمسؤولية والعدالة”.
ويلفت المصدر المطّلع إلى أنّه “وفقاً لهذه الآلية، يمكن للحاج أن يُعيّن أعضاء مجالس إدارة مقربين منه بشكلٍ يمكنّه من السيطرة على الشركتين”، ويؤكد أنّ “هذه السيطرة قد تمتد لوقتٍ يفوق عمر الوزير نفسه في الوزارة، ما يعني تكبّد الخزينة العامة رواتب وأجور عالية لأعضاء قد لا يتمتعون بالاستقلالية المطلوبة لممارسة واجباتهم”.
حلول عملية لتنظيم العلاقة بين الطرفين
تقترح “ورقة سياسات: إصلاح حوكمة قطاع الخليوي في لبنان” التي أعدها خبير الاتصالات ومدير عام “تاتش” السابق وسيم منصور، بالتعاون مع “سمكس”، حلولاً لتحسين حوكمة قطاع الاتصالات الخلوية في لبنان. وتهدف هذه الورقة البحثية إلى إعادة بناء هيكل الحوكمة في شركتي “تاتش” و”ألفا” من خلال اقتراح إصدار مرسوم تنظيمي خاص ينظّم العلاقة بين وزارة الاتصالات والشركتين.
ويحدّد المرسوم الذي نصّت الورقة على ضرورة اصداره، المسؤوليات والصلاحيات بدقّة، كما ينصّ على استقلالية الشركات عن السلطة السياسية التنفيذية اليومية، مع تحديد آليات اتخاذ القرار داخل كل شركة. إضافة إلى ذلك، تُشدّد الورقة على ضرورة تحديد العلاقة بين الوزارة ومجالس الإدارة، استناداً إلى القوانين اللبنانية ومبادئ الحوكمة الحديثة، وتُقدم اقتراحاً يقضي بإنشاء مجلسي إدارة مستقلّين، مع تطابق كامل في العضوية، لضمان وحدة التوجه الاستراتيجي وتنسيق الحوكمة. ومن ضمن الأمور المقترحة أن يتمتع المجلسان بصلاحيات تنظيمية وإشرافية استراتيجية على الشركتين المملوكتين بالكامل للدولة، فضلاً عن ضمان انسجام السياسات الإدارية والمالية بين الوحدتين التشغيليتين.
وبالنسبة إلى أسباب إنشاء مجلسي إدارة متطابقين، فيعود إلى كون هذه الخطوة قادرة على توحيد الرؤية والقرار الاستراتيجي بين الشركتين ضمن إطار يخدم المصلحة العامة. علاوة على ذلك، تستطيع هذه الخطوة الحدّ من تضارب السياسات والازدواجية في الإنفاق، خاصة أنّ كلا الشركتين تعملان في سوق واحدة تحت مظلّة الدولة. وأخيراً، يمكن من خلال هذه الخطوة تفعيل الرقابة الواحدة، إذ إن الهيكلين التشغيليين متشابهين إلى حد كبير. فضلاً عن أن غياب المنافسة الحقيقية بين الشركتين يجعل وحدة الإشراف أكثر فعالية وجدوى، من حيث الكفاءة الإدارية والرقابة.
آلية التعيين المُقترحة
وفيما يتعلّق بآلية التعيينات، فتنصّ الورقة البحثية على آلية واضحة وشفافة بحيث تقترح أن يتكوّن مجلسا الإدارة المتطابقان من سبعة أعضاء. ويتم اختيار ثلاثة أعضاء يرشحون من قبل وزارة المالية، وديوان المحاسبة أو هيئة التفتيش المركزي، والهيئة الناظمة للاتصالات.
بالإضافة إلى الأعضاء الثلاثة، يتم تعيين أربعة أعضاء مستقلين من ذوي الخبرة في الاتصالات والإدارة والحوكمة وفق آلية شفافة تستند إلى معايير الكفاءة والخبرة. ويتم فتح باب الترشيح العلني عبر إعلان رسمي، لتدرس الهيئة الناظمة للاتصالات الملفات وتصدر توصية غير ملزمة إلى مجلس الوزراء، الذي يصدر بدوره قرار التعيين. ويشترط ألا تكون لهم مصالح مباشرة مع شركات التشغيل أو الموردين.
اضغطوا/ن هنا لقراءة “ورقة سياسات: إصلاح حوكمة قطاع الخليوي في لبنان.
الصورة الرئيسية من AFP.