قطعت السلطات في موريتانيا الإنترنت المحمول منذ 6 آذار/مارس 2023، بعد فرار أربع سجناء تصنّفهم وزارة الداخلية على أنّهم “إرهابيون” من السجن في نواكشوط في اليوم السابق، حيث قتل خلال العملية شرطيان وجرح آخر.
ينبغي للحكومة الموريتانية أن تعيد الإنترنت فوراً، لأنّ قطع الإنترنت يخلّف خسائر كبيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، كما أنّ التعتيم يحدّ من حرية التعبير ويسمح للقوات الحكومية بانتهاك حقوق الإنسان في ظلّ تغييب الأدلّة والتسجيلات التي توثّق ذلك.
تزامن قطع الإنترنت عن العاصمة الموريتانية نواكشوط مع استمرار عملية البحث عن السجناء الفارين المتطرّفين، في حين استمرّ الإنترنت بالعمل على الخطوط الثابتة (DSL). ولكن سرعان ما توسّع قطع الإنترنت عن الهواتف المحمولة ليشمل جميع أنحاء البلاد.
وقال الناطق باسم الحكومة الموريتانية، وزير التجهيز والنقل، الناني ولد أشروقه، عقب انتهاء اجتماع الحكومة، يوم الخميس 9 آذار/مارس، إنّ “الأمن مقدّم على كل شيء، وما قطع من الإنترنت هو شبكة الجوال وحدها لدوافع أمنية”. وعن عودة الإنترنت الجوال، أوضح أنّ “هذه الخدمة ستعود متى كان ذلك ممكناً، والجهات المعنية بالموضوع مدركة لما يسببه هذا الانقطاع من انزعاج للمستهلكين”.
وتعليقاً على تصريح الوزير، يقول الصحافي والناشط الموريتاني، أحمد ولد جدو، لـ”سمكس” إنّ “هذا التصريح بعيد عن الحقيقة، فالوضع لا يستدعي هذه الإجراءات برغم فرار 4 سجناء خطيرين ومحكومين بالإعدام. ثمة الكثير من الدول تشهد كوارث وحروب، ولا تقطع الإنترنت”.
الأمر نفسه أكّدت عليه، مديرة حملة #KeepItOn في منظمة “أكسس ناو”، فيليسيا أنطونيو، في بيان للمنظمة حول قطع الإنترنت في موريتانيا. وأكّدت أنّه “في أوقات التوتر والاضطرابات، يصبح الوصول إلى الإنترنت شريان الحياة الأهم للناس، فمنع التواصل بين الناس أمر غير مبرر وغير متناسب”، مطالبةً “الحكومة تغيير المسار على الفور وإعادة الإنترنت للجميع”.
ورأى ولد جدو أنّ السلطات تستسهل قطع الإنترنت بلا داعي، وحتّى أنّه يؤثّر عكسياً على مجريات الأمور: “هذا القطع ليس إيجابياً، بل يغذي الإشاعات ويحرم الإنسان من المعلومة الصحيحة، في وقت يحاول الناس الاطمئنان على بعضهم في داخل موريتانيا وخارجها على أثر الحادثة”.
بالإضافة إلى ذلك، تسبّب قطع الإنترنت بخسائر مباشرة على المواطنين، حيث توّقف الكثير من تطبيقات التكاسي وتطبيقات التحويلات وغيرها من التطبيقات عبر الهواتف، ناهيك عن تطبيقات التراسل التي أصبحت جزءاً لا يتجزّأ من حياة المواطنين اليومية، حسبما يشرح ولد جدو لـ”سمكس”.
هذه ليست أول مرة يُقطع فيها الإنترنت الجوال في موريتانيا، ففي السنوات الماضية دأبت السلطات الموريتانية على إصدار أوامر لشركات الاتصال بقطع الإنترنت خلال الاحتجاجات أو امتحانات البكالوريا وشهادة ختم الدروس الإعدادية.
في العام 2019 قطعت السلطات الإنترنت الجوال في موريتانيا ولمدة أيام، ثم قطع الإنترنت بالكامل، بالتزامن مع الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية متهمة السلطة بتزوير النتائج.
وفي حين شهدت السنوات بين 2017 و2020 قطعاً للإنترنت خلال الامتحانات، “غير أنّه في السنتين الماضيتين 2021 و2022 لم يقطع الإنترنت في موريتانيا خلال الامتحانات”، كما يوضح الصحافي أحمد بن جدو لـ”سمكس”.
بالإضافة إلى حملات قطع الإنترنت التي تشهدها موريتانيا، تشهد البلاد تضييقاً على حرية التعبير. وكان البرلمان الموريتاني اعتمد في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 قانوناً “لحماية الرموز الوطنية” يهدّد حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي في موريتانيا. وقد أعرب عدد من منظمات المجتمع المدني الموريتانية والإقليمية والدولية عن “قلقنا العميق إزاء اعتماد البرلمان الموريتاني لقانون حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن”، مبدين خشيتهم من “أن يكون لدخول هذا القانون حيّز التنفيذ تأثير سلبي على ممارسة حرية التعبير في موريتانيا”.
استخدموا هاشتاغات #لا_لقطع_الاتصالات و #KeepItOn للإبلاغ عن حالات قطع الإنترنت ومناقشتها، ولمطالبة الحكومات بالامتناع عن قطع الاتصالات لأنّها حقّ من حقوق الإنسان.