فشلت استجابة الحكومة اللبنانية للجائحة بسبب عدم اعتماد استراتيجية بشكل عام، وهو ما فاقمته الأزمة الاقتصادية وسوء معالجة البيانات، وسوء توزيع المساعدات للمواطنين. لم يؤثر إطلاق تطبيق «معاً» بشكل ملحوظ في استجابة قطاع الصحة العامة للجائحة، فقد برزت عيوب في عملية طرح التطبيق ومشاكل تقنية فيه، فضلاً عن بقاء قاعدة مستخدمي التطبيق محدودة.
في 1 أيلول/سبتمبر 2020، طرح لبنان تطبيق تتبّع مخالطي مرضى كورونا «معاً ضد الكورونا» الهادف إلى الحدّ من انتشار فيروس كوفيد-19، الذي تفشّى بوتيرة سريعة منذ أن عاود البلد فتح المطار وأنهى الإغلاق الشامل الممتد على أربع مراحل في بداية تموز/يوليو. يهدف هذا التقرير إلى تقييم استجابة الحكومة اللبنانية للجائحة، وأثر ذلك على الرقابة الاجتماعية والإقصاء الاجتماعي، مع التركيز على تطبيق «معاً» وغيره من المنصات الإلكترونية التي أطلقتها الحكومة. يدقّق التقرير في أثر التطبيق والمنّصات المختلفة الأخرى في إطار استجابة لبنان لجائحة كوفيد-19، ولا سيما قرار الحكومة إغلاق البلاد، جزئياً وكلّياً في خلال الجائحة. وفي تحليلنا أثر الاستجابة للجائحة على صعيد الإقصاء الاجتماعي، راقبنا آثار الإغلاق الشامل والتدابير الأخرى على اللاجئين، وخصوصاً اللاجئين السوريين.
في بعض الحالات لجأت الحكومة اللبنانية إلى عمليات الإغلاق الشامل كطريقة لمنع الاحتجاجات المناهضة لها، غير أنّ الإغلاق الشامل الأخير أثار حفيظة المحتجّين، بسبب عجز الحكومة عن دعم المواطنين بفعالية بالتزامن مع تدهور الوضع الاقتصادي واستمرار التحركات الرافضة للفساد المتفشّي. علاوة على ذلك، شكّل إعلان حالة الطوارئ في إطار الاستجابة لانفجار مرفأ بيروت في آب/أغسطس 2020 تهديداً بارزاً لحقوق الناس وحرياتهم. وفي حين لا يشكّل تطبيق «معاً» أو أيّ من المنصات الإلكترونية الأخرى التي أطلقتها الحكومة تهديدات خطيرة في ما يتعلّق بفرض المزيد من الرقابة الاجتماعية، غير أنّ كلّ هذه التطبيقات والمنصات تهدّد خصوصية المستخدمين. لم يُفرَض تطبيق «معاً» على أيّ فئة سكانية في لبنان، على عكس تطبيقات تتبّع مخالطي مرضى كورونا الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع ذلك، فإنّ المنصات الأخيرة، ولا سيما تلك التي فرضت على المواطنين تقديم طلبات للتنقل في فترة الإغلاق الشامل، قد تزيد من الرقابة الاجتماعية.
طُبّقت تدابير الإغلاق الشامل أيضاً بشكل غير متساوٍ على اللاجئين السوريين، وازداد الوضع سوءاً نتيجة الأزمة الاقتصادية. لم تستخدم الغالبية العظمى من اللاجئين تطبيق «معاً» الذي لم يفرض بدوره قيوداً على حركتهم، نظراً إلى أنّ استخدامه لم يكن إجبارياً. ولكنّ المنصات الأخيرة لطلب إذن التنقل في فترة الإقفال العام والتسجيل للحصول على اللقاح، شكّلت تهديداً أكبر بالإقصاء.
أخيراً، لا يمكن تقييم استجابة الحكومة للجائحة في حالة الفراغ التي يشهدها البلد، فغالباً ما كان للاحتجاجات التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 والانهيار الاقتصادي الذي بدأ قبل الجائحة دورٌ أكبر في التأثير في قرارات الحكومة.
الخلاصة والتوصيات
عقب انفجار بيروت، أطلقت الحكومة تطبيق «معاً» لتتبّع مخالطي مرضى كورونا، ولكنّه لم يُستخدَم على نطاق واسع ولم يحدّ من انتشار المرض. وبينما طرح التطبيق بعض الهواجس المرتبطة بالخصوصية، من المستبعد أن يصبح أداة مراقبة نظراً إلى أنّ الحكومة أطلقت منصات إلكترونية جديدة للسماح للناس بالتنقل في خلال الإغلاق الشامل والحصول على اللقاحات. تجمع هذه الأدوات الجديدة التي طوّرتها منصة «إمباكت» المزيد من المعلومات القابلة لتحديد الهوية الشخصية في حين تفشل في اعتماد مقاربة تهدف إلى مراعاة الخصوصية منذ مرحلة تصميم التطبيقات. وبينما وضعت منصة «إمباكت»، التي تعتبر عملاً تعاونياً بين القطاع الخاص والحكومة، تدابير تراعي الخصوصية والسلامة بعد تسليط الضوء على مواطن الضعف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طرح النشر السريع بعض الهواجس.
وعليه، نودّ أن نقدّم التوصيات الآتية.
حول استجابة قطاع الصحة العامة:
- وضع استراتيجية وطنية واضحة لتحسين عملية مكافحة فيروس كوفيد-19 والتخفيف منه
- تحسين الممارسات الخاصة بمشاركة البيانات بين مختلف الكيانات الحكومية مع احترام الحقّ في الخصوصية
- تقديم المزيد من المساعدات للناس المحتاجين بطريقة أكثر فعالية والحدّ من دور الجيش
- توثيق التعاون والتنسيق بين القطاعَين العام والخاص بشأن تحضير المستشفيات
- تحسين الدعم للعاملين في مجال الرعاية الصحية
- خفض كلفة اختبارات كوفيد-19
- تعزيز قدرة وحدة الترصّد الوبائي
- تحسين التواصل عبر وسائل الإعلام.
حول التطبيقات والتكنولوجيا لمكافحة الجائحة:
- تطوير التطبيقات مع أخذ الخصوصية في الاعتبار منذ مرحلة التصميم
- إلغاء طلبات بيانات الموقع من أيّ تطبيقات تتبّع للمخالطين
- نشر المزيد من السياسات المفصَّلة باللغتين العربية والإنكليزية وتسمية أيّ جهات خارجية يمكنها الوصول إلى البيانات بصراحة
- استشارة الأكاديميين والمجتمع المدني أثناء تطوير هذه التطبيقات
حول إمكانية الإقصاء الاجتماعي:
- إنشاء وسائل بديلة وغير رقمية من أجل طلبات التنقل والتسجيل لأخذ اللقاح
- تطبيق الإغلاق الشامل بالتساوي في جميع أنحاء البلاد
لتحميل التقرير كاملاً، يرجى النقر هنا.