النساء والأقليات والمدافعون/ات عن حقوق الإنسان: أكثر الفئات استهدافاً على الإنترنت
تقدّم “منصّة دعم السلامة الرقمية” في “سمكس” الدعم للنشطاء والصحافيّين/ات والفئات المهمّشة والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان الذين يواجهون حوادث مرتبطة بالأمن الرقمي وتهديداتٍ عبر الإنترنت في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا. ونعمل بشكل مباشر مع الأفراد المتضرّرين لمعالجة حالات تعليق الحسابات، والكشف عن المعلومات الشخصية (doxing)، والابتزاز الجنسي، وأشكال أخرى من العنف السيبراني، بالإضافة إلى قضايا متعلّقة بالإشراف على المحتوى وغيرها.
وعلى غرار منصّات الدعم الأخرى المشابهة، ازدادت مهمّة “سمكس” صعوبةً في العام 2025، إذ واجهنا أوقات استجابة أطول وعدداً أقل من الحلول المرضية من منصّات التواصل رداً على طلباتنا.
حتّى الآن، تلقّينا خلال هذا العام القضايا التالية:
- 279 قضية من مدافعين/ات عن حقوق الإنسان حُذف محتواهم من قبل منصّات التواصل الاجتماعي.
- 180 قضية من صحافيّين/ات، معظمهم ينشرون معلومات حول الحرب على غزّة ويواجهون انتهاكات لحرّيتهم في التعبير تؤثّر على عملهم.
- 214 قضية مرتبطة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت.
- 14 قضية انتحال شخصيّة عن طريق الحسابات أو مضايقات في المحادثات عبر تطبيقات “واتساب” و”فيسبوك ماسنجر” (Facebook Messenger).
كذلك، أبلغنا عن أكثر من 100 قضية تتعلّق بالمعلومات المضلّلة والتحريض والكشف عن المعلومات الشخصية على خلفية الهجمات في السويداء في شهر تموز/يوليو.
تراجع استجابة شركات التواصل الاجتماعي
واجهنا تحدّياتٍ خاصة في حلّ القضايا على منصّات شركة “ميتا”. فمنذ بداية هذا العام، لم تعُد الشركة تعتبر انتحال الشخصية انتهاكاً يستوجب المعالجة، بل تردّ على هذه الحالات بنموذج يُطلَب من المستخدمين/ات ملؤه، وإمّا أن يُفضي ذلك إلى نتيجة غير كافية أو لا يُتّخذ أيّ تدبير على الإطلاق. وقد تعاملنا مع العديد من حالات انتحال الشخصية واالابتزاز، وهو أمر قد يلحق ضرراً بالغاً بالنساء في المنطقة.
ورفضت الفرق التي تواصلنا معها أخذ خطورة هذه الحالات على محمل الجدّ، وأنهت تواصلها معنا برسالة نمطيّة تفيد بأنّ خطر الضرر الوشيك على المستخدمين/ات في تقاريرنا “غير واضح”.
وفي معظم الأحيان، تُحلّ القضايا في نهاية المطاف، ولكن قد تصل مدة الاستجابة إلى 14 يوماً، مع قرارات سلبية أحياناً، ما يعرّض النساء بشكلٍ خاص للخطر. ويُذكَر أنّنا لم نتلقَّ أيّ ردّ على الإطلاق بشأن عددٍ من هذه القضايا.
من جهة أخرى، شهدنا في الأشهر القليلة الماضية ارتفاعاً مقلقاً للغاية في خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة المتعلّقة بسوريا. وكما كنّا نخشى، فإنّ منصّات مثل “ميتا” و”يوتيوب” لا تشرف على المحتوى في السياق السوري بفعالية، إذ تفشل في رصد خطاب الكراهية المُضمَر، وفي الوقت نفسه تواصل وعن غير حقّ إزالة المحتوى المرتبط بحقوق الإنسان.
أما منصّة “تلغرام”، التي تُعتبر منبعاً للمحتوى التحريضي الذي يُترجَم إلى عنفٍ على أرض الواقع، فما زالت غير متجاوبة مع المجتمع المدني. وتظلّ “تلغرام” المنصّة الأساسية للتواصل في سوريا، وتبدو وكأنّها ملاذٌ آمن لهذا النوع من المحتوى الضار. وتشير تقارير أخرى عن حسابات وأنشطة تم تعليقها على خلفيّة مطالباتها بمحاسبة النظام الجديد على أعمال العنف التي وقعت خلال الشهرين الماضيين.
شهدنا أيضاً إخفاق العديد من المنصّات في التعامل مع خطاب الكراهية الخطير وانتهاكات الخصوصية الموجّهة ضد المدافعات النسويات عن حقوق الإنسان. ولا تزال سياسات تلك المنصّات في هذا الشأن غير فعالة بما يكفي، وتميل في الوقت نفسه إلى السماح بهذا المحتوى باسم “حرّية التعبير”. وغالباً ما ترفض تلك المنصّات طلبات “منصّة دعم السلامة الرقمية” عندما تتعلّق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت.
ونعتقد أنّه ليس من قبيل المصادفة أن تتصاعد بعض المشاكل القديمة في ظلّ ضعف سياسات مكافحة خطاب الكراهية وتسريح أعداد كبيرة من الموظفين، بمن فيهم المشرفون على المحتوى وأعضاء فرق “الثقة والسلامة” (Trust and Safety). وقد فقدت منصّة “إكس” (X) السيطرة على خطاب الكراهية قبل بضع سنوات، في حين غيّرت “ميتا” و”يوتيوب” سياساتهما للسماح بمزيد من المحتوى المليء بالكراهية، ويشمل ذلك، على الأرجح، التحريض على العنف.
وقد صرّحت “ميتا” عن هذا الأمر علناً في كانون الثاني/يناير، إذ غيّرت سياساتها للإبقاء على خطاب الكراهية ضد المتحوّلين/ات جنسياً، وقلّلت من الحماية المقدَّمة للمهاجرين/ات والنساء. أما منصّة “يوتيوب”، فأجرت تغييراتٍ سرّية في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، إذ وجّهت المشرفين على المحتوى إلى ترك قدرٍ أكبر من المحتوى المنشور بحجّة “المصلحة العامة”، بما في ذلك النقاشات حول النساء والمهاجرين/ات والمتحوّلين/ات جنسياً.
في الأشهر المقبلة، ستواصل “منصّة دعم السلامة الرقمية” في “سمكس” إيلاء هذه القضايا اهتماماً وثيقاً، والدفاع عن المجتمعات المتضرّرة كما دأبت على ذلك دائماً.
الصورة الرئيسية من AFP.