تستمرّ شركات التكنولوجيا الكبرى بالتدفّق إلى السوق السورية، لتعيد ما لم يكن متاحاً من خدماتٍ وأجهزة وسلع طوال سنوات مضت بسبب العقوبات. ولكن، لا بدّ من أن يكون السماح لهذه الشركات مشروطاً بوجود أطرٍ قانونيّة محدّثة تنظّم آليات عملها وتضمن إمكانيّة محاسبتها عند الحاجة.
المزيد في هذه النشرة حول أبرز المستجدّات على الساحة الرقميّة في سوريا.
دمشق توقّع اتفاقاً لتفعيل “ماستركارد” في البلاد
وقّع مصرف سورية المركزي مذكرة تفاهم مع شركة “ماستركارد” الأميركية، في 21 أيلول/سبتمبر الجاري، لإدخال أنظمة دفع إلكترونية متطورة إلى السوق السورية. ويشمل الاتفاق تطوير البنية التحتية للمدفوعات، وإصدار بطاقاتٍ محليّة ودولية، وربط المصارف السورية بشبكات الدفع العالمية.
وعلّق خبراء اقتصاديون على هذه الخطوة قائلين إنّ إدخال أنظمة الدفع الإلكتروني يمثّل تطوراً ضرورياً لتحديث القطاع المالي السوري، إلا أنّهم حذّروا من “الإفراط في التوقعات، فالمشكلة ليست تقنية فقط”، وأنّ نجاح التجربة “يتطلّب إصلاحاتٍ تشريعيّة ومصرفية عميقة، إضافة إلى بيئة آمنة للمدفوعات الرقمية، وثقة حقيقية بين المصارف والمستخدمين”.
يُذكر أنّ سوريا خرجت تدريجياً من النظام المالي العالمي، بعد أن شملت العقوبات الأميركية والأوروبية معظم البنوك العامة والخاصة، ما أدّى إلى قطع علاقاتها بمصارف المراسلة الخارجية، وجعل التحويلات المالية عملية معقّدة ومكلفة.
“لا اتصالات” في محافظة الحسكة
انقطعت الاتصالات عن محافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا) والرقّة (شمال سوريا) في نيسان/أبريل 2025 بشكلٍ شبه كامل، وذلك بسبب منع الإدارة الذاتية الشركتين من استخدام الطيف التردّدي “ما لم تدفع الشركتان مليون دولار أميركي”. وقد رفضت الشركتان دفع المبلغ باعتبارهما مرخّصتين أصولاً في سوريا، واعتبرتاه إتاوةً لا يمكن تصنيفها كرسوم تشغيل رسميّة. وسط هذا الفراغ، وُلدت شبكة “آرسيل” (Rcell)، بقدراتٍ وبنية تحتيّة محدودة، لتكون المزوّد الوحيد لخدمات الإنترنت والاتصالات في المنطقة حالياً.
أدّى انقطاع الاتصالات إلى إعاقة خدمات الطوارئ الطبية والاعتماد على “واتساب” لطلب الإسعاف وحجز المواعيد. علاوة على ذلك، واجهت المراكز التي تعتمد على توزيع خدمات الاتصالات خسائر اقتصادية كبيرة،
إذ كان اعتمادهم/ن الأساسي على خدمات تعبئة الرصيد التي لم تعد موجودة. وأخيراً، أدّى القطع إلى تعطّل الخدمات المالية، ما منع الموظفين/ات من سحب رواتبهم/ن عبر البريد.
“سامسونغ” تعود إلى سوريا
أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات اليوم عودة شركة “سامسونغ” العالمية إلى السوق السورية، وذلك خلال حفل أقيم في دمشق،” في خطوة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية الرقمية وتوفير أحدث تقنيات الاتصالات والتحول الرقمي”، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا).
من جانبه، أكد المدير التنفيذي لـ”سامسونغ” في المشرق العربي أنّ الشركة “مستمرّة في توسيع استثماراتها ومشاريعها”، معبّراً عن حرصها على أن تكون سوريا مركزاً إقليمياً للاتصالات والتحول الرقمي.
وكانت الوزارة قد أعلنت في وقت سابق إتاحة منتجات “آبل” (Apple) ومتجر التطبيقات الرسمي في سوريا.
في ظلّ عودة شركات التكنولوجيا العملاقة إلى سوريا، يبقى السؤال: كيف ستتعامل السلطات مع الشركات الوافدة في ظلّ غياب الأطر القانونيّة المحدّثة لتنظيم عمل الشركات الأجنبيّة ومحاسبتها؟ وكيف تعتزم جعل سوريا “مركزاً إقليمياً للاتصالات والتحول الرقمي” فيما تستمرّ بقطع الإنترنت عمداً في أوقات الأزمات؟
الحكومة السورية توقع اتفاقاً لاستيراد الإنترنت من الأردن
أعلن وزير الاتصالات والتقانة في سورية، عبد السلام هيكل، أواخر آب/أغسطس الماضي، عن اتفاق لتوريد الإنترنت من الأردن، وذلك في خطوة تسبق اكتمال مشروع “سيلك لينك” في سوريا.
وأوضح هيكل أن الاتفاق جاء عقب زيارة إلى الأردن ولقاء مع وزير الاقتصاد الرقمي والريادة سامي سميرات، مشيراً إلى أن التوريد سيبدأ خلال أسابيع بعد الانتهاء من إصلاح الكابل الضوئي الممتد من منطقة نصيب (جنوب غربي البلاد) إلى دمشق بهدف تحسين سرعة الإنترنت.
وكان الوزير هيكل قد أعلن في أيار/مايو عبر “إكس” عن مشروع “سيلك لينك” (Silk Link) الذي يهدف إلى إنشاء شبكة ألياف ضوئية واسعة، تضع سورية على الخريطة الرقمية العالمية ممراً استراتيجياً لحركة البيانات بين آسيا وأوروبا.
الصورة الرئيسية من AFP.