أطلقت “سمكس” برنامج زمالة مريم الشافعي للتكنولوجيا وحقوق الإنسان في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 لجذب المفكّرين/ات والأصوات الجديدة إلى مجال الحقوق الرقمية، وطرح حلول مبتكرة للقضايا المتعدّدة الأوجه التي ترعى استخدام شبكة الإنترنت والوصول إليها، فضلاً عن توسيع نطاق البحث حول المواضيع الناشئة في مجال الحقوق الرقميّة في غرب آسيا وشمال أفريقيا.
أعدنا تسمية برنامج الزمالة ليُصبح “زمالة مريم الشافعي للتكنولوجيا وحقوق الإنسان” تخليداً لإرث مريم الشافعي، إحدى زملائنا المؤسّسين/ات، التي توفّيت في 29 كانون الأوّل/ديسمبر 2022. نأمل أن تكون هذه الخطوة لفتة تكريميّة لمساهماتها وجهودها في تنسيق هذا المشروع قبل وفاتها، وللمسيرة المميّزة التي عاشتها.
في عام 2016، نجت مريم من سكتة دماغية قَلَبَت حياتها رأساً على عقب. فأُصيبت في سنّ 28 عاماً بالشلل المؤقّت والحبسة الكلامية جرّاء مضاعفات السكتة. فقدت مريم القدرة على الكلام والمشي والكتابة والقراءة- واستغرقت رحلة التعافي سنوات من الكفاح والمعاناة اليوميّة. كرّست مريم جزءاً كبيراً من حياتها للتوعية حول كيفية التعايش مع مثل هذه الحالات، واستخدمت منصّات التواصل لتوثيق رحلتها العلاجية بكلّ صراحة وبدون أيّ تأسُّف. وفي كلّ منشوراتها، كانت تُشجّع مُتابعيها على إيجاد السعادة الحقيقية في الأمور البسيطة والبديهية في الحياة.
برنامج الزمالة
تدخل التقنيّات الجديدة في صلب النضال المستمرّ من أجل الحقوق في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، إذ تُوفّر فرصاً غير مسبوقة لتسليط الضوء على الحقّ في حرّية التعبير والتشبيك عبر الإنترنت والتحشيد. ولكنّ هذه التقنيات تُستخدَم أيضاً في أنظمة المراقبة، ما أدّى إلى بروز مجموعة من التهديدات وانتهاكات الخصوصيّة، بالإضافة إلى المضايقات الممنهجة وصولاً إلى قمع الأصوات المُعارِضة. وقد أصبحت الأنظمة الاستبداديّة في المنطقة تستثمر أكثر في أدوات جديدة لمراقبة مواطنيها، فيما تُعزّز الشراكات التجارية مع شركات التكنولوجيا الكبرى التي تفضّل الأرباح على حقوق الإنسان.
على مدى العقدَيْن الماضيَيْن، استخدَمت المجتمعات المهمّشة في المنطقة المنصّات الرقمية من أجل توفير مساحات تحرّرية وتنظيمية، مثل أفراد مجتمع الميم وعمّال المنازل المهاجرين/ات الذين يقاومون نظام الكفالة القمعي. تسعى منظّمة “سمكس” إلى توسيع هذه المساحات التي تتقاطع فيها قضايا المرونة الرقمية والعدالة الاجتماعية، من خلال تعزيز المعرفة والتعاون بين الخبراء والمناصرين/ات والصحافيّين/ات والفنّانين/ات والمحلّلين/ات في المنطقة.
من بين 150 مرشّحاً، اخترنا خمس زميلات لديهنّ مهارات بحثية متميّزة وخبرة ملحوظة في مجالات عملهنّ. كان من الصعب أن نحصر اختيارنا بخمسة أشخاص فقط بوجود عدد كبير من المرشّحين الذين يستوفون معايير الاختيار. يمكنكم الاطّلاع على نبذة عن عمل كلّ زميلة في القسم أدناه.
زميلات العام 2023
أماني سعيداني مُدافِعة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. نالت درجتَيْ ماجستير، إحداهما في علوم الإعاقة والتأهيل والأخرى في ترجمة لغة الإشارة. وهي أيضاً نائبة أمين صندوق الأكاديمية الرياضية والتربوية للصمّ، حيث تعمل جاهدةً لتعزيز إمكانية الوصول للأفراد ذوي الإعاقة. عُرفت أماني بعملها في تنظيم وترجمة المنتديات والندوات الصحافية إلى لغة الإشارة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في جميع مجالات الحياة وفقاً لما جاءَ في التشريعات والعهود الدولية.
حالياً، تقود أماني مشروعاً في جمعية إبصار للمعاقين بصرياً بهدف زيادة مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والشؤون العامّة.
“المشاركة في زمالة مريم الشافعي كانت مهمة للغاية بالنسبة لي لأنّني أركّز على إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم الرقمي. هذه التجربة ساعدتني في تعميق معرفتي حول الحقوق الرقمية وطرق المناصرة في هذا المجال، كما أنّ العمل مع أشخاص متنوّعين والتعرّف على تجاربهم ساعدني في إتمام مشروعي. يمكنني القول بأنّ مبادرتي أصبحت مبادرتي أكثر أخلاقية وركزت على تحقيق تأثير حقيقي في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة رقمياً. وأقول لمن يريد التقدّم إلى هذه الزمالة كونوا منفتحين وملتزمين وجاهزين للتعلّم من وجهات نظر مختلفة. هذه الرحلة منحتني أدوات وعلاقات مفيدة، وتحفّزني للمضيّ قدماً في الدفاع عن الحقوق الرقمية للأشخاص ذوي الإعاقة في عالم التكنولوجيا المتغيّر”. – أماني سعيداني
ميرا نابلسي باحثة وناشطة فلسطينية، وخبيرة في الإعلام والمحتوى الرقمي. تُعنى ميرا بالبحث في تأثير وسائل الإعلام والتكنولوجيا على المجتمعات المهمّشة، والقيود والرقابة المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي وانعكاساتها على الحركات الاجتماعية والسياسية. بصفتها زميلة في “سمكس”، تُركِّز على البحث حول الفُرَص والقيود المفروضة على منصّات التواصل الاجتماعي أمام صانعي المحتوى الذين يُدافِعون عن الصحّة والحقوق الجنسية والإنجابية.
شاركت ميرا في تأليف كتابَيْن: “Teen Lives around the World: A Global Encyclopedia” الذي نُشِرَ عام 2019، و”Wired Citizenship: Youth Learning and Activism in the Middle East” الصادر عن دار روتليدج في عام 2014. نالت ميرا درجة الماجستير في دراسات السلام والنزاع والتنمية ودراسات التواصل، ولديها خبرة واسعة في القطاعات غير الربحية والإذاعية. عملت أيضاً في شركة “آبل” كمُحرِّرة دولية لمنصّة “آبل بودكاست” (Apple Podcasts). وهي أيضاً ناشطة في “تجمّع النسويات الفلسطينيات” (Palestinian Feminist Collective).“
“تشرّفت بأن أشارك في أول دفعة من دفعات زمالة مريم الشافعي. ساهمت هذه التجربة التي امتدت لعام كامل في تعميق معرفتي بالحقوق الرقمية والتكنولوجيا وحقوق الإنسان في المنطقة. ركّز بحثي على التحديات التي تواجه محتوى الصحة الجنسية والإنجابية في المنطقة، وكان الدعم والتوجيه اللذين حظيت بهما من المشرفين عظيماً بالفعل. أودّ أن أعرب عن امتناني لمرشدتي عفاف عبروقي، لدعمها الثابت ومرونتها، ولحسن توجيهاتها. آمل في الحفاظ على التواصل مع “سمكس” وزملاء العام 2023 بهدف تعزيز أي تعاون محتمل في المستقبل.” – ميرا النابلسي
هناء ظني خرّيجة علوم الكمبيوتر من الجامعة الأميركية في بيروت، وهي أمازيغية من منطقة سوس المغربية. تُعنى هناء بتعزيز السلامة الرقميّة والدفاع عن الحقوق الرقميّة. ومن خلال التركيز على المجتمعات المهمّشة في بلدها، تُكرِّس هناء جهودها لسدّ الفجوة بين المُدُن والأرياف عن طريق البحث في استخدام التكنولوجيا والإنترنت في المجتمعات الريفيّة. تتمحور أبحاثها حول الشباب والمراهقين في هذه المجتمعات، وتهدف إلى مساعدتهم على الاستفادة إلى أقصى حدّ ممكن من الموارد التي يُوفّرها الإنترنت المجاني والآمن.
“من أفضل الأشياء التي تعلمتها من خلال تجربتي مع زمالة مريم الشافعي للتكنولوجيا وحقوق الإنسان أنّ الدعم ضروري لنجاح البرنامج. أتاحت لي المشاركة في البرنامج فرصة طرح الأسئلة والتفكير من زاوية مختلفة بمشروعي. كما أنّ شبكة الدعم التي أنشأناها مع زملاء آخرين سهّلت علينا مناقشة الأفكار ومشاركتها لتحقيق نتائج أفضل، لأننا جميعاً أفراد لدينا رؤى عظيمة لتحسين مجتمعاتنا وتشكيل العالم بدءاً من مبادراتنا. أنا ممتنة جداً لأن سمكس تمكنت من مساعدتنا في مساعينا”. – هناء ظنّي
منى حمودي صوتٌ رائد في الدفاع عن حقّ الجميع في الوصول إلى خدمات الاتّصالات ومعالجة الفجوة الرقميّة في السودان. من خلال خبرتها الواسعة كمديرة مشاريع محترفة، وكباحثة في مجال حرّية الإنترنت، ومُحلِّلة للسياسات التقنية، وناشطة في البرمجيات الحرّة والمفتوحة المصدر. تُكرِّس منى جهودها للدفاع عن الحقوق والحرّيات في مجالَيْ حقوق الإنسان والتكنولوجيا. يعود عمل منى في مجال الحقوق الرقميّة إلى عام 2018 عندما عملت كمُدرِّبة في الأمن الرقمي لصالح العديد من منظّمات المجتمع المدني.
انضمّت لاحقاً إلى “لوكالايزاشن لاب” (مختبر التّوطين) حيث أدارت عدداً من المشاريع حول أدوات حرّية الإنترنت وموارد الأمن الرقمي، كما عملت على توطيد وتعزيز التعاون بين المُطوِّرين/ات والمُستخدِمين/ات النهائيين/ات والشركاء التنظيميين الإقليميين. ولديها أيضاً خلفية في مجال الاتّصالات. عملت في العديد من شركات الاتّصالات ومزوّدي خدمات الإنترنت في السودان، ولديها خبرة واسعة في تشغيل شبكات الإنترنت الأساسية وإدارتها. منى حائزة على درجة بكالوريوس في هندسة الاتّصالات من جامعة الخرطوم، ودبلوم دراسات عليا في حوكمة الإنترنت من مؤسّسة DiploFoundation.
“لقد أتاحت لي الزمالة استكشاف الأوضاع الراهنة مع أشخاص من جهات مختلفة، مثل القطاعين الحكومي والخاص، ومن خلفيات بحثية، كما من بلدان لم يكن لي صلة بها من قبل. ساعدتني اللقاءات مع صنّاع السياسات في تعميق فهمي للقضايا العملية والأخلاقية التي يواجهونها وكيفية تفاعلها مع النظرية والأبحاث التي أتعامل معها يومياً. لم تركّز النقاشات على الحاضر فحسب، بل تطرّقت كذلك لما ينتظرنا بالإضافة إلى تأثير التطوّرات المستقبلية على مشاركتنا في هذه المواضيع”. – منى حمودي