ملاحظة المحرّر: أصدر ديوان المحاسبة في لبنان في نيسان/أبريل 2022 تقريراً خاصاً (رقم 2/2022 أساس 114/2021) من إعداد الغرفة الرابعة يتناول قطاع الاتصالات، مفنّداً كافة التفاصيل المتعلقة بقطاع الاتصالات، ومظهراً كيف هُدرت الأموال العامة بطَريقة ممنهجة حتّى وصل الأمر إلى التهديد بانهيار قطاع الاتّصالات إذا لم ترفع أسعار الاتّصالات. كتبنا ملخّصاً عن تقرير ديوان المحاسبة، يسبقها تعليقٌ من وسيم منصور، خبير الاتصالات ومدير شركة “تاتش” السابق.
استمرار إغلاق الدولة لقطاع الخلوي منذ تأسيسه في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتلزيم إدارته إلى احتكارات ثنائية يقودها القطاع الخاصّ و/أو الحكومة، يؤدّي إلى ثلاث نتائج يمكن ملاحظتها بسهولة: أولاً، قتل الابتكار. ثانياً، حرمان لبنان من وضع خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية على سكّة التطوير لتكبير حجم الاقتصاد عموماً والاقتصاد الرقمي خصوصاً. ثالثاً والأهمّ، معاقبة المشتركين في هذه الخدمة عبر فرض أسعار مرتفعة جدّاً مقابل أسوأ الخدمات، وهو ما تبيّنه دراسات عدّة، يحلّ فيها لبنان في أدنى مرتبات التنافسية نتيجة ارتفاع أسعار الاتصالات ومحدودية المنتجات المقدّمة.
السياسة التي حكمت قطاع الاتصالات، و خصوصاً الخليوي، منذ أكثر من ثلاثين سنة، تنبع من حقيقة واحدة ومُحدّدة: انطواء قطاع الاتصالات على أهمّية كبيرة كونه يلعب دوراً حيوياً ومحورياً في تعاملات الناس اليومية وتطوير القطاعات الاقتصادية وخدماتها.
سمح هذا الواقع لقطاع الاتصالات بتوليد إيرادات عالية جدّاً، لا تقل عن 17 مليار دولار في لبنان خلال العشر سنوات الماضية (تحديدًا بين عامي 2010 و 2020) وفقاً لبيانات تقرير ديوان المحاسبة الصادر في شهر نيسان/مايو من العام الجاري. لكن طوال هذه الفترة، بدلاً من استخدام هذه الأموال لتطوير الاتصالات والقطاعات الاقتصادية الأخرى، استُعملَت هذه الإيرادات لتمويل الإنفاق المُسرف والغير منضبط للحكومات اللبنانية المُتعاقبة ونظام الزبائنية والمحسوبيات الذي يقوم عليه نظام ما بعد الحرب.
على عكس الوظيفة التي وضعت له في لبنان، يعدّ قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات الاقتصادية حيوية، كما يلعب دوراً أساسياً في تطوير الاقتصاد والانتقال به إلى مراحل أكثر تقدّماً. فخدمات هذه التكنولوجيا هي الداعم الأساسي لنمو القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة وتطويرها، مثل المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة، والشركات الناشئة (ـStartups)، والقطاعات الصحية والتعليمية والسياحية والمصرفية والخدمات على أنواعها.
يتأثّر الناتج المحلّي الإجمالي لأيّ بلد بقطاع الخلوي مباشرة، وفقاً لـ”الاتحاد الدولي للاتصالات” (ITU). وبالتالي، يمكن لقطاع خلوي نشط وفعّال أن يستحوذ على حصّة لا تقلّ عن 4% من مجمل الناتج المحلّي الإجمالي، عبر فرص العمل المباشرة وغير المباشرة التي يولّدها ومشاريع الرعاية الاجتماعية التي يساهم فيها. في الهند على سبيل المثال يشكّل قطاع الاتصالات 6% من مجمل الناتج المحلّي ومن المتوقّع أن ترتفع حصّته إلى 8% عام 2022.
أمّا في لبنان فالوضع مختلف كثيراً. وفقاً لـ«رؤية ماكينزي» التي أعدّت سنة 2018، تبلغ حصّة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات معاً نحو 3% فقط من مجمل الناتج المحلّي الإجمالي، وتساهم الاتصالات بخلق نحو 4 آلاف فرصة عمل مباشرة.
يستطيع هذا القطاع أن يتوسّع في ظل وضع اقتصادي ومالي سليم، وصولاً إلى تحقيق إيرادات تتراوح بين 4 و6 مليارات دولار سنوياً إذا فُتِح أمام المزيد من المنافسة والابتكار، وهو ما قد ينعكس في زيادة حجم حصّة الخزينة العامّة من مجمل إيراداته، بالإضافة إلى خلق آلاف الوظائف المرتفعة الأجر والتي تتطلّب عمالة ماهرة، فضلاً عن تقديم خدمات أكثر فعالية تزيد الإنتاجية في القطاعين العام والخاص.
لكن و للأسف مازلنا نعيش حتى اليوم في «سيناريو المؤقّت»، المستمرّ منذ 20 عاماً، والذي أدّى إلى تكبيل تطوّر القطاع، فيما المطلوب هو الخروج من هذه الدوّامة، وإطلاق القطاع للحاق بالتطوّرات المتسارعة عالمياً، بما يسهم في نموّ الاقتصاد وفتح المنافسة وتحرير عملية الإبداع.
وسيم منصور
خبير اتصالات مدير عام شركة “تاتش” السابق
يقسم تقرير ديوان المحاسبة حول قطاع الاتصالات في لبنان، والبالغ 147 صفحة، إلى ثلاثة اقسام رئيسية: تنظيم قطاع الاتصالات؛ الوضع المالي لقطاع الاتصالات في لبنان؛ التجاوزات والنتائج والتوصيات. عملنا في “سمكس” قراءة التقرير وتلخيصه، وفيما يلي أبرز ما جاء فيه.
القسم الأول: تنظيم قطاع الاتصالات
أولاً :الهيئة المنظمة للاتصالات وشركة اتصالات لبنان
الهيئة الناظمة للاتصالات
بعد استعراض واقع الهيئة الناظمة للاتصالات، تبين لديوان المحاسبة ما يلي:
- انتهاء صلاحيات مجلس إدارة الهيئة عام 2012 وحلول الوزير مكانها حتى عام 2017.
- غياب الشكاوى والطلبات والاستشارات المقدمة من الوزارات للهيئة بعد 2017.
- عدم استكمال إنشاء شركة اتصالات لبنان.
- كلفة عالية لهيئة مؤلفة 33 موظفاً يتقاضون رواتبهم بكلفة عالية جداً دون جدوى.
شركة اتصالات لبنان
شركة مغفلة نص قانون 431/2002 الاتصالات في المادة 44 و 45 منه على تشكيلها وصلاحياتها. ولكن بعد مضي ما يقارب 20 عاماً، لم يطبق هذا القانون بعد لناحية تأسیس “شركة اتصالات لبنان”.
ثانياً: هيئة إدارة واستثمار منشآت وتجهيزات شركة راديو أوريان – أوجيرو
أوجيرو مؤسسة عامة أنشئت بمقتضى إرادة السلطة التشریعیة التي جعلت مھمتھا أو مھامھا حصراً وحكراً على ما تضمنه القانون رقم 21 تاریخ 27/12/1972، أي استلام وإدارة واستثمار منشآت وتجھیزات شركة رادیو أوریان التي انتھى عقدھا مع الدولة بتاریخ 31/12/1972.
وقد اتضح أنّ ھیئة أوجیرو كانت تقوم بتنفیذ كافة الأعمال المطلوبة إلیھا بموجب عقود معمول بھا منذ العام 1995 بالاستناد ـــ لیس لأحكام قانون إنشائھا والمرسوم رقم 5613/1994 اللذين يحددان مهامها بمبدأ التخصّص في ممارسة المؤسسات العامة لنشاطھا ومھامھا ـــ إنما بالاستناد لقرارات متتالية صادرة عن مجلس الوزراء كّرست مھام التوصيلات والتوسعة والتشغيل وصيانة الكوابل البحرية وشراء السعات الدولية وتوفير خدمة الانترنت السريع، الأمر الذي أثيرت معه مسألة السند القانوني لھذه العقود.
ثالثاً: قطاع الهاتف الخلوي
اتفاقيات إدارة وتشغيل النظام الخليوي
استناداً لأحكام القانون رقم 393 تاریخ 1/6/2002، أنھت الدولة اللبنانیة بتاریخ 31/8/2002عقد الـ BOT، ونتیجة لھذا الإنھاء تم نقل نظام الاتصالات المتنقلة الرقمیة GSM الى الدولة اللبنانیة. مما يعني أنه اعتباراً من ذلك التاريخ تعتبر كل هذه الموارد والأموال مالاً عاماً.
توالت اتفاقیات تشغیل وإدارة النظام الخلیوي ابتداءً من العام 2002، وكان لھذه الاتفاقیات أحكامھا التجاریة والمالیة الخاصة، إضافة الى أصول خاصة تفردت بھا لجھة الرقابة والإشراف على قطاع الخلیوي، مغایرة لأصول الرقابة المفروضة بموجب القوانین المالیة النافذة.
بتاریخ 14/8/2002 تم توقيع عقد رسمي بـ”عقد حفظ الشبكة وسلامة التشغیل” (NCOC) بین الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الاتصالات وشركة FTML SAL (شركة تأسست في الجمھوریة اللبنانیة لتنوب عنھا في توفیر أعمال الخلوي بما يضمن استمرارية المرفق). في عام 2002 تم تأسيس شركة Mobile Intrem Company 1 ش.م.ل حدد موضوعها بتنفيذ عقد التشغيل والصيانة NCO أي (network custody and operation). وفي عام 2004 وقعت الدولة عقد تشغيل وصيانة مع المشغل السابق LibanCell لضمان استمرارية الشبكة وتم إنشاء Mobile Intrem Company 2 ش.م.ل.
واعتباراً من تاريخ إنهاء عقد الـBOT عائدات المحمول GSM تؤول إلى الدولة ويتم تحصیلھا من قبل مدير الشركة. أنشئ بموجب البند الرابع من “عقد حفظ الشبكة وسلامة التشغيل” مجلس إشراف يمثل الجمهورية اللبنانية ویتكّون من ثلاثة أعضاء: ممثل عن الوزير، وممثل عن المستشار المالي للجمھوریة اللبنانیة بشأن عملية البيع، وخبير دولي في مجال تنظيم الاتصالات. أوجب العقد على مدير شبكة الاتصالات أن يقدم الى المجلس الإشرافي اعتباراً من 15 تشرين الأول 2002 تقریراً نصف شهري بالنفقات التشغيلية وتقارير شھریة مفصلة بالبيانات التشغيلية والمحاسبية والمالية وبيانات الإيرادات وبيانات التكلفة وبيانات الموظفين وغيرها.
في عام 2004، أفضت مناقصة إلى توقيع الدولة اتفاقیة لإدارة شركة الخلوي الانتقالية 1 (MIC1) مع تكتل Detecon. ثمّ في عام 2009، تم توقیع عقد إدارة مع شركة أوراسكوم تليكوم نتيجة مناقصة لإدارة MIC1.
وفي عام 2004 كذلك، وقت الدولة اتفاقية إدارة الشبكة مع MTC الكويتية لإدارة وتشغيل وصيانة MIC2. ثمّ عند انتھاء إدارة الشبكة NMA، فازت MTC الكویت بالمناقصة التي جرت في 2009 لإدارة MIC2.
بعد انتهاء عقود شركتي الاتصالات، استمر مجلس الوزراء في التمديد للشركتين كل سنة (آخر تجديد 5/5/2020) بدلاً من إجراء مناقصة واستدراج العروض بعد اعتماد دفتر شروط عام 2014.
لم تُسفر المحاولات لإجراء مناقصة وفق دفتر الشروط الموافق عليه من قبل الحكومة عام 2014 (سندا للقرارين 7 و48) عن نتیجة جدیدة واستمر التمدید لعقدي إدارة شبكتي الھاتف الخلیوي مع الشركتین المشغّلتین بموجب قرارات صادرة عن مجلس الوزراء كان آخرھا القرار رقم 7 تاریخ 7/3/2019 الذي وافق المجلس بموجبه على تمدید العقدین لغایة 31/12/2019، تلاه بتاریخ 5/5/2020 القرار رقم 3 الذي قضى بنقل إدارة شركتي “زین” و”اوراسكوم” الى إدارة وزارة الاتصالات.
الإنفاق على القطاع الخليوي
الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وتطويره
تطلّب تشغيل وتجهيز قطاع الاتصالات بعد استرداده نفقات كبيرة قسّمت إلى نوعين: النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية. وقد ظهرت العديد من المخالفات والهدر في العقود، نذكر منها:
- نفقات رأسمالية لشبكة 2G: خلال عام 2012 عهد الى شركة MIC2 استبدال مواقع Motorola للجيل الثاني على كامل الاراضي اللبنانية، وذلك من خلال التعاقد مع شركة ZTE. بدأ المشروع بدأ بكلفة 28 مليون دولار لینتھي بكلفة 72 مليون دولار. يضيف التفتيش المركزي في التقرير ملاحظة مهمة “تكلفة توسیع الشبكة كانت أكبر من تكلفة الشبكة الأساسیة نفسھا!!”.
بعد 6 سنوات فقط قررت شركة Touch التي تدير MIC2 بإیعاز من وزیر الاتصالات التحوّل نحو مورد آخر وھو ھواوي بتكلفة حوالي 90 ملیون دولار وتفكیك مواقع ZTE التي كان من المفترض أن تخدم حتى العام 2025. يقول ديوان المحاسبة في هذا الإطار”الأمر الذي أھدر الملایین من الأموال المدفوعة على معدات فعالة وصالحة كدست في مستودعات الادارة لغاية احلال مورد آخر”. - نفقات رأسمالية لشبكة 3G: بدأ تنفيذ ھذه التقنیة في عام 2011 نتیجة مناقصة أجرتھا شركة Touch التي تدير (MIC2) رست على شركة Huawei. وبعد أن كان مشروع تقنیة 3G قد بدأ بنحو 25 مليون دولار، انتھى بـ128 مليون دولار.
أما شركة Alfa التي تدير (MIC1) نفذّت مشروع 3G ما بین العامین 2011 و2012 بنتیجة استدراج عروض لكامل عناصر الشبكة بكلفة إجمالیة للنواتج الأساسیة بلغت 41.6 مليون دولار، وفي مرحلة تالیة تم تنفیذ مشروع U900 بھدف تحسین جودة الخدمة بكلفة 170 مليون دولار. - النفقات التشغيلية: قبل العام 2012 كانت الدولة تدفع مبلغاً سنوياً ثابتاً، وھو المبلغ المق ّدر بموجب العرض الذي قدمته كل من الشركتين لمجمل مصاریفھا التشغيلية والذي فازت على أساس بالمناقصة على أن تشكل أرباحاً من الوفر الذي تحققه من ھذا المبلغ.
ملاحظة أساسية لديوان المحاسبة حول تطور الإنفاق
“عدلت العقود بعد العام 2012، ولم یعد من سقف مالي للنفقات التشغیلیة، ولم تعد الشركتان تدیران عملیة انفاقھما، بل حولت الى الوزیر، وكان من نتیجة ذلك أن الشركتین لم تعودا مسؤولتین عن الانفاق ولا تملكان اي قرار. وبالتالي كان من المفترض أن یؤدي ھذا التدبیر الى خفض في الإنفاق الرأسمالي والتشغیلي انطلاقاً من وجوب حرص الوزارة على 2012 ـ أن الإیرادات كانت في تناقص والنفقات في ارتفاع، ولم یكن ھناك من خطة لخفض الإنفاق الرأسمالي والتشغیلي الذي اعتبر باهظاً جداً بالمقارنة بمساحة لبنان وعدد المشتركين وقرب المسافات بين المحطات لكلتي الشبكتين”.
وانخفض مجمل إیرادات الشبكتین انخفضت على الرغم من ارتفاع عدد المشتركین من حوالي 3 ملیون إلى أكثر من 4 ملیون مشترك، نتیجة ارتفاع الإنفاق الرأسمالي والتشغیلي، وفقاً لدراسات قدّمتها الشركتان المشغّلتان لقطاع الخلیوي عام 2019 دراسات إلى لجنة الإعلام والاتصالات النیابیة عن الفترة الممتدة بین العامین 2010 إلى 2018. ارتفعت النفقات التشغیلیة والرأسمالیة بنسبة 128.71 % بین الأعوام 2010 و2018 مع العلم أن متوسط الدخل من المشتركین في الشركتین ARPU بلغ 29 دولاراً، و”ھو ما یعُّد من أعلى الأسعار عالمیاً، ویتجاوز الأسعار في الدول المشابھة بأكثر من ثلاثة أضعاف، باعتباره لم یكن یغطي فقط مقابل الخدمة بل أیضاً الإنفاق المتمادي غیر المستند الى خطط وبرامج محددة تحفظ المصلحة العامة والمال العام من الھدر”.
التوظيفات ورواتب العاملين في قطاع الخليوي
- عدد الموظفين: زيادة عدد الموظفين لا يتناسب مع واقع قطاع الاتصالات بين عام 2010 و2020: وسط تراجع الإيرادات، فإنّه بين عامي 2010 و2018 ازداد عدد الموظفين في MIC1 التي تديرها Touch بنسبة 54.3% تقريباً (من 714 موظفاً إلى 1052 موظفاً)، وفي شركة MIC2 التي تديرها Alfa بلغت الزيادة 72.6% تقريباً (أي من 434 موظفاً إلى 749 موظفاً).
- رواتب الموظفين: ينتج عن زيادة الموظفين زيادة كلفة الرواتب على الدولة اللبنانية الرواتب بالدولار الأميركي. وفيما بعد، بسبب الأزمة قدم عدد كبير من الموظفين ذوي الاختصاص استقالاتهم للبحث عن فرص أفضل.
-
مجلس إشراف المالك
“یتبیّن ان مجلس اشراف المالكين كان مقرراً له أن یتولى مسؤولیات ھامة وشاملة في قطاع الخلیوي غیر أنه اتّضح أن المجلس كان مسلوب الصلاحیات حیث یعود القرار دائماً الى الوزیر الذي له أن یأخذ برأي المجلس أو یھملھ وفق ما یرتأیه في الأمور التي تعرض على مجلس الإشراف. وفي أحیان كثیرة یتم تجاوزالمجلس بالكامل إذ یعطي الوزیر رأیه بالموافقة أو الرفض أو الطلب الى الشركات مباشرة ودون أن یعرض على المجلس المواضیع الخاضعة لرقابة ھذا الأخیرعلى الإطلاق”.
تطور العاملين في مجلس إشراف المالك: زاد عدد أعضاء المجلس بشكل ملحوظ ليصل إلى 25 و30 شخصاً، يشغل منهم وظائف غير مبررة مثل موظفين “لأعمال المطبخ”، و”سكرتير تنفيذية لمجلس الإشراف”، وهو ما لا يظهر في الجداول بعد 2017. وتضمنت الجداول أسماء أشخاص دون تحديد مهامهم، وهم تابعون للوزارة أو للوزير وليس للمجلس، لم يلتزم بعضهم بدوام عمل الوزارة ولا يعرف أحد عنهم شيء، بل يعينهم الوزير ويدفع المجلس رواتبهم.
الإنفاق على رواتب اعضاء مجلس إشراف المالك وفريق عمل الوزير: تخطى العدد الإجمالي 60 شخصاً أحياناً. نصّت المادة 15 من عقد الإدارة بين مشغلي القطاع على أنه “سيتم تمويل نشاط مجلس إشراف المال بقيمة تقتطع شهريا من الإيرادات ولا تتجاوز 0.1% من الايرادات المحصلة، وتصرف وفق تعليمات الوزير”. ولكن فاقت المبالغ المدفوعة ما هو مسموح به في العقد بين 2014 و2020. مثلاً، وصل التخطي إلى 3 مليون دولار عام 2019 من شركة Alfa و121 مليون دولار.عام 2016 لشركة Touch. كما أن المبالغ المدفوعة من قبل الشركات لتغطیة نشاطات ھذا المجلس لجھة إدارتھا وصلاحیة التصرف بھا محصورة بید وزراء الاتصالات المتعاقبین دون حسیب أو رقیب ودون إعتماد أي أسس ومعاییر واضحة، فضلاً عن المدفوعات لأمور السفر من تذاكر سفر وإقامة في الفنادق للوزیر والفریق المرافق له واستئجار طائرة خاصة لسفر الوزیر ومصاریف متفرقة لمكتب الوزیر من ورق وحبر وطعام وآلة لمنع التنصت وغیره… وجمیعھا من حساب مجلس إشراف المالك في الوقت الذي نص العقد صراحة ان المبالغ المدفوعة من الشركات والتي تقتطع من الایرادات المحصلة الغایة منھا تغطیة نشاطات مجلس الإشراف فقط.
40 مليون دولار هو المبلغ التي تقاضته هيئة إشراف المالك خلال 10 سنوات!
قبل العام 2017 كان الوزراء یطلبون من الشركات تنظیم شیكات بقیمة المبالغ المطلوبة لصالح أحد المحامین ویذكرون في كتبھم الى الشركات ان المحامي سیعمد لقبض المبلغ المطلوب وفقاً لتوجیھات الوزیر نفسه. ولم يكن المحامي يقدم قطع حساب، ولذلك تم رفع دعوى ضد المحامي من قبل وزير الاتصالات ممثلاً بهيئة القضايا وحتى تاريخه لا توجد أي جدية بالنسبة لمصير هذه الدعوى.
وبعد حلّ مجلس الإشراف بات الوزير يتصرف منفرداً بالحساب لدى مصرف عودة.
رسوم الإدارة والحوافز
عام 2018 رغم انخفاض الإيرادات تم دفع حوافز بمبالغ خيالية. في عام 2018 على سبيل المثال، بلغت الحوافز التي دفعتها Alfa نحو 5.5 مليون دولار، وتلك التي دفعتها Touch نحو 9.5 مليون دولار. جدير بالاشارة الى ان تلك الحوافز يتقاضاها مدراء الشركة.
صندوق مشروع MIC Venture Fund
مبادرة من وزارة الاتصالات لتشجيع الشركات الناشئة قامت MIC1 / MIC2 بالمساهمة في شركة MIC Venture Fund بـ999 سهماً من أصل 2000 برأسمال إجمالي 20 ألف دولار وتدفع الشركتان مساهمات منها، وقد بلغ الدعم المقدم من شركة Alfa نحو 3 ملايين دولار والدعم المقدم من Touch نحو 4.6 ملايين دولار.
كان لديوان المحاسبة لهذه الجهة الملاحظة التالية “عدا عن أنه یشكل خروجاً عن الغرض الذي أنشئت من أجله شركتا MIC1 وMIC2 ـ تُثار معه العدید من التساؤلات حول الشركات التي استفادت من ھذه المبادرة، ومجال عملھا، والمبالغ التي حصلت علیھا، والنتائج التي حققتھا كل شركة وما مدى تأثیرھا على الاقتصاد. في لبنان، وحول آلیة تقییم الأفكار المطروحة من قبل الشركات المستفیدة من الدعم”.
الإيجارات
ازدياد الإنفاق على بدلات الإنفاق على الإيجار بين 2012 و2018. ذكر التقرير العناصر التي ساهمت في هذه الزيادة، وهي غياب آلية مشاركة لمواقع الاتصال المستأجرة من قبل الشركتين، وغياب آلية تخطيط ودراسات لتحديد الحاجة، وأخيراً التعاقد المزدوج (parallel contracting).
أما كلفة الايجار بين عام 2010 حتى 2020 فقد بلغ إجمالي الإيجار المدفوع من MIC1 حوالي 168 مليون دولار، وإيجارات MIC2 بلغت حوالي 141 مليون دولار، من دون احتساب بدلات إيجار مبنى سوليدير.
على سبيل المثال، بعد استئجار البلوكين B وC من مبنى في العقار 1526 الباشورة بقيمة 6 ملايين و400 ألف دولار سنوياً وتوقيع عقد بقيمة 22 مليون دولار لتجهيز المبنى، وبعد مرور عام على استئجاره، تقرر بموجب كتاب وزير الاتصالات شراء البلوكين بقيمة 75 مليون دولار يحسم منها إيجار السنة الأولى.
“لم تخضع كافة العقود المذكورة للرقابة الإدارية المسبقة، كما أن كافة المبالغ التي دُفعت وستدفع سوف تتتكبدھا الخزينة العامة بشكل من الأشكال، وبالتالي فإن التفرّد في إلزام الدولة بھا بمعزل عن أي رقابة تذكر يشكل مخالفة صارخة للأحكام القانونية وهدراً للمال العام في ضوء عدم اعتماد خيارات أخرى أقل كلفة في ظل الأزمة الحالية”.
صيانة الشبكة
تدخل الصيانة ضمن إطار مهام الشركتين، ولكن غالباً ما يتم التعاقد مع شركات أخرى (outsourcing) من دون اتباع إجراءات المناقصات واستدراج العروض.
على سبيل المثال، أبرمت الوزارة في عام 2018 عقد صيانة مع شركة Power Tech لمدة 10 سنوات مقابل 16 مليون دولار، ومبلغ مماثل من شركة Alfa (ليصبح المبلغ يفوق 30 مليون دولار). ثم في عام 2019 وقت شركة Touch عقد صيانة مع Power Tech.
كانت حجة التعاقد مع Power Tech أنه سيوفر على Alfa ما نسبته 15% من الكلفة، ولكن بدأت كلفة توفير الطاقة من Power Tech لشركة Alfa من نحو 13.8 مليون دولار في عام 2018، ثم 15.8 مليون دولار في 2019، وصولاً إلى 19.6 مليون دولار في عام 2020، ليصل في عام 2021 خلال ستة أِهر فقط إلى 6.8 ملايين دولار رسوم صيانة و47.4 مليون دولار ثمن مازوت.
واتضح أنّ Power Tech كانت تستخدم موظفين وتقنيين من قسم صيانة Touch يتقاضون رواتبهم من هذه الأخيرة.
الدعاية والاعلان والرعاية
في غياب المنافسة بين الشركتين المشغلتين للقطاع، أنفق على الدعاية والإعلان والرعاية مبالغ طائلة غير مبررة. في التقرير جدول مفصل للنفقات الدعائية والرعاية، من حيث المبدأ كانت شركتا MIC1 وMIC2 تضعان برنامجاً سنوياً تحدد فيه المساهمات والرعايات التي يصادق عليها الوزير. كان وزير الاتصالات يقرر دفع مبالغ اخرى غير ملحوظة من قبل الشركتين. مثلاً، بلغ عدد مساهمات الشركة MIC1 بين 2016 و2019 نجو 101 مساهمة بلغت قيمتها الاجمالية 3.9 مليون دولار في حين بلغ عدد مبادرات وزارة الاتصالات في نفس الفترة 199 مساهمة بقيمة إجمالية بلغت 11.8 مليون دولار.
كما لاحظ ديوان المحاسبة ازدياداً كبيراً لهذا النوع من النفقات عام 2018، بحيث “بلغ إجمالي النفقات الرعائیة المدفوعة من قبل MIC1 خلال الأعوام من 2011 ولغایة 2021 حوالي 31.6 مليون دولار، ومصاریف الدعایة والتسویق 28.1 مليون دولار، والدعایة والإعلام 16.1 مليون دولار.
كذلك بلغ إجمالي النفقات الرعائیة المدفوعة من قبل MIC2 خلال الأعوام من 2010 ولغایة 2018 ضمناً حوالي 78.8 مليون دولار، تشكل مدفوعات الرعایة والدعایة خلال العام 2018 من ھذا الإجمالي نحو 18.4 مليون دولار.
نقل إدارة القطاع الخليوي الى وزارة الاتصالات
بتاريخ 1/1/2020 انتهت عقود التشغيل وتستعيد وزارة الاتصالات إدارة قطاع الخليوي، فاتّخذ مجلس الوزراء في 5/5/2020 قراره رقم 3 بتفویض وزیر الاتصالات إنھاء عقدي الإدارة الموقّعین مع كل من شركة أوراسكوم لإدارة الشبكة الخلیویة الأولى (MIC1) وشركة “زین” لإدارة الشبكة الخلیویة الثانیة (MIC2).
بعد عامین على استرداد الدولة اللبنانیة لإدارة القطاع الخلیوي، لم تعمل وزارة الاتصالات بمضمون البند الثالث من قرار مجلس الوزراء رقم 3 تاریخ 5/5/2020 لجھة إعداد دفتر شروط جدید وعقد الإدارة وشروط الاشتراك والتأھیل للمناقصة العالمیة واقتراحھ على مجلس الوزراء للموافقة علی خلال مھلة ثلاثة أشھر، كما لم تطلق المناقصة العالمیة الجدیدة من أجل التعاقد على إدارة وتشغیل شبكتي الخلیوي، بالتنسیق مع إدارة المناقصات، وما زال القطاع یعمل عبر شركتي MIC1 و MIC2 المملوكتين من الدولة إنما بشكل غیر مباشر عبر البنوك الائتمانیة
القسم الثاني: الوضع المالي لقطاع الاتصالات في لبنان
ينظر إلى قطاع الاتّصالات كمصدر مالي یغذي الخزینة، إذ شكلت ایرادات قطاع الاتصالات في العام 2017 نسبة 12% من إیرادات الدولة، أي رابع أعلى نسبة من الإیرادات بعدما كانت ھذه الایرادات تشكل 16% عام 2012، وقد استمرت بالتراجع خلال السنوات الأخیرة، من 1432 مليون دولار عام 2012 إلى 681 ملیون دولار امیركي عام 2019. والأكید أنه یمكن رفع ھذه الایرادات الى الملیارات في حال تم إصلاح وتنمیة ھذا القطاع بشكل جذري”.
ملاحظات ديوان المحاسبة العامة حول الوضع المالي لقطاع الاتصالات في لبنان:
- بلغ إجمالي واردات قطاع الاتصالات بما فیھا الھاتف الخلوي بين عامي 2010 و2020 نحو 23.4 تريليون ليرة لبنانية، تشكّل إيرادات الھاتف الخليوي نسبة 68.89% منھا.
- صرفت في وزارة الاتصالات مبالغ بقیمة 1.3 تريليون ليرة لبنانية بموجب سلفات خزینة أو تحویلات بين عامي 2010 و2019 وھي مخالفة لأصول إعطاء السلفات المنصوص علیھا في قانون المحاسبة العمومیة.
- بلغت واردات الھاتف الخلوي المحولة من الشركتين الى وزارة الاتصالات بين عامي 2010 و2020 نحو 16.1 تريليون ليرة لبنانية ثم بدأت بالتراجع.
- تستخدم الشركتان نظام المحاسبة في القطاع الخاص وتعدان بيناتهما المالية وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، وتسجل إیرداتھما على ھذا الأساس، وبعد ذلك تخصم مصاريف التشغيل من ھذه الإيرادات والباقي یورد الى وزارة الاتصالات دون مراعاة لقانون المحاسبة العمومية في عملية الصرف ولا تخضعان لقاعدة مراقب عقد النفقات ولا لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة والمؤخرة رغم أن أموال ھذا القطاع ھي أموال عمومیة یجب أن تدار حسب اصول قانون المحاسبة العمومیة وتعديلاته، كما يجب أن تراقب الشركتان من قبل اجھزة الرقابة المعتمدة في الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء.
- بلغ الوفر المودع في الخزینة العامة والمحول من وزارة الاتصالات بين عامي 2010 و2020 نحو 20.8 تريليون ليرة لبنانية، ثم تراجع حیث وصلت في العام 2014 الى 14.56%، وفي العام 2020 إلى 7.30% وھي مؤشرات تستدعي التساؤل من قبل دیوان المحاسبة.
- بلغ الوفر المودع من قبل شركتي الخليوي في الخزينة لدى وزارة الاتصالات وفي الخزينة العامة مباشرة بين عامي 2010 و2020 نحو 17.2 تريليون ليرة اللبنانية.
- بلغت النفقات المصروفة في شركتي الخليوي نحو 8.1 تريليون ليرة لبنانية، تشكل 47.06% من الوفر و32% من إجمالي الإيرادات وھي نسب مرتفعة جداً.
القسم الثالث: التجاوزات، والنتائج، والتوصيات العائدة لهذا القطاع
أوّلاً: التجاوزات ونتائجها
التجاوزات في عمل الهيئة الناظمة:
-
- انتهاء ولاية مجلس الإدارة في عام 2012 واضطراره لمتابعة العمل إزاء عدم تعيين مجلس جديد وسط شبه شلل وعدم إنتاجية تقاضي الرواتب بمبالغ طائلة.
- إبرام كافة العقود بالدولار من ضمنها التوظيف.
- طلب وقبض سلفات خزينة دون تسديدها رغم وجود وفر.
- انتهاء ولاية مجلس الإدارة في عام 2012 واضطراره لمتابعة العمل إزاء عدم تعيين مجلس جديد وسط شبه شلل وعدم إنتاجية تقاضي الرواتب بمبالغ طائلة.
التجاوزات في عمل هيئة أوجيرو
أ. التجاوزات المثارة من قبل هيئة التشريع والاستشارات:
- عدم مبادر أوجيرو إلى توقيع عقد صيانة والتوصيلات طيلة عام 2017 ليطلب توقيع عقد مصالحة بقيمة 176.6 مليار ليرة لبنانية.
- فارق 68 مليار لنفس الخدمة بين عام 2019 و2017 دون تبرير.
- إنفاق أوجيرو من الأموال النقدية المتوفرة لديها لأشغال خارج أية أحكام تعاقدية.
- إبرام عقود المشتريات وعقود الصيانة والتركيب والإنشاء بالتراضي مع الموردين والمتعهدين تخطت 70 مليار ليرة دون الحصول على موافقة وزارة الاتصالات المسبقة عملاً بالعقد الموقع بين أوجيرو والوزارة عام 2016.
- إرسال موظفي الهيئة خلال 2017 في 93 مهمة خارج البلاد بكلفة إجمالية قاربت 400 مليون ليرة.
- صرف مبلغ مليار و247 مليون ليرة لرعاية المؤتمرات خلافاً لمبدأ تسيير المرفق العام.
- دفع مليار ليرة نفقات عقود استشارية لـ12 مستشار خلال عام 2017 قبل أن تبيّن أنّ ما دفع يزيد عن المستحقات الفعلية.
- إنفاق 218 مليون ليرة على شراء مفروشات ولوازم لمكتب الوزير السابق.
ب. المخالفات المثارة من قبل النيابة العامة المالية:
- إخبار مقدم من وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد تتعلق بإنفاق الأموال المتراكمة في حساب الھیئة والبالغة 160 مليون دولار على أعمال ضخمة ومكلفة جداً لمصلحة وزارة الاتصالات طیلة العامین 2017 و2018، من دون توقیع أي عقد وخارج أي تمویل.
- إخبار یتعلق باحتمال فقدان مبالغ كبیرة من صندوق تعویضات نھایة الخدمة العائد للعاملین والمستخدمین في أوجیرو، والذي بلغ رصیده 900 مليون ليرة، في حین يفترض ألا يقل المبلغ عن المئة ملیار لیرة.
ج. المخالفات المثارة من قبل النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة
- فروقات كبيرة دفعت إلى المدير العام ومدراء أوجیرو، واستفادة العاملين من سلسلة رتب ورواتب جديدة خلال العام 2012 خلافاً لمرسوم زيادة غلاء المعيشة رقم 7232/2012 في وقت لم يعرض قرار الزيادة على تصدیق وزارتي الاتصالات والمالية.
- بالنسبة للتوظيف: خلال العامین 2017 و2018، بلغ عدد المیاومین 225 شخصاً في العام 2017 ثم توظيف 378 شخصاً في العام 2018 ليرتفع العدد إلى 603 مياومين فيما الحاجة السنوية للمياومين الفعلية وفق دراسة مدیریة الموارد البشریة في الھیئة لا تتعدى 234 عاملاً جدیداً. وهي توظيفات غير قانونية.
- فروقات في تعويضات الموظفين مھندسون بحيث يوجد مدنيون (بدون خبرات) يتقاضون رواتب مرتفعة وكذلك السائقين. على سبيل المثال، يمكن العثور على مهندس اتصالات يتقاضى أقلّ من سائق أو مخابر بدون شھادة.
التجاوزات في إطار عمل الخليوي
تستخدم الشركتان نظام المحاسبة في القطاع الخاص وتعدان بيناتهما المالية وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، وتسجل إیرداتھما على ھذا الأساس، وبعد ذلك تخصم مصاريف التشغيل من ھذه الإيرادات والباقي یورد الى وزارة الاتصالات دون مراعاة لقانون المحاسبة العمومية في عملية الصرف ولا تخضعان لقاعدة مراقب عقد النفقات ولا لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة والمؤخرة. ومن المخالفات:
- لم تمارس لجنة الإشراف صلاحياتها تجاه التجاوزات، وأصبحت في بعض الأحيان بمثابة صندوق بريد بين الشركتين ووزارة الاتصالات، وسط غياب الرقابة.
- انعدام الرؤية الواضحة والتخطيط اللازم ما أدى إلى ھدر كبير للأموال في سبیل استئجار المواقع والمحطات والمباني، من دون اتخاذ مبادرات جدية للاستفادة من بعض المواقع المستأجرة.
- مخالفة مبدأي الشمول والشیوع كونه تم تخصیص الإیرادات لتغطیة النفقات ومنھا تكلفة الموارد البشریة ونفقات مجلس إشراف المالك.
- الاستنسابية والزبائنية الواضحة في موضوع التوظیف.
- تحدید قیمة الرواتب بالدولار الأمیركي لموظفي شركتي الخلیوي ولمجلس إشراف المالك والفرق المساعدة له وفرق الوزراء المتتابعة ولیس بالعملة الوطنیة.
- الاستنسابية في اقتطاع نسبة الـ0.1% من الإیرادات المحصلة لتغطیة نشاطات مجلس إشراف المالك بموجب نص في عقد الادارةـ بحيث أعطى الوزیر لنفسه حریة اقتطاع هذه النسبة لتغطیة ما یعتبره نفقات مجلس الإشراف من كافة الإیرادات المحصلة، بما فیھا قیم الرسوم والضرائب المحصلة كضریبة القیمة المضافة ورسوم الطوابع وغیرھا… والتي ھي وفق القانون توزع بين البلديات والدفاع المدني والخزينة العامة وفق نسب محددة.
- تخطي المبالغ المطالب بھا من قبل الوزراء والمدفوعة من قبل شركتي الخلیوي لحساب نشاطات مجلس الإشراف.
ﺛﺎنياً: التوصيات
رفع ديوان المحاسبة توصيات يمكن تلخيصها بما يلي:
التزام لبنان بالإصلاحات الضرورية تأخذ بعين الاعتبار زيادة إيرادات الدولة وتحسين جودة الخدمة.
توصيات لأوجيرو:
حصر الإنفاق ضمن الأطر التعاقدية ولغاية تسيير المرفق العام وتحسين جودة الخدمة وتحفيز التنافس الاقتصادي.
توصيات تتعلق بقطاع الاتصالات:
اعتماد المناقصات المفتوحة والشفافة والعلنية في جميع النفقات التشغيلية والرأسمالية وعرض المشاريع بشكل مسبق على ديوان المحاسبة.
خفض النفقات المضخمة وغير الضرورية، مثل إلغاء مصاريف الرعاية والاحتفالات وضبط نفقات الدعائية من جهة وضبط وخفض النفقات مثل تقاسم ودمج البنى التحتية، اعتماد الرومينغ الوطني، وتنظيم عمل وكلاء التوزيع من خلال استحداث سياسة موحدة، وضبط كلفة إيجار الموقع وخفض مصاريف السيارات والمحروقات.
ثالثاً: مقررات ديوان المحاسبة
أولاً: إعلام المراجع المعنیة سنداً للمادة /52/ من قانون تنظیم دیوان المحاسبة بمضمون ھذا التقریر.
ثانیاً: إحاطة مجلس النواب علماً بالمخالفات المرتكبة ـ في حال ثبوتھا ـ من قبل وزراء الاتصالات المتعاقبین منذ العام 2004.
ثالثاً: إعلام النیابة العامة التمییزیة والنیابة العامة لدى الدیوان بالمخالفات المثارة ضمن التقریر والتي یقتضي في حال ثبوتھا الإدعاء بھا أمام المحاكم المختصة.
رابعاً: الطلب الى وزارة الاتصالات، ھیئة أوجیرو والھیئة الناظمة للاتصالات، التقیّد بكافة التوصیات الواردة في متن التقریر، والعمل على معالجة أ ّي خلل شا َب العقود التي نظمت سابقاً مع شركات الخلیوي، وتداركه مستقبلاً.
تم تبليغ التقرير الى كل من فخامة رئيس الجمهورية، دولة رئيس مجلس النواب، دولة رئيس مجلس الوزراء، رئيس الاعلام والاتصالات النيابية، وزير المالية، وزير الاتصالات، الهيئة الناظمة للاتصالات، هيئة أوجيرو، النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة.
خاتمة
بعد أشهر من تاريخ إصدار هذا التقرير اتخذت الحكومة اللبنانية ووزارة الاتصالات قرارات تخالف كلياً التوصيات فقررت إطفاء الشبكات، ورفع كلفة الخدمة والاعتماد على التعاقد الخارجي (outsourcing) بدلاً من تقديم الخدمة. تضرّ هذه الإجراءات بقطاع الاتصالات وجودة الخدمة كما أنها ستؤدي الى انكماش القطاع مما يعني انخفاض الواردات وتراجع نوعية الخدمة.
لتنزيل تقرير ديوان المحاسبة حول قطاع الاتصالات انقروا هنا.
تقرير-ديوان-المحاسبة-حول-قطاع-الاتصالات-شباط-2022