بيروت، لبنان، 15 نوفمبر 2022، في إطار النسخة الخامسة من ملتقى “خبز ونت” التي عقدت في بيروت من 15 إلى 17تشرين الثاني/نوفمبر، استضفنا ميشال حسين محجوب، طبيب وأستاذ جامعي وفاعل في مجال السياسات الصحية والتعليمية في السودان. شاركنا محجوب عرضاً توضيحياً حول النظام التعليمي في السودان وآثار الجائحة عليه.
بدأت الجلسة بالحديث عن وضع التعليم في السودان، الذي يبلغ تعداد سكّانه 44 مليون نسمة، 50% منهم تقريباً دون سن العشرين. كما يقدّر عدد الأطفال في سن المدارس بحوالي 21 مليون طفل، إضافة إلى أكثر من 800 ألف طفل نازح، و39% من الشعب أمّيون/ات.
وتجدر الإشارة إلى أنّ التعليم الأساسي المجاني مضمون في الدستور السوداني كحق من حقوق الطفل في السودان.
وضع التعليم في السودان قبل وبعد جائحة “كورونا”
لم تكن الأوضاع مستقرّة في السودان بسبب الوضع الأمني والثورة السودانية، وعندما بدأت الأمور بالاستقرار، ظهرت الجائحة بعد شهرين من بدء العام الدراسي، وما يلي تفاصيل أكثر:
- عام 2019 قبل بداية الجائحة، سجّل لامتحان الثانوية العامة 529 ألف طالب، جلس منهم 517 ألف من الطلاب والطالبات (1.3% نسبة زيادة عن عام 2018) ونسبة نجاح 70.8%.
- عام 2020، جلس 484 ألف طالب/ة بنسبة 6.5%- مقارنة بالعام السابق، وتدنّت نسبة النجاح إلى 55.7%.
- ما بين عام 2019 و 2022 كان عدد الأطفال غير المسجلين/ات في المدارس 3 ملايين، ارتفع بعد الجائحة ليصبح 7 مليون طفل، إضافة إلى 12 مليون طفل مهددين بعدم الاستقرار.
- استمر الإغلاق الكلّي في عددٍ من المؤسسات التعليمية للسنة الثالثة على التوالي، حيث أغلق بعضها منذ اندلاع الثورة السودانية في 2018، وأغلق البعض الآخر عام 2019 إثر انعدام الاستقرار ثم الجائحة.
وأضاف محجوب أنه “بسبب تدهور الأمني في السودان توقفت بعض الجامعات عن التدريس، فعادت إلى العمل بعد استقرار الوضع، ثم أغلقت مرة أخرى بسبب الجائحة. هذه الفوضى أدت إلى تسرّب عددٍ كبيرٍ من الطلاب من التعليم العالي، ولا توجد أرقام محددة لحصر ذلك”.
كيف ساهمت الجائحة بالتطور في التعليم الرقمي؟
قال محجوب إنّ الثورة السودانية ظروفاً استثنائية على الشعب السوداني أدت إلى انعدام الاستقرار، ونتيجة لذلك، توقفت الدراسة في السودان. عندما تشكّلت الحكومة الانتقالية، بدأ العام الدراسي ثم ظهرت جائحة كورونا.
هذا التأخُّر في الدراسة فرض على نظام التعليم التقليدي في السودان البحث عن بدائل، بحسب محجوب، فبدأت الحركة في قطاع الجامعات والمدارس الخاصة كونها منظمات ربحيّة بالأساس، واعتمدت على التعليم عن بعد وتبنّى النظام نفسه عدد من المدارس الأهلية والخاصة تدريجياً.
إنّ إحدى أهمّ المعيقات التي تواجه التحول الرقمي للتعليم في السودان هو عدم استفادة الشرائح الأفقر منها، إذ أن توفّر الإنترنت والدراسة عن بعد يتطلبان ظروفاً اقتصادية معينة، مع الإشارة إلى أنّ فرص الاستفادة من التعليم الإلكتروني اقتصرت على المرحلتين الأساسية والثانوية إلى حدٍّ كبير في المدارس الخاصة مرتفعة التكاليف، يضيف محجوب.
أما في مرحلة التعليم العالي، فرغم انتشارها، إلا أنها “لم تراعِ ظروف طلاب الجامعات الحكومية مثل كون الكثيرين/ات منهم/ن من ذوي/ات الدخل المحدود.
بعد الجائحة، بدأت الجامعات والمدارس بتبني التعليم الرقمي كوسيلة أساسية، أو كمكمّل للتعليم. يقول محجوب إنّ “أكثر من 34 جامعة حكومية، و20 جامعة أهلية وخاصة، 87 كلية جامعية، تبنّت التعلّم عن بعد، مقابل جامعة واحدة فقط فعلت ذلك قبل الجائحة”.
فوائد التعليم الرقمي
على الرغم من أن تجربة التعليم الرقمي لم تطبّق كما ينبغي لأسباب عدّة، إلا أنها إن طُبّقت بالشكل الصحيح، يمكن أن توفر الكثير من الإيجابيات مثل:
- إتاحة فرصة أكبر للتلاميذ والطلاب للحصول على تعليم جيد
- توفير فرص أكبر لتعليم الفتيات وذوي/ات الإعاقة
- تقليل الضرر الناتج عن نقص الأساتذة المدرسين/ات والجامعيين/ات المؤهلين/ات
- وصول التعليم إلى مناطق النزوح والنزاع
- إمكانية المساهمة في محو الأمية
المعوقات
على الرغم من وجود العديد من المميزات للتعليم الرقمي، إلا أنّ تطبيقه ليس سهلاً لأسباب عديدة، نذكر منها:
- الفقر
- ضعف البنية التحتية لشبكات الاتصالات
- ضعف مقدرات الطلاب والأساتذة التقنية
- استخدام وسائل بدائية في التعليم مثل (واتساب وتلغرام) من قبل التلاميذ والأساتذة
- عدم وجود سياسات معتمدة للتعليم الرقمي
- نقص التفاعل البشري والذي هو جزء من التجربة الجامعية والمدرسية
- صعوبة بقاء الأهل في المنازل والإشراف على الأطفال أثناء التعليم
ويضيف محجوب إنّه وبعد انتهاء الجائحة، عادت كل المؤسسات التعليمية إلى العمليّة التقليدية ولم تعتمد أي جامعة التعليم الرقمي كوسيلة موازية أو مساعدة.
أهمية التعليم الرقمي في السودان
يعتبر الباحث السوداني أن رقمنة التعليم ستكون مساعِدة على عدّة صعد، منها:
- خفض نسب التسرّب المدرسي
- حل مشكلة ضعف تأهيل الكادر البشري والفرصة السكانية في السودان
- المساهمة في حل المشاكل الاجتماعية الخاصة مثل تعليم الفتيات وذوي/ات الإعاقة
- المساهمة في حل مشاكل النقص في أعداد المدارس والمعلمين/ات في مناطق النزاع