أعدّ هذا التقرير كلٌّ من جيسيكا دير وآسر خطاب من منظّمة SMEX، ونُشر في تقرير Global Information Society Watch السنوي لعام 2017، باللغة الإنكليزية.
على الرغم من البداية المبشّرة، ترك مسار تطوّر المنتدى العربي لحوكمة الإنترنت خلال الأشهر الستّة الماضية أصحاب المصلحة المتعدّدين في حيرةٍ من أمرهم حول مستقبله. أثر هذا المنتدى الإيجابي على سياسات الإنترنت في المنطقة كان ضئيلاً، كما أنّ التزامه بتعدّدية أصحاب المصلحة ومبادئ أخرى أساسية تتعلق بحوكمة الإنترنت وضعت موضع الشك، حتى من قِبَل بعض من ساهموا/ن بتأسيسه. انعكس هذا الشعور في رسالة بريد إلكتروني تم تداولها في منتصف العام 2016، بين عددٍ من أصحاب المصلحة في مجال حوكمة الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حملت هذه الرسالة عنوان “هل ينبغي علينا أن نحاول إنقاذ المنتدى العربي لحوكمة الإنترنت؟” كان الكاتب قد سمع لتوّه بأنّه لن يكون هناك لقاء سنويّ للمنتدى في 2016، ما دفعه للتساؤل إن كان من الواجب الضغط على جهةٍ ما لاستضافة الفعالية، أو التفكير بـ”احتمالية استبدال المنتدى كلّه بمنتدى حوكمة إنترنت عربيّ أصغر نطاقاً وأكثر شمولاً.”
آخرون/أخريات ممّن وصلتهم/ن هذه الرسالة الإلكترونيّة -من المجتمع المدنيّ، الأكاديميّ، والتقنيّ- استجابوا/ن إلى التنبيه، واستبعدوا/ن إمكانيّة عقد المنتدى في عام 2016، كما رثوا المنتدى كونه لم يرقَ إلى مستوى منتديات حوكمة إنترنت إقليمية أخرى، مثل إقليمي أميركا اللاتينية والمحيط الآسيوي مثلاً، وخاصّةً من ناحية تعدّدية أصحاب المصلحة. كان بين المجيبين/ات على هذه الرسالة، من اقترح/ت إحداث فعاليةٍ بديلةٍ تتّسم بالتركيز على الحوار وتعدّدية أصحاب المصلحة، وليس بالضرورة منتدى قائم بحدّ ذاته. في نهاية المطاف، آل هذا النقاش إلى اقتراح تشكيل موقفٍ مشترك يمكّن أعضاء هذه المجموعة من “الحديث بصوتّ واحد عن قضية المنتدى.” رغم أنّه لم يتمّ تشكيل هذا الموقف، جسّد هذا التبادل البريدي الإلكتروني نموذجاً عن محادثاتٍ كثيرة جرت في دوائر المنتدى منذ نهاية ولايته الأولى الّتي امتدّت لأربع سنوات وانتهت بآخر لقاء سنويّ عُقد حتّى اللحظة، في كانون الأول/ديسمبر 2015.
خلف كواليس ما بات يعرف بالربيع العربيّ عام 2011، أمكن قياس عمق الشعور الجليّ بالخسارة والخيبة في هذه المحادثات، أمام درجة الحماس الّتي سادت عند إطلاق المنتدى في الكويت عام 2012. إذّ مثّل هذا المنتدى إحدى المساحات القليلة جداً في المنطقة، حيث يمكن لممثّلين/ات عن الحكومات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمجتمعات الأكاديمية والتقنية، من الجلوس معاً لمناقشة واكتشاف سياسات إنترنت، وتقديم اقتراحاتٍ بخصوصها. آمالٌ كبيرة علّقت على هذا المنتدى، فكثيرون/ات رأوا فيه ليس فقط فرصةً لجلب المنظور والثقافة العربيَّين إلى صلب حوكمة الإنترنت على الصعيد العالمي، بل أيضاً فرصةً لقيادة نموذجٍ للحوكمة الّتي تتسم بالانفتاح والشفافية والتشاركية في إقليمٍ طالما عُرف بعقودٍ من الأنظمة الديكتاتورية، النزاعات دائمة، وقمع حقوق الإنسان.
وفي حين تمّ تحقيق أجزاءٍ من ذلك الوعد، لم تغب التساؤلات حول قابلية هذا المنتدى للاستمرار والنمو. بحسب التحليل الّذي وصلنا إليه من خلال الغوص في وثائق المنتدى، وتغطية اللقاءات والفعاليات، وتقارير الرئيس السنويّة، ومقابلات مع أصحاب مصلحة ومنظّمين/ات من كافّة القطاعات، ومشاركة SMEX في المنتدى وفعاليات أخرى، نرى أنّ المنتدى قد تداعى نتيجةً لتصميمه كأداة لتطوير أجندة لسياسة إنترنت عربية موحّدة، آليات عمل مرتجلة، ورؤى مختلفة لماهيّة تعدّدية أصحاب المصلحة. كلّ ذلك، أعطى الحكومات سيطرة زائدة على المنتدى.
بعد ذلك، وبدلاً من فتح متنفّسٍ لتقديم النقد أو فرصة للتطرّق إلى العيوب الجوهرية، شهد أصحاب المصلحة عمليّةً من أعلى إلى أسفل، استمرّت سنتين، وفاقمت الشعور لدى أصحاب المصلحة بأن هذا المنتدى قد لا يعكس أبداً المبادئ الأساسية لحوكمة الإنترنت، المتمثّلة بالانفتاح والشفافية، الشمولية، اتّباع مسارٍ من الأسفل إلى الأعلى، إشراك أصحاب المصلحة المتعدّدين، وكونه غير تجاري، وهي المبادئ الّتي جذبت أصحاب المصلحة إلى هذا المنتدى في الأساس. الآن وقد اكتملت عملية التقييم، ويلوح ميثاقٌ جديد للمنتدى في الأفق، يتساءل كثيرون، “ما التالي؟” وعمّا إذا كان منتدى إقليمي هو حقاً وسيلة للوصول إلى حوكمة إنترنت يشترك فيها أصحاب المصلحة المتعدّدون في العالم العربي.
التقرير كاملاً متاح بصيغة PDF في الأسفل، يمكنكم/نّ قراءته على الويب أو تحميله.
[leap_iframe width=”100%” height=”400px” scrolling=”yes” url=”http://www.ar.smex.org/wp-content/uploads/2017/12/AR-GISWatch-Arab-IGF1-1.pdf”]