موجّهة إلى: محمّد شياع السوداني، رئيس وزراء جمهورية العراق؛
مكتب رئيس الوزراء
نسخة موجّهة إلى: ابراهيم الجبوري، وزير التربية والتعليم؛
هيام الياسري، وزيرة الاتّصالات
معالي رئيس مجلس الوزراء محمّد شياع السوداني
نحن الموقّعون أدناه، منظّمات المجتمع المدني وأعضاء تحالف #KeepItOn – وهو عبارة عن شبكة عالميّة تضمّ أكثر من 300 منظّمة من 105 دولة تعمل على إنهاء عمليّات حجب الإنترنت – نكتب إليكم لنناشدكم وجميع السلطات ذات الصلة، للانضمام إلينا في معركة الدفاع عن حقوق الإنسان من أجل كلّ الناس في العراق والالتزام في جلسة مجلس الوزراء المقبلة بعدم #قطع_الإنترنت #KeepItOn في خلال الامتحانات المقرّر إجراؤها الشهر المقبل.
تُعدّ العراق واحدة من مجموعة صغيرة من البلدان التي لجأت مرارًا وتكرارًا إلى حجب الإنترنت كوسيلةٍ لمنع عمليات الغشّ أو التسريب أثناء الامتحانات المدرسيّة. ووفقًا لمكتب مفوّضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، فإنّ عمليات قطع الإنترنت المتعلّقة بالامتحانات، والتي غالبًا ما تجري على صورة “حجب شامل”، تؤدّي إلى “عواقب غير مقبولة على حقوق الإنسان ولا ينبغي فرضها أبدًا“. منذ سنوات ونحن ندعو الحكومة العراقية إلى إنهاء هذه الممارسة القمعيّة وغير المبرّرة، ولهذه الغاية، رحّبنا بشدّة بالقرار الجريء لوزارة الاتّصالات الذي يرفض الطلب المقدّم من وزارة التربية والتعليم لفرض حجب على الإنترنت خلال امتحانات الشهادة الثانوية المقرّر إجراؤها في حزيران/يونيو 2023. غير أنّنا قلقون أيضًا حيال البيان الأخير لوزير التربية والتعليم، والذي اعتبرت في الوزارة أنّ عمليّات حجب الإنترنت “خطوة إيجابية” و”إجراء احترازيّ ضروريّ مُتّبع في الكثير من دول العالم” في أثناء الامتحانات.
في حين يستعدُّ مجلس الوزراء العراقي للاجتماع ومناقشة هذا الإجراء يوم الثلاثاء 23 أيار/مايو، نودّ أن نلفت نظركم إلى أنّه بالكاد تتوفّر أدلّة تُثبت أنّ حجب الإنترنت فعّال حقًّا في منع الغشّ في الامتحانات، والأغلبية الساحقة من البلدان حول العالم تنجح في إجراء الامتحانات الوطنية من دون اللّجوء إلى هذا الإجراء الغاشم. ففي السنوات القليلة الماضية شهدنا عمليات تسريب متعدّدة لأسئلة الامتحانات في خلال فترات الامتحانات الرسميّة في العراق على الرغم من فرض حجب على الإنترنت، ممّا يُبرهن أنّ هذه الوسيلة لا تحافظ بشكلٍ فعّال على نزاهة الامتحانات الوطنية. ولكن تبرز أدلّة هامّة على الأضرار التي يُسبّبها قطع الإنترنت. إذ تأثّر الأفراد والشركات في العراق بهذا الإجراء غير الملائم الذي حرم ملايين الأشخاص من القدرة على ممارسة حقوقهم الأساسية. تتضرّر الشركات والاقتصاديّات عندما يُحجَب الإنترنت. فبين تمّوز/يوليو 2015 وحزيران/يونيو 2016، خسر العراق أكثر من 209 ملايين دولار أميركي في النمو الاقتصادي بسبب عمليات قطع الإنترنت في البلاد. يتّسم حجب الإنترنت، حتى لفترة وجيزة في خلال الامتحانات، بعواقب بعيدة المدى على الاقتصاد الوطني العراقي ويؤدّي إلى تضرّر الناس في جميع أنحاء البلاد بشكل غير مبرّر.
وقد تجلّى هذا التأثير السلبي بشكل أكبر مع قيام الحكومة العراقية برقمنة خدماتها ومعاملاتها – والتي تتوقّف جميعها كلّ عام أثناء حجب الإنترنت المرتبط بالامتحانات. في كلّ عام، يُشارك الناس عبر العراق على وسائل التواصل الاجتماعي قصصهم الشخصية حول كيفية تأثّرهم بمثل هذا الإجراء. تتأثّر الأعمال والشركات الناشئة وتطبيقات النقل والمصارف وعمّال التوصيل والأشخاص العاملين في كافّة المجالات والذين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي غير المقيّدة والوصول إلى الإنترنت في عملهم وهم “غير قادرين على تأدية عملهم“.
يُشكّل التدخّل في الاتّصال بالإنترنت للحدّ من قدرة الأشخاص على التواصل والتعبير عن نفسهم والوصول إلى المعلومات الضرورية في أثناء حالات الطوارئ والأزمات انتهاكًا للحقّ الأساسي في حريّة التعبير، على النحو المبيّن في المادّة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية. إلى ذلك، يُدين المجتمع الدولي بشدّة عمليات حجب الإنترنت، كما يرِد في قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رقم 47/16 الذي يدين “استخدام عمليات حجب الإنترنت لمنع أو تعطيل الوصول إلى المعلومات أو نشرها عمدًا وتعسّفًا”. في تقرير حديث عن حجب الإنترنت، يسلّط مجلس حقوق الإنسان الضوء على الاتّجاهات والأسباب والتداعيات القانونية والتأثيرات على مختلف حقوق الإنسان، ويحثّ السلطات على عدم فرض حجب على الإنترنت. هذا وشدّدت مفوّضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان على أنّ “قطع الإنترنت يُلحق أضرارًا لا تُحصى، من الناحيتين المادية والحقوقية” في حين أنّ “التكاليف على الوظائف والتعليم والصحّة والمشاركة السياسية تتجاوز دائمًا أيّ فائدة مرجوّة”.
تسمح المادّة 4 من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية للدول “أن تتّخذ تدابير لا تتقيّد بالالتزامات المترتّبة عليها بمقتضى هذا العهد في أضيق الحدود التي يتطلّبها الوضع”. ووفقًا للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتّحدة، يجب أن يعكس هذا المطلب “مبدأ التناسب المشترك في حقّ عدم التقيّد والتقييد”. بتعبير آخر، “يجب أن يكون أي إجراء لعدم التقيّد ضروريًا للتعامل مع الحالات التي تُهدّد حياة الأمّة فحسب ويكون متناسبًا مع طبيعتها ومداها“. يؤثّر حجب الإنترنت بشكل غير متناسب على جميع المستخدمين ويُقيّد من دون مبرّر الوصول إلى المعلومات وخدمات الاتّصال في حالات الطوارئ خلال اللّحظات الحرجة، مما يجعله “تلقائيًا غير متناسب”.
ونظرًا لتاريخ العراق في استخدام عمليات حجب الإنترنت خلال أوقات أخرى ذات أهميّة وطنيّة، بما في ذلك خلال الاحتجاجات، فإنّنا نوجّه إليكم نداءً عاجلًا للالتزام بشكل صارم بـ#عدم_قطع_الإنترنت في جميع الأوقات، ووضع حدّ لهذه الممارسة المتطرّفة، وغير الفعّالة، بالإضافة إلى ضمان أن يتمتّع الشعب العراقي بوصول آمن ومفتوح وحرّ إلى الإنترنت أثناء الامتحانات.
نحن بتصرّفكم وبتصرّف المكتب الخاصّ بكم لإجراء المزيد من المناقشات حول هذا الموضوع، أو الإجابة عن أسئلتكم، أو تقديم الدعم في الانتقال من ممارسة حجب الإنترنت إلى اعتماد البدائل التي تحترم الحقوق بشكل أكبر.
نحثّكم بشدّة على الوفاء بالتزامات العراق المتعلّقة باحترام حقوق الإنسان واتّخاذ قرار ضدّ استخدام عمليات حجب الإنترنت في أثناء الامتحانات.
التواقيع
منظّمة “أكسس ناو” (Access Now)
منظّمة “سمكس” (SMEX)
“جمعية الإنترنت” (ISOC)
شبكة “إنسم” للحقوق الرقمية في العراق (INSM)