شبكة المحمول اللبنانية في المناطق الحدودية: انقطاع وتداخل مع الشبكة السورية

تواصل شبكة الاتصالات المحمولة في لبنان معاناتها مع انقطاع الكهرباء والفيول اللازم لتشغيل مولدات الطاقة الخاصة بها، في وقت أصبح من المألوف أن تخرج الشبكة عن الخدمة في عدد من المناطق، لاسيما تلك الحدودية في البقاع والشمال. وفي المناطق الحدودية، حيث تتداخل الشبكتين اللبنانية والسورية، يلجأ بعض اللبنانيين إلى الاستعانة بخطوط هاتف من سوريا أو أنّ الشبكة السورية تسيطر في ظلّ غياب الشبكة اللبنانية ما يضعهم أمام معضلة خدماتية وأمنية.

ليست المرة الأولى التي يستخدم في سكان المناطق الحدودية شبكات من البلد الآخر، فقبل سنوات كان عدد غير قليل يعتمد على شبكة المحمول السورية بسبب عدم وجود أي شبكة لبنانية أو بسبب ارتفاع أسعار الأخيرة. وبعد نشر الأنتينات والهوائيات لشبكتي الاتصالات اللبنانيتين، حصل اتفاق بين الجانبين اللبناني والسوري على عدم تقدّم إرسال أي شبكة إلى أراضي البلد الآخر، خصوصاً وأنّه في عام 2014 كانت “الاتصالات في لبنان تواجه تحديات تقنية عدة، منها الأمان والسعات والنوعية والتداخل الذي يحدث من شبكة الاتصالات السورية”، بحسب وزير الاتصالات اللبناني آنذاك، بطرس حرب.

عاد استخدام الشبكات وشرائح الهاتف المحمول السورية، خصوصاً بعد قطع السلطات اللبنانية للشبكة في منطقة عرسال في عام 2017. وابتداءً من عام 2020، عاد سكّان المناطق الحدودية على طول الحدود، من البقاع إلى الشمال، إلى الاعتماد على الشبكات السورية بسبب تعطّل الشبكات اللبنانية في الكثير من الأحيان نتيجة شحّ المحروقات وانعدام الصيانة.

لا يتيح الاتصال بالشبكة السورية من الأراضي اللبنانية باقات الإنترنت كما يوضح الشكلان 1 و 2. ولكن مع غياب الشبكة اللبنانية بالكامل في عدد من المناطق والأوقات تتخطى الأيام، يختار المواطنون الحصول على شرائح هاتف سورية للبقاء على اتصال. ومن لا يشتري شريحة سورية، تتّصل شريحته اللبنانية بالشبكة السورية فتفعّل خدمة التجوال الدولي (Roaming)، وهي خدمة مرتفعة التكلفة على صعيد المكالمات العادية والاتصال بالإنترنت.

تغطية شركة "إم تي إن" السورية وتداخلها في الحدود اللبنانية. (الصورة من GSMA)
تغطية شركة “إم تي إن” السورية وتداخلها في الحدود اللبنانية. (الصورة من GSMA)
تغطية شركة "سيرياتل" السورية وتداخلها في الحدود اللبنانية. (الصورة من GSMA)
تغطية شركة “سيرياتل” السورية وتداخلها في الحدود اللبنانية. (الصورة من GSMA)

من الناحية القانونية، لا يمكن لشركات الاتصالات السورية أن تبيع شرائح الهاتف في لبنان، حتّى لو كان إرسالها يدخل إلى الأراضي اللبنانية، وهذا ينطبق على الشركات اللبنانية كذلك التي قد يصل إرسال شبكاتها إلى الأراضي السورية. فلكل بلد قوانينه التنظيمية التي تفرض حصول أي شركة اتصالات على الرخص المطلوبة، وتعتبر أي عمل بخلاف ذلك عملاً غير قانوني. ولكن يشير مصدر في أحد المناطق الحدودية، إلى أنّ بيع شرائح الهاتف لا يحصل بصورة رسمية وليس عبر الشركات، بل يمكن ببساطة لمواطن من داخل الحدود أن يشتري عدداً من الشرائح مسبقة الدفع ثم بيبعها في المقلب الآخر.

بحسب تحليل فريقنا التقني للشبكات، يتبين أنّ كلا البلدين يثبتان أنتينات على الحدود بحيث تخترق قليلاً حدود البلد الآخر، بسبب التداخل الجغرافي الهائل بين البلدين. وإذا اضطرت إحدى الشبكات إلى الحدّ من إرسالها باتجّاه البلد الآخر، فهذا قد يؤثر على الإرسال في البلد الأصلي للشركة وبالتالي على عملاء الشركة في بلدها.

مخاوف أمنية؟

بسبب الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات، ليس من الممكن التأكّد من كيفية عمل شبكات المحمول السورية وما إذا كانت تتضمن أي برمجيات اختراق، أو إذا كانت أي جهة أخرى تشغّل أنتينات مزيّفة تنتحل صفة الشبكات الرسمية، أو حتى الجهات التي تتحكم البيانات والبيانات الوصفية الناجمة عن استخدام الهاتف المحمول، والاتصالات والإنترنت على هذه الشبكة.

وبالتالي، يطرح مصدر تقني تساؤلات عن مدى الأمن لدى الاتّصال بالشبكات في سوريا، خصوصاً من هواتف لبنانية. ويمكن لمشغّلي الشبكة معرفة أنّ الهواتف تتّصل للمرّة الأولى بالشبكة وأنّها تعمل انطلاقاً من لبنان، وذلك سواء بفضل “رقم الهوية الدولية للأجهزة المتنقلة” (IMEI) أو بفضل التأطير الجغرافي أي معرفة مكان المتّصل من الموقع الجغرافي الذي يضم الأنتين الذي يربطه بالشبكة.

الشبكة اللبنانية ليست محمية بالكامل، فلقد سبق أن كُشف عن عدد من التسريبات التي تكشف عدم احترام خصوصية المواطنين وأمنهم. وفيما يلي، عيّنة من الأحداث التي تطال مستخدمي شبكات الاتصالات في لبنان:

الخرائط من موقع “الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول” (GSMA): www.gsma.com/coverage

This page is available in a different language English (الإنجليزية) هذه الصفحة متوفرة بلغة مختلفة

Avatar photo

عبد قطايا

مدير المحتوى الرقمي لدى "سمكس"، ومدرّب في مجال السلامة الرقمية، كما يعمل كصحافي ومترجم مستقل، يهتمّ بالتكنولوجيا والاقتصاد وريادة الأعمال. تابعوه على تويتر @kataya_abd.