يوم الخميس 29 كانون الأول/ديسمبر 2022، تلقينا خبر وفاة زميلتنا الحبيبة مريم. كانت مريم الشافعي واحدة من أقدم أعضاء فريق “سمكس” وأكثرهم تفانياً. كانت حاضرة في المراحل التأسيسيّة لمظّمتنا، أي منذ أكثر من ثماني سنوات، وعايشت ازدهارها ونموّ فريقها مع مرور الوقت.
وفي نهاية العام 2022، ودّعنا بأسفٍ بالغ صديقتنا العزيزة مريم، مسؤولة تقييم المعرفة والأثر في منظمة “سمكس”.
عام 2016، نجت مريم من سكتة دماغية كادت أن تنهي حياتها وهي في الـ28 من عمرها. لكنّها نجت، وبدأت مضاعفات العارض الصحّي الذي واجهته تظهر، حيث أصيبت مريم بالشلل المؤقت والحبسة الكلامية، مما أفقدها القدرة على الكلام والمشي والكتابة والقراءة. استغرقت رحلة التعافي سنوات من الكفاح والمعاناة اليوميّة، ولكنّ مريم بذلت برغم ذلك كل ما في وسعها للتغلب على الصّعاب التي واجهتها كي تعيش الحياة التي تتمنّاها. واصلت العمل معنا، ونظّمت ورش عملٍ متنوّعة للأشخاص الذين يعانون من مضاعفات السكتة الدماغيّة كالحبسة الكلاميّة، وشاركت تجربتها مع المرض لنشر التوعية حول حالتها وأقرانها الذين يعانون وضعاً صّحياً مماثلاً. يمكنكم/ن قراءة كتابات مريم حول إتاحة الإنترنت لأفراد ذوي الصعوبات اللغوية هنا.
مريم كانت الواحد في المليون بالنسبة إلينا.
إليكم/ن قصّة مريم كما ترويها بلسانها، فهي الوحيدة القادرة على سردها.
“في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، أصبت بسكتة دماغية حادّة. ما حدث قبل ست سنوات أحدث تغييراً جذرياً في حياتي. لكنني في هذا اليوم، أختار الاحتفال أيضاً، لأنه يوم وُلدت فيه مّرة أخرى. هذا التاريخ راسخٌ بعمق في ذاكرتي ولا أستطيع نسيانه. في ذلك اليوم، بدأت رحلتي كناجية من السكتة الدماغية. فقدت القدرة على التحدث والكتابة، أهمّ أدوات عملي. فقدت القدرة على استخدام الجانب الأيمن من جسدي أيضاً. تسبّبت لي تلك السكتة الدماغية بشللٍ مؤقت في سن الـ28. لم أكن أولي صحّتي اهتماماً كافياً. لكن جسدي يذكّرني بشكل دوري أنني لست مثل أي شخص آخر. وعلى الرغم من العبء الذي يراكمه كل ذلك على كاهلي، إلا أنني أعتبره هدية أيضاً. اضطررت إلى إعادة تعلّم كيفيّة المشي والكتابة والأكل والعناية بنفسي. لقد عملت بجد. أنا ممتنّة لحصولي على فرصة ثانية في الحياة. ست سنوات مرّت مذ تغيّرت نظرتي لهذا العالم وأهميّة تقدير أصغر التفاصيل.
كل يومٌ يمثّل تحدياً كبيراً بالنسبة إلي، لكنني هنا، ما زلت أحاول المواجهة.
شكراً 🙏 لكل من ساعدوني ودعموني ولم يديروا ظهورهم/ن لي أبداً. لم أكن لأستمر من دونهم/ن، أنا أفضل بكثير وأستمر في التحسن”.
تركت مريم أثراً في كل شخص قابلها، لا سيما في زملائها من أعضاء فريق “سمكس”. سيبقى هذا الأثر إلى الأبد. نحن محظوظون/ات جداً لأننا حظينا بفرصة التعرّف إلى مريم.
من فريق “سمكس” إلى مريم
محمد نجم
“أثبتت مريم مدى تفانيها وطموحها مذ قابلتها للمرة الأولى وانضمت إلى فريقنا عام 2014. إنها نموذج يُحتذى في الصبر والإصرار. لن ننساها أبداً”.
لوسي
“مريم ليست مجرد ناجية من عارض صحّي، بل نموذجٌ يُحتذى به. على الرغم من مرضها المزمن، ثابرت ولم تستسلم. علّمتنا التصميم والقدرة على التحمّل والصلابة. كانت تؤمن أن غداً سيكون حتماً أفضل، ولهذا لم تستسلم أبداً. بذلت مجهوداً جسدياً ونفسياً جباراً لمتابعة عملها بالتوازي مع مرضها المزمن. كانت مريم قدوة، ليس في مكان عملها فحسب، بل بين الأشخاص الذين يعانون أمراض مزمنة على حدّ سواء. كانت تصرّ دائماً على مشاركة تجربتها ونشر الوعي حول حياة الأفراد المصابين بأمراض مزمنة”.
جيسيكا
“مريم ألهمتني منذ اللحظة الأولى التي قابلتها فيها. كانت على استعداد دائم لكلّ شيء، من مشاريع “سمكس” غير الاعتياديّة والمرض المدمّر الذي غيّر حياتها، وصولاً إلى تخطّي خوفها من القطط. لقد كانت مثالاً في الإصرار. سوف أفتقدها”.
عبد
“علّمتنا مريم الصبر والمثابرة وحبّ الحياة. حتى بعد إصابتها بالسكتة الدماغية، كانت حريصة على الحضور دوماً إلى العمل، ولم تتلكّأ عن القيام بأي مهمّة قط. كانت مريم عضواً ناشطاً في العديد من المجموعات الخاصة بالأفراد الذين أصيبوا/ن بالسكتة الدماغية. في العام الماضي، كانت سعيدة جداً بالعودة إلى العمل كمدرّسة كيمياء عبر الإنترنت”.
غرانت
“كانت مريم من أقوى الأشخاص الذين عرفتهم في حياتي، وكان العمل معها فرصة حقيقية بالنسبة إليّ. كانت عيناها تلمع عندما تتحدّث عن قططها وعائلتها، وتخبرنا بفخر في كل مرّة تحقق فيها رقماً قياسياً جديداً في المشي خلال عطلة نهاية الأسبوع. كانت مريم رصينة وحازمة وطيّبة في آنٍ معاً، وتسعى دائماً لمساعدة زملائها في الفريق. سوف أشتاق إليها كثيراً”.
حسن
“كانت مريم لطيفة وكريمة وصبورة وشجاعة ودائمة التبسُّم. واجهت التحديات التي صادفتها في حياتها وكانت قدوةً من دون شك. لقد غادرتنا مبكراً جداً. أتمنى أن تشعر بالراحة حيث هي. أنا أدعو لها ولأسرتها”.
ماريان
“خاضت مريم معركتها وحدها، لكنها لم تتقاعس عن نشر الوعي لمساعدة الآخرين. كانت مرحة، وطيّبة، وتهتمّ لأمر الجميع. كانت دائماً تشاركنا مقاطع فيديو مبهجة لقططها. سوف نفتقدها كثيراً”.
زينب
“كانت القطط محور معظم محادثاتي مع مريم. كان لديها ثلاث قطط: ليو، بانانا، وعسل. كانت تعاملهم كأطفال لها. اعتدنا مشاركة صور ومقاطع فيديو مضحكة لحيواناتنا الأليفة، وتبادل النصائح حول كيفية الاعتناء بها. سأفتقد صفاء مريم وشغفها ورباطة جأشها التي حافظت عليها رغم كل التحديات التي واجهتها خلال حياتها. ارقدي بسلام وقوة يا صديقتي”.
نورهان
“لن أنسى ضحكاتنا سوياً، مريم وأنا. دائماً ما كنا نجد أمراً نمزح بشأنه. أحبّت مريم الحياة، وكانت تستمتع بالخروج والتنزّه والاستمتاع بوقتها، وحرصت على توثيق لحظات الفرح دوماً. لطالما أثّرت فيّ رغبتها في الظهور في الصور، فيما كان معظمنا يتجنّب ذلك. في المرة الأخيرة التي كنت فيها مع مريم، طلبت مني أن ألتقط صورة لها بينما كانت سحابة ورديّة تتحرّك خلفها في السماء. أعتقد أن روحها الجميلة ستزورنا في كلّ مرة تعبر سحابة وردية سماءنا”.
نيت
“حظيت بفرصة التعرّف إلى مريم مرتين: عندما قابلتها، وحين علمت قصتها. قابلت شخصاً لطيفاً وودوداً ومحاربة ملهمة. روحها الصلبة تركت أثراً في كل شخص قابلته، وأشعر أنني محظوظ لكوني واحداً منهم/ن”.
مادلين
“على الرغم من المرات القليلة التي أتيحت لي فيها فرصة لقاء مريم، علّمني شغفها وصبرها وحنانها أحد أهم الدروس في الحياة: لا شيء يمكنه التغلب على إرادة قوية تحبّ الحياة. إيمانها بأن الغد سيكون أفضل كان فريداً من نوعه. سيظلّ مكانك محفوظاً في قلوب من سمعوكِ وأحبوكِ وعرفوا/ن مدى تفانيك خلال حياتك”.
موسى
“قابلت مريم للمرة الأولى مرة في مركز “سمكس” عام 2019. أذكر أنها كانت منهمكة بالعمل ولم ترفع عينيها عن شاشة حاسوبها. أتيحت لي فرصة تبادل الأحاديث القصيرة والابتسامات مع مريم أثناء استراحات إعداد القهوة. مع مرور الوقت، اكتشفت قوة مريم الحقيقية ومدى تفانيها وإصرارها. لم أشعر أبداً يوماً أنها فقدت الأمل أو توقفت عن النضال. فقد تشاركنا حب القطط وعملنا وضحكنا معاً. لم يكن رحيل مريم متوقّعاً. عندما علمت بما حدث، شعرت بشعور لم أختبره من قبل. كان مزيجاً من الحزن والتقدير لرحلة مريم الصعبة والطويلة. مع السلامة يا مريم، سوف نفتقدك بشدة!”
سالي
“أعلم أنه لا شيء باستطاعته التخفيف من حدّة خسارتنا. كانت مريم صاحبة روح مرحة ومحبّة وفريدة، وكان شرفاً لنا أن نتعرّف إليها. لم التقِ مريم كثيراً، لكنني أستطيع القول إنني قابلت أقوى فتاة على الإطلاق. أتمنى أن ترقد بسلام وقوة”.
نور
“بسبب ظروف العمل عن بعد، قابلت مريم ثلاث مرات فقط، كانت كفيلة بجعلي أعلم أنها كانت شخصاً شجاعاً وإيجابياً إلى أقصى الحدود. على الرغم من الصعاب التي واجهتها، كانت مريم دائمة التبسّم وتنشر الحب أينما حلّت. فلترقد روحها بسلام”.