بيان صحافي
28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
قال “تحالف حرية الرأي والتعبير في لبنان” اليوم إنّ لجنة الإدارة والعدل في مجلس النوّاب اللبناني على وشك اختتام مناقشاتها خلف الأبواب المغلقة حول قانون جديد للإعلام، من شأنه، إذا أقرّته الهيئة العامّة للمجلس النيابي في صيغته الحالية، أن يحدّ بشدّة من حريتَيْ التعبير والصحافة في لبنان وأن يقوّض ضمانات أساسية لحقوق الإنسان.
تتضمّن المسوّدة الأخيرة لاقتراح القانون التي راجعها أطراف التحالف، العديد من الأحكام المثيرة للقلق التي من شأنها خنق حريتَيْ التعبير والصحافة. ويؤيّد القانون العقوبات الجزائية، وفي بعض الحالات يزيد من عقوبات السجن والغرامات على القدح والذم. وفي السنوات الأخيرة، استخدمت السلطات اللبنانية قوانين القدح والذم بشكل متزايد لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وغيرهم من المنتقدين السلميين. كما يُبقي مشروع القانون على عقوبات بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات بتهمة تحقير “الأديان المعترف بها”.
ورفض رئيس لجنة الإدارة والعدل طلبات أعضاء التحالف لحضور الجلسات المغلقة والمشاركة في المناقشات حول مشروع القانون.
وقال تحالف “حرية الرأي والتعبير في لبنان”: “إنّه لأمر مقلق للغاية أن تتم مناقشة مشروع القانون وراء الأبواب وأن يتمّ إخفاؤه عن التمحيص العام، في وقت اتّجهت فيه الأضواء نحو الهجوم الإسرائيلي المستمر في جنوب لبنان منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول – والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 14 مدنيًا، من بينهم 3 صحافيين. إذا أقرّه المجلس النيابي في شكله الحالي، سيكون القانون المقترح نكسةً خطيرةً لحرية التعبير في لبنان في ظلّ بيئة تُستخدم فيها قوانين القدح والذم فعليًا لمضايقة وترهيب الصحافيين وغيرهم من الأفراد الذين ينتقدون السلطات”.
“يشكّل عدم إشراك المجتمع المدني اللبناني في المناقشات حول القانون خطرًا حقيقيًا، إذ قد يمنح هذا الأخير السلطات حرية تامة لمضايقة المنتقدين السلميين وترهيبهم وإسكاتهم، ويكرّس بيئة الرقابة. ويجب على السلطات اللبنانية أن تمتنع على وجه السرعة عن الموافقة على مشروع القانون المذكور، وأن تعدّل جميع أحكامه بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
ومن المقرر أن يحلّ التشريع الوشيك محلّ قانون المطبوعات الحالي لعام 1962 وقانون الإعلام المرئي والمسموع لعام 1994. وقالت لجنة الإدارة والعدل، المسؤولة عن التداول بشأن مشروع القانون، إنّها تراجعه في ضوء التعليقات التي اقترحتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالشراكة مع وزارة الإعلام في عام 2023. ووفقًا لمعلومات موثوقة تمت مشاركتها مع التحالف، رُفضت اللجنة التعديلات التي أوصت بها اليونسكو على المواد التي صوّتت عليها. ومن المقرر أن تناقش اللجنة المواد المتبقية من مشروع القانون في الأسابيع المقبلة وتصوّت عليها، بما في ذلك التعديلات المقترحة من قبل اليونسكو والتي من شأنها إلغاء عقوبات السجن بتهم القدح والذم والتحقير.
التشهير لا يزال جريمة
سجّل “التحالف من أجل حرية التعبير“ زيادة في الملاحقات القضائية التي تستهدف الصحافيين والنشطاء وغيرهم من منتقدي الحكومة في السنوات الأخيرة. وقد استُخدمت قوانين القدح والذم مرارًا وتكرارًا كتكتيك لترهيب الأفراد الذين ينتقدون السلطات والحدّ من قدرتهم على العمل بشكل مستقلّ والإبلاغ بحرية عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من القضايا الحقوقية. مؤخرًا مثلًا، حكمت محكمة في يوليو/تموز على الصحافية ديما صادق بالسجن لمدة عام وتغريمها 110 ملايين ليرة لبنانية (أي ما يعادل حوالي 1.200 دولار أميركي بسعر السوق) بتهم إثارة النعرات الطائفية والقدح والذم بعد أن انتقدت أعضاء حزب سياسي على موقع “إكس“ (تويتر سابقًا).
يحافظ القانون المقترح على تجريم القدح والذم والتحقير بحق رؤساء الدول ويفرض عقوبات جديدة على التشهير ضدّ السفراء والبعثات الدبلوماسية في لبنان. ويمكن أن يؤدي القدح والذم والتحقير بحق الرئيس اللبناني أو رئيس أجنبي إلى السجن بين ستة أشهر وسنتين و/أو غرامة تتراوح بين 10 إلى 20 ضعف الحد الأدنى للأجور، في رفعٍ لعقوبة الحد الأدنى للسجن التي يحدّدها قانون المطبوعات الحالي بشهرَيْن. ويحتفظ النائب العام بسلطة الادّعاء ضدّ الأفراد المشتبه فيهم بالتحقير أو بالتشهير بالرئيس، حتى من دون شكوى شخصية منه. ولا تعتبر الحقيقة دفاعًا فاصلًا في جرائم القدح والذم ضدّ رؤساء الدول.
كما يبقي مشروع القانون على عقوبات بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات و/أو غرامات تتراوح بين 10 و20 ضعف الحد الأدنى للأجور عند نشر “ما يتضمن تحقيرًا لإحدى الديانات المعترف بها في لبنان أو ما كان من شأنه إثارة النعرات الطائفية، أو تعكير السلامة العامة، أو تعريض سلامة الدولة، أو سيادتها، أو وحدتها، أو حدودها أو علاقة لبنان الخارجية للمخاطر”. يطرح المشروع أيضًا حكمًا جديدًا يقضي بعقوبة مضاعفة عتد تكرار المخالفة.
وتؤكد المعايير الدولية لحماية الحق في حرية التعبير، الملزمة للبنان، على الحاجة إلى إلغاء القوانين التي تسمح بالسجن بسبب الانتقاد السلمي للأفراد، بمن فيهم الأفراد الذين يمارسون أعلى سلطة سياسية مثل رؤساء الدول والمسؤولين الحكوميين.
كما يُقيّد اقتراح القانون حقوق الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها بحرية، لأنه ينصّ على وجوب وجود نقابة صحافية واحدة. علاوة على ذلك، يعيق اقتراح القانون وصول الشعب إلى المعلومات الهامّة من خلال حظر نشر محاضر الجلسات الحكومية، وقرارات اللجان البرلمانية، والتحقيقات التي تجريها إدارة التفتيش المركزي والتفتيش الإداري. كما يفرض رسومًا باهظة ومتطلّبات ترخيص مرهقة على وسائل الإعلام، الأمر الذي من شأنه أن يخنق حرية التعبير في البلاد.
يدعو التحالف مجلس النوّاب إلى جعل المناقشات التشريعية في اللجان البرلمانية علنية ومفتوحة، وإتاحة المجال للمجتمع المدني بتقديم ملاحظاته بشكل خاص حول مشروع قانون الإعلام، وضمان أن يفي قانون الإعلام الجديد بالمعايير الدولية، بما في ذلك من خلال:
- إلغاء جميع المواد التي تُجرّم التحقير، بما في ذلك الموجّه إلى رؤساء الدول، المؤسّسات العامّة والجيش والمسؤولين الحكوميين والأمنيين؛
- إلغاء أي أحكام تفرض عقوبات جزائية على الذم والقدح واستبدالها بأحكام مدنية وضمان أن تكون التعويضات الممنوحة متناسبة تمامًا مع الضرر الفعلي الناجم؛
- النص على أن تكون الحقيقة الدفاع الفاصل في قضايا القدح والذم، بغض النظر عن الشخص المستهدف. وفي قضايا المصلحة العامّة، يكفي أن يكون المدّعى عليه قد تصرّف بالعناية الواجبة لإثبات الحقيقة؛
- عدم منح الشخصيات العامّة، بمن فيهم الرئيس، حماية خاصّة من القدح والذم أو التحقير. لا يكفي مجرّد اعتبار أشكال التعبير مهينة لشخصية عامّة لتبرير فرض عقوبات. جميع الشخصيات العامّة عرضة للانتقاد والمعارضة السياسية بشكل شرعي، ويجب أن يعترف القانون صراحةً بالمصلحة العامّة في انتقاد الشخصيات والسلطات العامّة.
- حصر التجريم بالتصريحات التي ترقى إلى الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكّل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف. ويجب أن يحدد القانون بوضوح المقصود من بكل من هذه المصطلحات، بالاستعانة بـ “خطة عمل الرباط” كدليل توجيهي؛
- احترام مبدأ حرية التجمع النقابي للصحافيين وإلغاء حصرية نقابة محرري الصحافة وجميع متطلّبات الحصول على ترخيص مسبق للمطبوعات. ويجب ألّا تكون رسوم وشروط تخصيص الترددات لوسائل البث باهظة ومرهقة، وأن تكون معايير تطبيق هذه الشروط والرسوم معقولة وموضوعية وواضحة وشفافة وغير تمييزية.
- تعيين أعضاء الهيئة الناظمة المستقلّة لوسائل الإعلام، التي ستشرف على عمل قطاع الإعلام وتنظّمه، على أساس معايير شفافة بمشاركة المجتمع المدني.
خلفية
بدأ مجلس النوّاب اللبناني مناقشات حول اقتراح لتعديل قانون المطبوعات القديم، قدّمه في البداية النائب السابق غسان مخيبر ومؤسّسة مهارات غير الحكومية التي تتّخذ من بيروت مقرًا لها، والمتخصّصة في قضايا الإعلام وحرية التعبير، في عام 2010. وتمّ تجاهل التعديلات العديدة التي اقترحتها منظمات المجتمع المدني المختلفة لمواءمة القانون مع المعايير الدولية.
الجهات الموقّعة:
تجمّع نقابة الصحافة البديلة
الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات
رصيف 22
سمكس
المركز اللبناني لحقوق الإنسان
المفكرة القانونية
منظمة إعلام للسلام (ماب)
منظمة العفو الدولية
مؤسسة سمير قصير
مؤسسة مهارات
منّا لحقوق الإنسان
موقع درج
نواة للمبادرات القانونية
هيومن رايتس ووتش