ببالغ الحزن والأسى، ننعي إليكم وفاة أحمد المكاوي، الخبير التقني المصري وأحد روّاد المصدر المفتوح في المنطقة العربية. كان أحمد صديقاً مخلصاً لـ “سمكس” و”خبز ونت”، مميزاً بابتسامته وطاقته المُلهمة. عمل أحمد بشغف على مشاريع تكنولوجيا نابعة من إيمانه بالعدالة الرقمية واستخدام تقنيات المصدر المفتوح (open source) للصالح العام في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.
آمن أحمد مكاوي بأن إتاحة المعرفة جزء لا يتجزأ من التغيير الاجتماعي، فشارك في تأسيس مجموعات تقنية تؤمن بهذه الإتاحة، وعمل على توفير المعرفة التقنية المتعلقة بالبرمجيات الحرة. كان من مؤسسي مجموعة EGLUG جنو-لينكس مصر التي نظمت العديد من الورش التدريبية، ونشرت الأفكار حول أهمية البرمجيات الحرة كجزء من التطور الاجتماعي، وربطتها بمفاهيم مثل التحرر من سيطرة الشركات الكبرى، والسلامة الرقمية، والخصوصية التي كانت بمثابة مصطلح جديد على مستخدمي الإنترنت والتقنية.

بالإضافة إلى ذلك، كان أحد المساهمين في إطلاق الاستراتيجية المصرية للتحول للبرمجيات مفتوحة المصدر في عام 2014، والتي هدفت إلى تعزيز الشفافية وخفض تكاليف استخدام تكنولوجيا المعلومات، وعمل كمستشار لوزارة الاتصالات المصرية.
منذ عام 2010، أسس الراحل وأدار شركة متخصصة في هندسة البرمجيات وإدارة الخوادم، لتقديم حلول تقنية كاملة وآمنة تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي حقيقي، كما عمل مستشارًا تقنيًا لعدد من الشركات.
عمل مكاوي على توفير بنية ومعرفة تقنية آمنة ومفتوحة المصدر لعدد من المؤسسات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني. وساهم أيضاً في إطلاق عدد من المنصات الرقمية الهامة: موقع “جريدة الأخبار” المصرية، موقع “دار الأخبار”، موقع “ساسة بوست”، موقع “المصري اليوم”، موقع “ام بي اس”، موقع “مدى مصر”، موقع “مكتبات ألف”، موقع “حبر” وموقع “الجمعية الوطنية للتغيير”.
وكان من أهم المشاريع التي ساهم بها موقع “اللجنة العليا للانتخابات” الذي وفر للمواطنين حق المعرفة والتصويت بالاعتماد على تقنيات مفتوحة المصدر.
كما كان مكاوي جزءاً من حركة الحريات والحقوق الرقمية في مصر والعالم العربي والعالم، وشريكاً دائماً في التشبيك والمناصرة حول الحريات والحقوق الرقمية، ومتحدثاً ومشاركاً في ملتقى “خبز ونت” في بيروت.
فيما يلي عدد من الشهادات عن الراحل أحمد مكاوي بشهادات عدد من الزملاء والأصدقاء:
محمد نجم، المدير التنفيذي لـ”سمكس”
“لقد أحدث وجوده فرقًا، وسيفتقده كل من حظي بمعرفته. نشعر بالحزن العميق لفقدانه، لكننا ممتنون لشرف معرفته والعمل معه”.
علاء عبد الفتاح
“المصاب كبير قوي. اصحابه وأحبابه كثير وخيره وجمايله وعلمه وحماسته وإخلاصه وإصراره وإبداعه مغرقنا. عشرين سنة واكثر مع بعض في رفقة التقنية والتقنيين. في حلم لم يكن بعيد المنال باستقلال اقتصاد وقرار بتنمية وازدهار و بخصوصية و حرية. لحد آخر ساعة بنجدد الحلم انا المتشائم دوما وهو المتعالى على سؤال اليأس و الأمل دوما”.
موقع “المنصة” المصري
“عُرِفَ مكاوي، الشَّابُّ المُنْطوي رغم تَشعّبِ علاقاتِه وجاذبيةِ محبَّته ودَمَاثَتِه، باسم لينُكساوي/linuxawy، في إشارةٍ جليةٍ لما حَظِيَ به نشْرُ المعرفةِ بالبرمجياتِ المفتوحةِ، والتحرر من سطوةِ شركات التكنولوجيا الكبرى، من مكانةٍ مركزيةٍ بالنسبة له. لم يكنْ فقطْ ناشطًا ضمن مجموعاتِ EGLUG وفعالياتِ تحميل لينكس على كمبيوترات الشباب مجانًا في سنوات ما قبل ثورة يناير، إنما ساهم أيضًا إيمانًا منه باللامركزية في تأسيس مجموعات ويكيمانيا/Wikimania في مدينته الحبيبة، الإسكندرية، حيث تطوَّع وجنَّدَ العديدَ من المتطوعين لدعم المحتوى العربي على ويكيبيديا، بالإضافةِ إلى دعمِ مجموعاتِ لينُكس في المحافظات الأخرى. نَشِطَ مكاوي (9 يونيو 1980 – 13 أكتوبر 2025) ضمن مجتمع التقنيين العرب/Arab Techies منذ عام 2008، وامتد دعمُه وعلاقاتُه لمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي. إلى جانبِ أنشطتِه المتعددةِ وإسهاماتِه الطوعيّةِ في تدريبِ وتأمينِ العديدِ من الأفرادِ والمؤسسات رقميًا، كان للينكساوي شركتُه الخاصةُ Spirula التي قدَّم من خلالها خدماتِ الهندسةِ السحابيةِ وتكنولوجيا المعلومات والتخطيط الاستراتيجي”.
ريم المصري من الأردن
“أحمد مكاوي من أهم التقنيين الأحرار في المنطقة العربية. كان يعمل بصمت وبكل هدوء على مشاريع كبيرة تجمع بين رؤيته للعدالة الاجتماعية والسياسية والاستقلال الرقمي وتطوير البرامج الحرة والمفتوحة المصدر.أحمد الكريم بوقته، لم يبخل علينا يوم بمعرفته ومهاراته وبسرعة استجابته لأي فرصة تتيح له أن يمد يد المساعدة. كان أحمد متحمس على كل فكرة لمشروع قد يجعلنا أقوى كمؤسسات وأفراد وفي أشد الأوقات قتامة وحتى لما معنوياتنا تكون في الأرض”.
سارة محسن من مصر
“شخص هادي ومبتسم في أحلك الأوقات، واستثنائي ومخلص في كل ما يفعله، ولا يبخل أبدًا في عرض وتقديم المساعدة والمعلومة بمنتهى الحب، وده مش بس في مجال شغله ونشاطه، لكن في المطلق. مكاوي عمره ما اكتفى بالإجابات القصيرة طول ما عنده المعلومة كاملة. وعمره ما اكتفى بإنه يشارك المعلومة كاملة، لكن كمان بيكون موجود في التطبيق وطريقة التنفيذ والمتابعة. شكرًا يا مكاوي على كل مساعدة، وكل نقاش، وكل معلومة قدمتها بمنتهى الحماس والهدوء في نفس الوقت”.
عبدالرحمن غريب من مصر
“في 2005 اتقابل على الإنترنت مجموعة من الشباب والمراهقين المصريين مهاويس تكنولوجيا وبالتحديد مؤمنين بحرية العلم والبرمجيات، بعد كده تحولت لقاءاتهم دي من الإنترنت إلى أرض الواقع علشان يحاولوا ينشروا أفكارهم ويساعدوا الناس على تبنيها بالدعم والمساعدة، عاملين كده زي المبشرين الإنجيليين في أمريكا بس بنبشر بالجنو لينكس يعني شئ في منتهى الGeekness والتعاسة والله العظيم. كان أحمد مكاري من المجموعة القليلة المهتمة بالصورة الأكبر، وفضل طول عمره يخدم الصورة دي وحاططها في دماغه في أي حاجة بيعملها. مهواش مناضل حنجوري ولا صوته عالي بس دايما بيفكر وهو بيعمل أي حاجة، هتخدم الصورة الأكبر دي ازاي أو هتساعد الناس اللي حواليه ازاي. يمكن مكناش قريبين من بعض في السنين الأخيرة بسبب سحلة الحياة وتقصيري أنا الشديد بس كنت دايما متأكد ان العاقل اللي فينا موجود لو احتجت انه يتدخل في أي موقف أهبل بيحصل حوالين مني، هيتنمر علي شوية وهو شايفني بتنطط قدامه من الغيظ ومش عارف اتصرف بس في الآخر هيتدخل ويحل. هفضل فاكر له ذكريات كتير طول عشرين سنة عرفنا بعض فيهم، وهفتقد الشخص الهادي اللي فضل محتفظ بالأمل تقريبا طول عمره.”
أحمد مكاوي في حديث مع “هيفوس” من مساحة عمل مشترك في الإسكندرية، حيث يشبه عمله التقني على الإنترنت بلعبة الشطرنج الخفية مع طرف ثان غير مرئي أو محسوس. (2021)