تعاونت “سمِكس” و“الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات” (LADE) من أجل رصد الخطاب الانتخابي على وسائل الإعلام الاجتماعي، خلال الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان، غير أنّ المنشورات التي صُنّفت على أنّها ذات خطاب سلبي لم تتخطّ 1.5%.
عملت “سمِكس” و”لادي” على هذه الدراسة لما باتت تمتلكه وسائل الإعلام الاجتماعي من تأثير متزايد على الرأي العام – وخصوصاً خلال الانتخابات المحلية – بالإضافة إلى التزايد المستمرّ في أعداد مستخدمي الإنترنت، فقد ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت في لبنان، منذ الانتخابات النيابية في عام 2009، من 24% إلى 76%، مع ازدياد استخدام الإنترنت بخمسة أضعاف.
في المقابل، فإنّ المرشّحين الذين يعتمدون غالباً على المصادر التقليدية للأخبار، كان انتقالهم بطيء إلى وسائل الإعلام الاجتماعي من أجل إطلاق حملاتهم ونشر خاطبهم السياسي. كما أنّ القواعد الخاصة التي حدّدها القانون الانتخابي الجديد والتي طُبّقت على الأخبار التقليدية، لم تُطبّق كما يجب في مجال الإعلام الجديد، وذلك لغياب الرقابة.
سعت “سمِكس” و”لادي” لتحديد مدى سلبية الخطاب السياسي لدى 600 مرشح تقريباً، من 77 لائحة انتخابية، و15 دائرة انتخابية، على كلّ من “تويتر” و”فيسبوك”. ومن أجل تحديد الخطاب السلبي، اعتُمدت “المبادئ التوجيهية لتطوير قواعد السلوك على وسائل الإعلام الاجتماعي للانتخابات” الصادرة عن “المعهد الدولي للديمقراطية ومساعدات الانتخابات” (IDEA).
عرّفنا الخطاب السلبي على أنّه الخطاب الذي يشجّع على الرشوة أو يلمّح إليها، أو الذي لا يشجّع على التصويت، أو الخطاب التحريضي الذي ينشر أخباراً كاذبة وإشاعات، أو الذي يستخدم لغة تمييزية عن العِرق أو الأصل أو الجنس أو الدين، أو الخطاب الذي قد يؤدي إلى أذى جسدي جرّاء استخدام لغة تحريضية.
بالإضافة إلى ذلك، عملنا على جمع الخطاب الإيجابي والخطاب المحايد كأداة للمقارنة تفيد هذه الدراسة.
- كانت عملية جمع البيانات مؤتمتة باستخدام واجهة برمجية صُمّمت خصّيصاً لجمع المنشورات على وسائل الإعلام الاجتماعي من حسابات المرشّحين على “تويتر” و”فيسبوك”، ومن ثمّ نقلها إلى موقع ويب مصغّر متاح للمبرمجين الوصول إليه.
وجُمعت البيانات على ثلاث فترات:
من 27 آذار/مارس (فترة إعلان اللوائح الانتخابية) حتى 4 أيار/مايو، 11:59 مساءً (بداية فترة الصمت الانتخابي)
من 5 أيار/مايو، 12:00 صباحاً (نهاية فترة الصمت الانتخابي)، حتى 6 أيار/مايو ، 7:00 مساءً (إغلاق صناديق الاقتراع)
من 6 أيار/مايو، 7:01 مساءً، حتى 12 أيار/مايو ، 7:00 مساءً.
بلغ عدد المنشورات التي جُمعت حوالي 36 ألفاً خلال فترة تمتدّ على 40 يوماً، وبسبب هذا العدد الهائل من المنشورات درسنا عيّنةً عشوائية من 3,021 منشوراً، أي ما نسبته 8%.
أظهرت النتائج أنّ المرشّحين لم يستخدموا وسائل الإعلام الاجتماعي لنشر خطاب سلبيّ، حيث أنّ نسبة المنشورات التي صُنّفت على أنّها ذات خطاب سلبي لم تتخطّ 1.5%. أمّا مضمون الخطاب السلبي الذي شملته الدراسة فكان أكثره ينطوي على إهانات، أو نبرة تمييزية، أو لغة طائفية.
يقرّ الباحثون أنّه، بسبب القيود التي فرضتها طبيعة البيانات التي جُمعت، فإنّ هذه النتائج لا تحاكي بالضرورة حقيقة الخطاب السلبي الذي انتشر أثناء الانتخابات النيابية الأخيرة. وفي الواقع، رغم أنّ الحسابات الرسمية الخاصة بالمرشّحين على وسائل الإعلام الاجتماعي لا تحتوي على خطاب سلبي بحدّ ذاته، إلا أنّ الخطاب السلبي كان منتشراً على وسائل الإعلام الحزبية، خصوصاً من قبل مرشّحي الأحزاب السياسية الرئيسية.
ولم تلحظ هذه الدراسة، بسبب المنهجية التي اتّبعتها، الخطاب السلبي المنشور على المواقع غير الرسمية/الموالية، والصفحات الخاصة بأتباع المرشّحين والشخصيات المؤثّرة، والأعضاء التابعين للأحزاب من غير المرشّحين، وغيرها.
بناءً على ذلك، يجب أن تتبنّى الدراسات المستقبلية مقاربةً أكثر ترابطاً لرصد الخطاب الصادر عن جهات مختلفة، من أجل ضمان فحص شامل للخطاب الانتخابي المنتشر على وسائل الإعلام الاجتماعي أثناء الانتخابات.