كشفت شركة “فيسبوك” في نهاية عام 2020 أنّها أزالت ثلاث شبكات غير مترابطة لانتهاكها سياسة عدم التدخل الأجنبي أو الحكومي، وهي شبكات انطلقت من فرنسا وروسيا مستهدفةً عدّة دول في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
ووجد فريق “فيسبوك” أنّ الحملتين – الروسية والفرنسية – تتفاعلان مع بعضهما البعض عن طريق الصداقة بين الحسابات والتعليق على المنشورات وصولاً إلى انتقاد كلّ حملة للأخرى واتّهامها بأنّها “مزيّفة”.
ليست هذه المرّة الأولى التي تكشف فيها “فيسبوك” عن شبكات وحملات تستغلّ المنصّة للتأثير في الفعاليات والأحداث الكبرى في القارة الأفريقية والمنطقة العربية. فقد اكتشفت “فيسبوك” في أيار/مايو الماضي ما أسمته “عملية قرطاج”، وهي عملية هدفت إلى استغلال “فيسبوك” للتأثير على الانتخابات الرئاسية في تونس وبلدان أخرى في أفريقيا.
ولكن في ذلك الوقت، قد أدّى تفكيك “عملية قرطاج” إلى إزالة الكثير من الحسابات لنشطاء غير مرتبطين بهذه الحملة. وفي حين راسل عدد من المنظّمات التي تُعنى بالحقوق الرقمية شركة “فيسبوك” حول قضية حسابات النشطاء، تجاهلت الشركة الرسالة الائتلافية. تمّ استرجاع عدد من هذه الحسابات بفعل الاستجابة السريعة لمجموعات من المجتمع المدني، بقيت حسابات فنانين/ات وموسيقيين/ات تونسيين/ات معطلة.
ولذلك، يقول المدير التنفيذي لـ”سمكس”، محمد نجم، إنّه “من المهم لفيسبوك أن تقوم بهكذا عمليات، ولكن عليها أن تكون شفافة وواضحة فيما يتعلّق بالحسابات التي تحذفها وخصوصاً حسابات النشطاء. ولذلك، من الضروري أن تكون الشركة شفافة أكثر، وأن توفّر وسائل للطعن والمطالبة بتعديل نتيجة الحذف”.
ميولٌ سياسية للشبكات المكتشفة
قالت “فيسبوك” إنّها أزالت شبكة روسية المنشأ وتركّز بشكل أساسي على ليبيا والسودان وسوريا، وهي كانت تضمّ 211 حساباً شخصياً و126 صفحة على منصتها، وتضمّ 16 مجموعة و17 حساباً شخصياً على “إنستغرام”. وشرحت الشركة أنّها استطاعت تحديد “مجموعة أنشطة لامركزية مترابطة اعتمدت على مواطنين محليين من ليبيا ومصر والسودان وسوريا، وقد استخدمت هذه الحملة حسابات مزيفة تعمد إلى النشر في “المجموعات”، وصفحات تدّعي أنّها شبكات إخبارية. ووجدت “فيسبوك” أنّ هذه الحسابات تنشر باللغة العربية بشكل أساسي وتعلّق على الأخبار والحوادث الإقليمية، وتنشر معلومات مضللة، وتعليقات داعمة لخليفة حفتر والجيش الليبي، وسيف الإسلام القذافي. كما تنشر انتقادات لتركيا والإخوان المسلمين وحكومة الوفاق الوطني.
ولفت الناشط السوداني محمد البشير، في منشور له، إلى أنّ “بعض المجموعات والصفحات التي أزالتها “فسيبوك” قبل أسبوعين تتضمّن مجموعات وصفحات تدّعي أنّها للترفيه أو تتناول مواضيع عامة مثل ’فكرة كوم‘ و’مجلة المرأة‘. كما أنّ هناك صفحات إخبارية مثل ’حوادث وكوارث‘ و’المرصد السوداني‘ و’المراسل‘ و’مجلة المرأة‘ و’أخبار سوق عكاظ‘”.
أمّا الشبكة الثانية التي أزالتها “فيسبوك” كما قالت، فكانت فرنسية المنشأ تستهدف أساساً جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، وبدرجة أقلّ النيجر وبوركينا فاسو والجزائر وكوت ديفوار وتشاد. وقالت “فيسبوك” إنّها أزالت 84 حساباً شخصياً و6 صفحات و9 مجموعات على منصّتها، و14 حساباً على “إنستغرام” بسبب “انتهاك سياسة ‘فيسبوك’ للسلوك المشبوه”. وجدت “فيسبوك” كذلك أنّ الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الحملة استخدموا “حسابات مزيفة للتظاهر بأنّهم سكان محليون في البلدان التي استهدفوها، ونشر المحتوى والتعليق عليه، وإدارة الصفحات والمجموعات”. وكانت أغلب المنشورات باللغتين الفرنسية والعربية وتتناول الأخبار والأحداث الجارية، معلّقةً على أمور مثل سياسات فرنسا في البلدان الأفريقية الفرنكوفونية، والوضع الأمني في البلدان الأفريقية، ونشر ادعاءات حول تدخّل روسي في انتخابات في جمهورية أفريقيا الوسطى، وتعليقات داعمة للجيش الفرنسي. وأضافت “فيسبوك” في تقريرها أنّ بعض هذه الحسابات كان يعلّق على المحتوى الذي ينتقد فرنسا والذي كانت نشرته إحدى الشبكات الروسية.
بالإضافة إلى ذلك، حذفت “فيسبوك” شبكة تقول إنّها روسية المنشأ، وهي تضمّ 63 حساباً و29 صفحة و7 مجموعات على منصّتها وحساباً واحداً على “إنستغرام” بسبب “السلوك المشبوه”. ركّزت هذه الحملة على جمهورية أفريقيا الوسطى، وبدرجة أقل على مدغشقر والكاميرون وغينيا الاستوائية وموزمبيق وجنوب إفريقيا وجالية جمهورية إفريقيا الوسطى في فرنسا. أوضحت “فيسبوك” أنّ هذه الشبكة اعتمدت على مواطنين محليين من جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب إفريقيا، مستخدمةً مزيجاً من الحسابات المزيفة والمخترقة، وذلك من أجل نشر أخبار خاصة بها والترويج لها، وتشغيل مجموعات وصفحات تدّعي أنّها منصات إخبارية. وكانت تنشر باللغات الفرنسية والإنجليزية والبرتغالية والعربية وتكتب منشورات تتناول الأخبار والأحداث الجارية، بما في ذلك جائحة “كوفيد-19” واللقاح الروسي، والانتخابات المقبلة في جمهورية إفريقيا الوسطى، وقضايا الإرهاب، ووجود روسيا في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ورصدت “فيسبوك” أنّ بعض هذه الحسابات كانت تعلّق على محتوى منشورات الشبكة الفرنسية المنشأ وتردّ على الانتقادات الموجّهة لروسيا.