شهدنا خلال السنتَيْن الماضيتَيْن ازديادًا ملحوظًا في حالات ضبط الأجهزة من قبل القوى الأمنية في لبنان، وهي ظاهرة ازدادَ بروزُها بعد انتفاضة تشرين الأوّل/أكتوبر 2019. يبقى الإطار القانوني لعمليات الضبط هذه غير واضح، وغالبًا ما يُستغَلّ أو يُتحايَل عليه لأنّه يخضع للكثير من الممارسات غير المشروعة من جانب السلطات.
وقَّعَ لبنان على الكثير من المعاهدات الدولية التي تترك تداعيات على مسألة الخصوصية، والدستور اللبناني يحمي الحقّ في الخصوصية ولو كانَ ذلك غير مُعلَنٍ صراحةً. ومع ذلك، فإنّ الحقّ في الخصوصية مكفول من قِبَل المجلس الدستوري بموجب قرار يعود تاريخه إلى العام 1999.
على المستوى المحلّي، يسمح قانون “أصول المحاكمات الجزائية” المعدَّل في العام 2001 للقاضي بإصدار أمر بضبط الأجهزة. ويُضيف القانون رقم 140 الذي أقرّه مجلس الوزراء في العام 2009 تفويضًا إداريًا آخر يسمح بموجبه لبعض فروع السلطة التنفيذية بإصدار أمر للقيام بعمليات الضبط هذه، ولكنّه يفرض شروطًا يجب الالتزام بها: ينبغي اتّخاذ القرار في حالات الضرورة القصوى ويجب تدوينه وتبريره. وينقل “قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي” الذي أُقِرّ في العام 2018، صلاحية التفتيش وضبط الأجهزة خلال التحقيقات من قاضي التحقيق إلى النيابة العامّة من دون أيّ “قيود”.
خلال انتفاضة تشرين الأوّل/أكتوبر، تكرّر إيقاف الأجهزة الأمنية لعدد من المحتجّين وضبط أجهزتهم، الأمر الذي يُشكِّل خرقًا للخصوصية وانتهاكًا للحقوق الأساسية. وردًّا على عمليات الضبط هذه، أصدر النائب العام التمييزي تعميمًا في 3 كانون الأوّل/ديسمبر 2019 سلَّطَ فيه الضوء على الحقوق الأساسية التي يتمتّع بها الموقوفون، وذَكَّرَ بـ”دستورية” الحقّ في الخصوصية، ولا سيّما في ما يتعلّق بالأجهزة. ولكنَّ ذلك لا يلجم فعليًا مسألة التفتيش وضبط الأجهزة.
وعليه، نتقدّم بالتوصيات التالية:
- تعديل المادّة 123 من قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي بهدف إضافة قيود على عمليات الولوج إلى الأجهزة الشخصية والتفتيش فيها، على غرار القيود الواردة في القانون رقم 140/1999 لصون الحقّ بسرية المخابرات، وذلك بهدف إخضاع عملية التفتيش في الأجهزة للإجراءات المرتبطة باعتراض الاتصالات الخاصّة، وليس تفتيش المواد.
- مطالبة النائب العام التمييزي بإصدار إرشادات واضحة حول شروط عمليات التفتيش في الأجهزة وضبطها، من شأنها احترام مبادئ الشرعية، والضرورة، والنسبية في انتهاك الخصوصية.
- نقل صلاحية الأوامر القضائية حصرًا إلى قاضي التحقيق، لأنَّ المدّعي العام لا يزال طرفًا في الدعاوى القضائية، ما قد يؤدّي إلى إصدار أوامر متحيّزة.
- وضع آليات مساءلة للتأكُّد من أنَّ الأجهزةِ الأمنية تحترم القوانين والأنظمة.
- مواصلة النضال من أجل حقوق الدفاع وإنفاذ المادّة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية أمام كلّ السلطات القضائية.
- الامتناع عن مصادرة الهواتف والأجهزة الأخرى لدى استدعاء الأفراد للاستجواب، إلّا في حال وجود أمر قضائي يستدعي ذلك.
لتحميل التقرير كاملاً، انقروا هنا.
SMEX Device Seizures Report 2021 Ara F