في أعقاب الرأي الاستشاري بشأن سياسات المحتوى (PAO) الصادر عن مجلس الإشراف (OSB) حول استخدام مصطلح “شهيد”، نشرت “ميتا” ردّها على توصيات المجلس. وفي حين رحّب المجتمع المدني بهذا الرأي الاستشاري، كانت استجابة “ميتا” غير كافية من حيث تنفيذ خارطة طريق لاتّخاذ إجراءاتٍ ملموسةٍ وزيادة الشفافية.
تتمثّل أوجه القصور الرئيسية في ردّ “ميتا” في استخدام لغةٍ غامضةٍ ومبهمة، وانعدام الشفافية في تنفيذ التوصيات، وعدم تعيين حدود الإشراف على المحتوى بوضوح. دأب المجتمع المدني لسنوات على مطالبة “ميتا” بالكشف عن قوائم التصنيف الخاصة بالمنظمات الخطرة والأفراد الخطرين (DOI)، والمصطلحات/العبارات المحظورة بالكامل على منصّاتها، غير أنّ “ميتا” تصرّ على رفض هذا الطلب. وعلى الرغم من الأمل الذي يحمله قرار شركة “ميتا” بعدم تطبيق حظرٍ شاملٍ على مصطلح “شهيد”، إلّا أنّه لا يمكن إنكار تاريخ الشركة الطويل من التحيّز ضدّ محتوى اللغة العربيّة، بل يتوجّب معالجته بفعاليّة.
وتناقش “ميتا” في ردّها الإجراءات الواجب اتّخاذها مستخدمةً مصطلحات فضفاضة وغير دقيقة، من دون أن توضّح كيفيّة تنفيذ توصيات المجلس على أرض الواقع. في التوصية الأولى، تعبّر “ميتا” عن صعوبة التمييز بين الانتهاك والمناقشة الحياديّة في حالاتٍ معيّنة، كالصور التي تظهر فيها أسلحة. ويبدو هذا الموقف مجرّد ذريعة من جانب الشركة لتجاهل حقّ المستخدمين/ات في حريّة المعلومات والتعبير، إذ يتغاضى تماماً عن جانب الجدارة الإخباريّة الذي يسمح بمشاركة المعلومات ذات الصلة.
أما بالنسبة للتوصية الرابعة بشأن قائمة المنظمات الخطرة والأفراد الخطرين، يُعدّ ردّ “ميتا” غير مناسب على الإطلاق. إذ تدّعي أنّها نشرت معلوماتٍ تتعلّق بهذه القائمة ويبقى أن تشارك المزيد من المعلومات المجمّعة. وتتذرّع الشركة باحتمال أن تؤدّي مشاركة أدوات القياس من دون سياقٍ تتوفّر فيه القائمة إلى إساءة تفسيرها، مع أنّها تنفي نشرها للقائمة. لكنّ هذا المنطق يتجاهل مطالبتنا بالمزيد من الشفافيّة والمساءلة. ومع أنّ مجلس الإشراف لم يطلب على وجه التحديد نشر قائمة المنظمات الخطرة والأفراد الخطرين في رأيه الاستشاري بشأن سياسات المحتوى، كما فعل في قضية “الاقتباس النازي”، تدّعي “ميتا” أنّ تقديم معلومات حول القائمة، كما طلب المجلس، من دون نشر القائمة نفسها، سيكون بمثابة نشر “بيانات ليس لها معنى” يمكن “إساءة تفسيرها”. ولكن هذه الحجّة غير مقبولة، وينبغي نشر القائمة مع تفاصيل تشرح محتواها بشكلٍ علنيّ. كما تتجاهل “ميتا” بشكلٍ كاملٍ أسئلة مجلس الإشراف في ما يتعلّق بحدود الإزالة التلقائيّة للمحتوى، ما يثير المزيد من الشكوك حول أنظمة الإشراف على المحتوى المتحيّزة، خاصّةً المحتوى المنشور باللغة العربية حول فلسطين.
حتّى أنّ التوصيات التي التزمت الشركة بتنفيذها بالكامل تثير القلق لما تستخدمه من مصطلحاتٍ مبهمة. فعملاً بالتوصية الثانية، يجب إدراج أمثلةٍ عدّة لتوضيح الحظر المفروض على “الإشارات غير الواضحة”، ولكن لم تضع الشركة جدولاً زمنيّاً لهذا الإجراء. أمّا في ما يتعلّق بالتوصية الخامسة، تعطي الشركة بعض التفاصيل حول المعايير التي ساهمت في تطوير السياسة المتعلّقة بإزالة الكيانات من القائمة، ولكنّها لا تقدّم معلوماتٍ دقيقة حول هذه العمليّة. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر ربط آليّات “إلغاء التصنيف” التي تتبعها “ميتا” بالسياسة الأميركيّة تحيّزاً ضدّ السكان المسلمين/ات والناطقين/ات بالعربية.
بشكلٍ عام، لا يُعتبر ردّ “ميتا” مرضياً على الإطلاق. فهو يؤكّد سجلّ الشركة الراسخ في حرمان مستخدميها ومستخدماتها من الشفافية التي من شأنها أن تسمح بفهمٍ شاملٍ لموقف “ميتا” حول مصطلح “شهيد” المثير للجدل. ويبقى ردّ الشركة ناقصاً ومضلّلاً، لا سيّما أنّها لم تكشف عن أيّ معلوماتٍ محدّدة حول تعاملها مع توصيات مجلس الإشراف.
نطالب “ميتا” بما يلي:
● نشر قائمة المنظمات الخطرة والأفراد الخطرين بشفافيةٍ كاملةٍ والطريقة المستخدمة لتصنيف الأفراد أو الكيانات أو إلغاء تصنيفهم.
● نشر قائمة المصطلحات المحظورة والطريقة المستخدمة لإدراج هذه الكلمات على القائمة.
● الشفافية الكاملة في ما يتعلّق بتنفيذ الرأي الاستشاري بشأن سياسات المحتوى الصادر عن مجلس الإشراف، مع نتائج ملموسة وتحديثات منتظمة وأهداف واضحة وجداول زمنيّة.