يستمرّ المواطنون/ات اللبنانيون، خصوصاً في خارج البلاد، في الإبلاغ عن اتّصالات تردهم على الهواتف والبريد الإلكتروني من قبل الأحزاب والمجموعات السياسية قبيل موسم الانتخابات النيابية في عام 2022 وإثر تسجيلهم في قائمة الناخبين. وهو ما يُعتبر انتهاكاً صريحاً للقوانين اللبنانية والدولية بالرغم من الملاحظات الكثيرة حولها.
يتّسم سلوك السلطات اللبنانية بعدم احترام خصوصية المواطنين وبياناتهم الشخصية، وهو ما وثّقناه في دراسات ومقالات مختلفة. ولم تحاسب السلطات آنذاك أيّ مسؤول عن تسريب هذه البيانات برغم فداحة الأمر وخطورته، ما قد يفسّر تكرار الأمر ذاته بعد 4 سنوات.
كما أنّ قانون الانتخابات المعتمد في عام 2018 وعام 2022 لا يتضمن أي معايير لحماية بيانات الناخبين، لا سيما المغتربين منهم، بل على العكس يطلب في المادة 115 نشر وتعميم قوائم الناخبين للتأكّد من تطابقها مع سجلات الأحوال الشخصية. وهذا يُعتبر خرقاً فاضحاً لخصوصية الناخبين.
“قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي”، في المادة 32 من الباب الثاني، يمنع “الترويج والتسويق غير المستدرجين ما لم يكن الشخص قد وافق مسبقاً على هذا النوع من الإعلان”.
وتشير المادة 87 من القانون نفسه إلى أنّ “البيانات يجب أن تكون ملائمة وغير متجاوزة للأهداف المعلن عنها”، كما يمنع في مرحلة لاحقة “معالجة هذه البيانات لأهداف لا تتوافق مع الغايات المعلنة” – وهي هنا التواصل مع الناخبين لأهداف خاصة.
عبّر بعض المواطنين/ات في لبنان قبل أيام عن استغرابهم/ن من وصول رسائل إلكترونية إلى عناوينهم/ن البريدية من مجموعات سياسية مختلفة، علماً أنّهم/ن لم يسبق أن شاركوا عناوين البريد الإلكتروني مع المؤسسة.
وكانت المعلومات الشخصية تسرّب من السفارات اللبنانية في الخارج إلى أطراف مختلفة منذ انتخابات 2018، وذلك على إثر عملية تسجيل الناخبين في بلاد الاغتراب. ومن أشكال التسريب الغريبة كانت إتاحة لوائح الناخبين المسجلين في الرسائل الإلكترونية التي وصلت إلى الجمهور، ووضع عناوين البريد الإلكتروني مكشوفة بصيغة CC.
نطالب السلطات اللبنانية والهيئات الحكومية والأحزاب والجمعيات السياسية بعدم استغلال بيانات المواطنين/ات ومعلوماتهم/ن سواء داخل لبنان أو خارجه والإبلاغ عن أيّ جهة تبيع أو تستغلّ هذه البيانات، وفقاً للقوانين اللبنانية المرعية الإجراء.
ويمكن للمواطنين المتضرّرين التقدّم بدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة للنظر في قضية تعرّض بياناتهم الشخصية للتسريب والاستغلال “لأهداف لا تتوافق مع الغايات المعلنة” وفق قانون “المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي”.