رَفْعُ أسعار الاتصالات وإطفاء شبكة 2G وإطفاء جزء كبير من شبكة 3G، هو ما يريده وزير الاتصالات اللبناني، جوني القرم، بحجة تفادي “الانهيار الوشيك في قطاع الاتصالات بسبب التكاليف المترتبة على عاتق الوزارة” وبهدف “الحدّ من الهدر”! ولكن لماذا لا ينظر الوزير ومديرو الشركات إلى الحلول البديلة مثل “التجوال المحلي” وخفض التكاليف؟
قال القرم في بيانه الصادر اليوم الخميس في 19 أيار 2022 إنّه حضّر مشروع مرسوم لتعرفة خدمات الإنترنت ونقل المعلومات، مشيراً إلى أنّه سيحمّل مجلس الوزراء مسؤولية انهيار الشبكة في حال لم يوافق على المرسوم في جلسته الأخيرة المزدحمة بحوالي حوالي 143 بنداً قبل أن تصبح الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال.
عدد الأشخاص الذين يمتلكون هاتف 2G لا يعمل على 3G أو 4G يصل إلى 200 ألف مشترك، ما يعني حرمان جميع هؤلاء المواطنين من الشبكة في ظلّ انهيار قيمة العملة اللبنانية وارتفاع أثمان الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى تحميل المواطنين كلفة دفع رسوم الجمارك.
ولم يوضح الوزير ما علاقة إطفاء شبكات 2G بتوفير الطاقة، لا سيما وأنّ ثمة شركة خاصة هي التي تتولّى عمليات تزويد المحروقات لمحطات وأبراج الإرسال، وتتقاضى مبلغاً مقطوعاً مقابل ذلك؛ فهل يريد الوزير القرم أن يحقّق وفراً للشركة الخاصة؟
بالإضافة إلى ذلك، تعمل على 2G الخطوط الرباعية التي تستخدمها الأجهزة الأمنية، وبالتالي فإنّ إطفاء الشبكة سيحرم الأجهزة من التواصل. وفي حال كان ثمة مشروع لنقل الخطوط الرباعية إلى شبكة 3G، فهذا مشروع ضخم ويكلف نحو 10 ملايين دولار، وهو مبلغ يمكن استثماره لتحسين الشبكة ومنع إطفائها.
ويشير خبير في مجال الاتّصالات والشبكات لـ”سمكس” إلى أنّ إطفاء شبكة 2G سيزيد من معدّل انقطاع المكالمات الهاتفية، كما من معدّل صدور المكالمات وتلقّيها، لتصبح أسوأ مما هي عليه الآن.
كل هذه الأمور من شأنها ضرب شبكات الاتصالات الخلوية في لبنان، وليس بقاؤها قيد التشغيل، ولذلك يتساءل المصدر عمّا إذا كانت هذه الخطوات تمهّد لضرب الشبكة تمهيداً لبيعها بأبخس الأثمان، بدليل وجود الكثير من الخيارات البديلة التي لم يلجأ إليها الوزير.
على عكس المناشدات الدائمة للعمل على تقليل النفقات والتكاليف والحدّ من الفساد، يقول خبير في مجال الاتصالات لـ”سمكس” إنّ الوزير بدلاً من ذلك “عمد إلى ترقية بين 200 و300 موظفين في شركتي الاتصالات الخلوية قبيل فترة الانتخابات”، وفق المصدر.
أمّا من بين الخيارات التي يمكن الاستفادة منها، تقنية “الوصول اللاسلكي الموحدة” (Single Ran) التي تمتلكها شركة “تاتش”. وكانت “تاتش” اشترت هذه الشبكة من شركة “هواوي” قبل أعوام مقابل مبالغ ضخمة تصل إلى 90 مليون دولار وفق تقرير “ديوان المحاسبة”، حيث يشير المصدر إلى “هذه الصفقات كانت لإفادة الوزراء وليس المستخدمين، ومع ذلك، أليس الآن الوقت المناسب للاستفادة منها؟”.
لا تمتلك شركة “ألفا” تقنية “الوصول اللاسلكي الموحدة” (Single Ran)، ولكنّه مع ذلك، يمكن أن تستفيد من تشغيل خدمة “التجوال المحلّي” (National Roaming) التي تتيح للشركتين تبادل الاستفادة من شبكتيهما.
يقول الخبير التقني إنّ تفعيل خدمة “التجوال المحلّي” سيسهّل الانتقال بين مستويات الجيل الثاني والجيل الثالث، كما سيمكّن شركتي الخليوي “ألفا” و”تاتش” من تحسين تغطيتهما، بعكس ما يزعمه الوزير بأنّ تشغيل “التجوال المحلي” سيقلّل من المنافسة، متسائلاً عن قرار الوزير بإطفاء قسم كبير من الشبكة ورفع الأسعار بدلاً من التفاوض على العقود التي تبرمها شركتا الخليوي مع شركات أخرى مثل عقد صيانة شبكة ألفا البالغ 12 مليون دولار. “لماذا لم يعمل طيلة فترة ولايته على مراجعة هذه العقود ومفاوضة الأطراف الأخرى على تقليص الأسعار المضخّمة؟ لماذا لم يراجع التوظيفات والتخلّص من التوظيفات الوهمية؟”، يختم المصدر.
نطالب وزير الاتصالات، جوني القرم، والوزير الذي سيخلفه، بعدم إطفاء الشبكة، وبالنظر في الحلول التي تضمن حقوق المستخدمات والمستخدمين، والتي تزيد من الخدمات بدل تقليصها، وذلك وفق خطة واضحة لتشغيل الشبكة وتقليل النفقات والتكاليف المضخمة وإعادة النظر في الصفقات والتوظيفات وغيرها من مكامن الهدر.