الصورة الرئيسية: يقضي الحكم بحجب “يوتيوب” في مصر شهراً كاملاً.
وجاء هذا الحكم النهائي بعد حكم محكمة درجة أولى بحظر “يوتيوب” في عام 2013 بناءً على دعوى مقدّمة من المحامي محمد سالم. ثمّ أوقفت المحكمة تنفيذ الحكم بعد أسبوعين من صدوره بعد طعنين من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، وأرجئ الحكم لحين الفصل النهائي في موضوع الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا، أعلى محاكم القضاء الإداري المصرية.قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر، يوم السبت، بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري بإلزام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بإغلاق وحجب موقع “يوتيوب” في مصر لمدّة 30 يوماً بعدما نُشر عليه مقاطع من الفيلم المسيء للنبي محمد في عام 2012، وكذلك حجب وحظر جميع المواقع والروابط الإلكترونية على الإنترنت التى تعرض مقاطع الفيلم المسيء في مصر.
يُعتبَر حكم المحكمة الإدارية العليا ملزماً للحكومة ونهائياً وغير قابل للطعن، وقال مستشار قانوني لموقع “مصراوي” إنّ “على يوتيوب أن تبدأ بتنفيذ الحكم مباشرة”. ولكن بعد تواصل “سمكس” مع مواطنين مصريين قالوا إنّ “يوتيوب” لا يزال يعمل بشكلٍ طبيعي، ويبدو أنّه سيبقى كذلك إلى حين وصول نسخة حكم المحكمة الإدارية العليا إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات للبدء بعملية الحجب لمدّة 30 يوماً.
وقال عمرو غربية، مسؤول ملف التقنية وحقوق الإنسان في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، في اتّصال مع “سمكس”، إنّ “تنفيذ الحكم قد يتأخّر لأنّ القضايا في مصر عادةً ما تتطلّب وقتاً، وفي قضية يوتيوب يبقى أن يعمل مقدّم الدعوى على حمل الصيغة التنفيذية للحكم، وأخذها إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والذي بدوره يحيله على شركات الاتّصالات المحلّية للبدء بتطبيقه”. وأشار غربية إلى أنّ “هذا قرار كبير، وبالتالي يمكن أن ينام الحكم في الأدراج الحكومية نتيجة ضغوط أو ما شاكل، وهذا ما ستُظهره الأيام المقبلة”.
رأى غربية أنّ حجب موقع “يوتيوب” أمرٌ يمكن للسلطات القيام به تقنياً حتى ولو جزئياً، فحجب المواقع الإلكترونية بات منتشراً في مصر ويشمل الكثير منها، ويوتيوب سيكون أكبر المواقع المحجوبة وليس أوّلها”. وقد ذكرت “سمكس” في منشور سابق لها أنّ الحكومة المصرية تمتلك أدوات للرقابة على بالفضاء الرقمي، مثل تقنيات المراقبة الجماعية التي اشترتها الحكومة المصرية من شركة الأمن الرقمي الفرنسية “إركوم” (Ercom) في عام 2014.
لقد تغيّر الكثير منذ تقديم الدعوى قبل ستّ سنوات إلى حين صدور الحكم في هذا الشهر من عام 2018، فموقع “يوتيوب” أصبح أصبح أساسياً في حياة الناس في مصر (أكثر من 55 مليون مشاهدة يومياً). وبالتالي، لن يؤثّر حكم الحجب على “يوتيوب” بقدر تأثيره على المستخدمين المصريين من أفراد ومؤسسات صحافية وشركات إعلانات، خصوصاً إذا ما طُبّق في شهر رمضان، بحسب غربية.
وأكمل شارحاً أنّ “يوتيوب موقع ذو انتشار عالمي، وحجبه في مصر سيضرّ بالمؤسّسات والأفراد الذين ينشرون الكثير من المحتوى على يوتيوب ويحصلون على عائدات من الإعلانات، وكذلك الشركات التي دفعت المال لعرض إعلاناتها على يوتيوب وبالتالي لن تصل إعلاناتها إلى الجمهور المستهدف، وكذلك سيضرّ بشركات الإعلانات التي سيكسد عملها لمدّة شهر من الزمن، إضافة إلى المشاهدين أنفسهم الذين يعتمدون على يوتيوب كمصدر لمشاهدة الفيديوهات”.
وبالتالي يعتقد غربية أنّ قرار الحجب لو طُبّق لن يمنع الناس من استخدام وسائل تقنية مختلفة للولوج إلى الموقع ومشاهدة محتواه.
وتفاوتت الآراء بشأن حظر موقع “يوتيوب” في مصر بين مؤيّد للحجب، ومُطالب بعدم تنفيذه لحماية حرية الفضاء الرقمي، فيما أخذ آخرون الأمور على محمل السخرية بالقول إنّ “المحكمة انتظرت خمس سنوات كي تغلق يوتيوب شهراً”، أو “كيف سيغلقونه وهم يعرضون المسلسلات عليه ويجنون الأرباح من الإعلانات”.
تدعو “سمكس” إلى احترام حق المواطنين في الوصول إلى الإنترنت ومختلف خدماته، لما لذلك من تأثير على حرّية الوصول إلى المعلومات، وحرّية التعبير، وكذلك على الموارد الاقتصادية للمواطنين.