قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الليبي الجديد: تشريع القمع
أقرّ مجلس النواب الليبي في جلسته المنعقدة بتاريخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2021 “قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية”، وذلك بعد يومٍ واحد على إقرار “قانون المعاملات الإلكترونية”.
تفيد الوقائع في المنطقة بأنّ قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية غالباً ما تُستخدَم لتكميم الأفواه وتقييد حرية التعبير، كما وإضفاء شرعية على عمليات الحجب والرقابة الحكومية.
لم يكن “قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية” الليبي الجديد استثناءً، فهو يحدّ بصورةٍ كبيرة من حرية التعبير في الفضاء الإلكتروني، لما فيه من أحكام فضفاضة تسمح بممارسة الرقابة الشاملة على الجمهور والصحافة من دون الاستحصال على إذن قضائي. كما اعتبره بعض الليبيين خطوة قمعية إضافية، خصوصاً وأنّه يركّز على معاقبة ناشري المحتوى على الويب.
يتضمن “قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية” الليبي عدّة إجراءات سالبة ضدّ الحريات. على سبيل المثال، يسمح القانون لـ”الهيئة الوطنية لسلامة وأمن المعلومات” بحجب المواقع الإلكترونية والمحتوى غير المرغوب به من دون اللجوء إلى القضاء أو الاستحصال على إذن قضائي.
وفي بعض المواد، يتضمن القانون تعابير عامة تعطي القاضي سلطة استنسابية في التفسير وصلاحية تقديرية واسعة لجهة الأدلة والتجريم.
وقد وسّع المشرعون الليبيون نطاق تطبيق القانون ليشمل الجرائم التي ترتكب خارج ليبيا “إذا امتدت آثارها ونتائجها إلى ليبيا”، ما يعني أنّهم يسعون إلى فرض نوع من الرقابة الذاتية حتّى على المواطنين المقيمين خارج ليبيا، خصوصاً إذا كانوا يفكّرون في العودة إلى وطنهم.
تثار الشكوك حول توقيت اصدار هذا القانون لا سيما وان الانتخابات الرئاسية على الأبواب. ولكنّ المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، أعلن بعد إقرار القانون، أنّ “قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يُعنَى بالجرائم الإلكترونية التي تمس الدولة من بين جوانب أخرى، ولكنه لا يتعارض رغم ذلك مع حرية التعبير”. وتابع أنّ “القانون يعنى بأي جرم أو استخدام خاطئ للأدوات الإلكترونية يسبب مشاكل للدولة أو للشخص أو غيره، وأن من أمثلة تلك الجرائم التزوير أو نشر الإشاعات”.
ومع ذلك، مع اقتراب الانتخابات، هناك تخوف من استخدام الأحكام الواردة في هذا القانون لتقييد حرية التعبير عن الرأي وقمع الحريات، خصوصاً وأنّه إصداره وإقراره يحيط بهما الكثير من الشكوك، لا سيما وأنّ مجلس النواب الليبي لم يشرّع خلال السنتين الماضيتين إلا التشريعات الضرورية. وقد شرح الصديق أمجد بدر في تدوينة مخاوف الليبيين من هذا القانون ومن إقراره في مثل هذا الوقت، مشيراً إلى استخدام القانون لتجريم حقوق مثل تشفير المحادثات، وممارسة القمع تحت حجة حماية الملكية الفكرية ومكافحة الإرهاب.
نطالب الدول والحكومات في المنطقة بالعمل على حماية خصوصية المواطنين/ات وحماية بياناتهم/ن، بدلاً من العمل على تجريم الخطاب على الويب وتشريع الرقابة القمعية.