طلب “المجلس القومي للمرأة” في مصر، قبل يومين، من إدارة موقع “غوغل”حجب أغنية “سالمونيلا” التي صدرت بداية العام للمغني المصري تميم يونس، استناداً على قانون العقوبات رقم 175/2018، وفقاً لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
برّر المجلس طلبه بأنّ الأغنية تدعو للتنمر والإعتداء على النساء، بالإضافة “لتضمنها ألفاظاً خارجة عن الآداب العامة ولأنّها تؤسس لجريمة السب والقذف عبر مواقع التواصل”. بالإضافة إلى ذلك، أشار المجلس إلى منصة “يوتيوب” باعتبارها وسيلة إعلامية ينطبق عليها ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني لعام 2017 “الذي أصبح ملزماً لجميع الإعلاميين، وبالتبعية الوسائل الإ
علامية، منذ تاريخه، والذي ينص على احترام الكرامة الإنسانية وعدم الإساءة لأي فئة من فئات المجتمع”.
في هذا السياق، قال المحامي حسن الأزهري من منظمة “حرية الفكر والتعبير“، لـ”سمكس”، إنّ “تقدير مدى وقوع المخا
لفة أو الجريمة أمر يخضع للقضاء”، على الرغم من أنّ “قانون العقوبات يعرّف جرائم السب وجرائم القذف ولكنّه لم ينصّ على عقوبة الحجب. كما أنّ قانون الجرائم الإلكترونية وضع ضوابط محددة لتنفيذ عملية الحجب”.
وبالنسبة إلى الطلب الذي قدّمه “المجلس القومي للمرأة” لشركة “غوغل”، فيبدو أنّ الشركة قد لا تستجيب له بحيث يبقى مجرّد طلب غير مبرّر لإزالة المحتوى وفقاً لسياسات الشركة. ونشرت شركة “غوغل” في آخر تقرير لها عن الشفافية بأنها لا تستجيب للطلبات غير الرسمية التي تصل من جهات حكومية وتتضمّن ادّعاءات بالتشهير ما خلا الأوامر القضائية، مع التأكيد بأنّ “الأوامر القضائية المرفقة بطلبات الحذف والحجب غير ملزمة لها”.
ويؤمَل من شركة “غوغل” ألّا تؤثّر إعادة افتتاح مكتبها في مصر على قراراتها، مثلما يحصل مع شركات التكنولوجيا التي
تمتلك مكاتب في المنطقة. فقد عمدت منصّة “يوتيوب” التابعة لـ”غوغل” في العام الماضي إلى حذف حلقة من برنامج ساخر ينتقد السعودية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، كما يُعتقد أنّ التواجد لشركات التكنولوجيا في دولة الإمارات العربية المتّحدة يؤثّر على قراراتها بشأن حجب المحتوى والحسابات.
وللمفارقة، جاءت خطوة المجلس القومي للمرأة هذه لتعزيز مفهوم الرقابة والحجب مباشرة بعد حادثة تحرّش جماعي لإمرأة في مدينة المنصورة موثقة بالفيديو وسط غياب تام لأيّ إجراءات للمجلس. وبدلاً من إنصاف الضحية، رفضت عضو مجلس البرلمان المصري عن دائرة المنصورة، إيناس عبد الحليم، الاتهامات الموجّهة لشباب المنصورة معتبرةً أنّ: “شباب المنصورة راق ولا يمكن أن يصدر منه مثل هذه البذاءات” لافتةً إلى عدم وضوح الفيديو ومحاولةً لوم الضحية.
الحجب والإقصاء هو نهج تتبعه الحكومة المصرية وأجهزتها ويترافق مع تضييق على المؤسسات الإعلامية واحتجاز الصحافيين/ات ومدافعات/ين عن حقوق الإنسان وصولاً إلى تمويه هذا النهج بالدفاع عن حقوق النساء. فالسلطات المصرية تحجب الكثير من المواقع استنسابياً، وقد أدّت خطواتها بحجب المواقع عبر عنوان IP في السنة الماضية إلى حجب آلاف المواقع التي لا علاقة لها، بحسب تقرير منظمة “حرية الفكر والتعبير”.
تعدّدت الآراء حول الفيديو كليب والأغنية واختلفت وجهات النظر حول ما إذا كان يونس يناصر قضايا النساء أم يحرّض على العنف تجاههن، أو إذا ما كان يستثني نفسه من تلك الفئة من الرجال. ومع ذلك، فإنّ أيّ دعوة لحجب المحتوى تندرج في خانة الرقابة والتعدّي على حرية التعبير على الويب، وهو ما يمكن مواجهته بالمزيد من الحرية في النشر والتعبير عن قضايا النساء ومناصرتهنّ فعلياً بدلاً من حجب أيّ عمل “ذكوري”.
تستنكر “سمكس” هذا الطلب من الجهات الحكومية المصرية المتمثلة بـ”المجلس القومي للمرأة”، وذلك لما فيه من اعتداء على حرية النشر على الويب وتعزيز للرقابة الذاتية، النهج الذي تتبعه أغلبية الحكومات في منطقتنا كحلّ سهل وفعّال لإسكات القضايا وتوجيه الرأي العام.