منذ سقوط النظام في سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي، تعدّدت التصريحات الحكوميّة حول آليات العمل الجديدة لـ”تطوير” خدمات الاتصالات والإنترنت ووسائل التواصل.
اليوم، وبعد ثلاثة أشهر من تبدّل الأحوال كلياً في البلاد، كيف يبدو المشهد في ما يخصّ قطاع الاتصالات والإنترنت وحرية التعبير عبر الإنترنت في سوريا؟
جهاز المخابرات يتوعّد مستخدمي/ات وسائل التواصل
توعّد رئيس جهاز المخابرات السوّري أنس الخطّاب باستهداف كل من ينشر “بوست “(منشور) أو تغريدة أو تعليق على أي منصة تواصل يحرض بها على قتال الجيش السوري الجديد ودعم الفلول”، معتبراً إياه “هدفاً مباشر لجهاز الأمن العام ووزارة الدفاع”.
وأضاف خطّاب في تصريحه:” رسالتي لأهلنا على مواقع التواصل احفظوا وصوروا معلومات كل من شجّع على قتل الإخوة في الأمن أو التحريض”.
يعدّ هذا تصعيداً خطيراً يهدّد أمن وسلامة الأفراد بشكلٍ مباشر، خاصّة أنّ تهماً كالتحريض فضفاضة وقابلة للتأويل إلى حدٍّ كبير. وقد يتسبّب هذا الخطاب، علاوة على الأذى الجسدي والملاحقة، برقابة ذاتيّة وتضييقٍ كبير على حريّة التعبير في البلاد.
السلطات السورية الجديدة تصادر أجهزة “ستارلينك”
صادرت وأزالت وزارة الاتصالات السوريّة 55 جهاز بث “واي فاي” وأجهزة إنترنت فضائي “ستارلينك”، بحجّة أنّها تضيّق “الدخل القومي” للوزارة، وتتسبّب بـ”إلحاق الضرر بالطيف التردّدي الخاص بالسورية للاتصالات”.
وقد علّق ناشطون وخبراء في مجال الاتصالات على هذه الخطوة، مشدّدين أنّه وعلى الرغم من ضرورة قوننة توزيع الإنترنت، إلّا أنّ هذه الحادثة بالذات قطعت الإنترنت عن أكثر من 5 آلاف شخصٍ من دون تأمين أيّ بدائل لهم، خاصّة في ظلّ الاضطرابات الحالية التي تشهدها البلاد.
السلطات التركيّة تعتقل متهماً بالإساءة لأردوغان عبر منشوراته داخل الأراضي السوريّة
أعلنت وزارة الداخلية التركية القبض على شخصٍ في سوريا وإحضاره إلى تركيا، بسبب منشورات وصفتها بـ”المسيئة” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت الداخلية التركية في بيان لها إنّ النيابة العامة في إسطنبول أصدرت مذكرة اعتقال بحق هذا الشخص، وتم القبض عليه في سوريا بدعمٍ من المديرية العامة للاستخبارات الأمنية، ورئاسة إدارة الأمن، ومديرية الاستخبارات في هاتاي. وذكرت الوزارة أنّ إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونيّة باشرت بإجراءات قانونية ضد 97 حساباً شارك محتوى المتّهم، بعد أن حُظرت بأمرٍ من المحكمة.
الاتصالات السوريّة تمنح تراخيص لـ5 شركات إنترنت
أعلن وزير الاتصالات وتقانة المعلومات في سوريا حسين المصري أنّ الوزارة قامت بترخيص 5 شركات مزوّدة لخدمات الإنترنت، وأنه من المقرر منح تراخيص لـ 20 شركة أخرى قريباً.
وأكّد المصري على جذب استثمارات القطاع الخاص عبر تهيئة بيئة تنظيمية وتشريعية مُحفّزة، لتقديم خدمات إنترنت عالية الجودة بأسعار مناسبة.
ولكن، يبدو أن هناك تناقضاً بين خطاب الوزير والإجراءات الحكوميّة الأخيرة التي قضت بمصادرة أجهزة “واي فاي” و”ستارلينك”، وقطعت الإنترنت بشكلٍ فجائيّ عن آلاف الأشخاص. فكيف يُعتبر هذا متماهياً مع نيّة الوزارة في تهيئة بيئة تنظيمية وتشريعية مُحفّزة وتأمين “ما يستحقّه” الشعب السوري من خدمات الاتصال؟
تطبيقات ما زالت محجوبة في سوريا
تعاني سوريا منذ سنوات طويلة من قيود على الإنترنت، فإلى جانب الرقابة الحكومية الصارمة التي فرضها النظام السابق، اختارت العديد من الشركات العالمية حظر خدماتها في البلاد. وتحظر واشنطن على الشركات الأميركية تقديم البرمجيات والخدمات والتقنيات إلى سوريا من دون إذن خاص ومحدود.
وتشمل هذه التطبيقات:
- خدمات البث الترفيهي: “نتفليكس”، “برايم فيديو”
- تطبيقات الاجتماعات الافتراضية: “زووم”
- أدوات الذكاء الاصطناعي: “تشات جي بي تي”
- متاجر التطبيقات: “يوتيوب بريميوم”، وخدمات دعم المطورين، وبعض واجهات برمجة التطبيقات “إيه بي آي” (API)، بالإضافة إلى صعوبة في الوصول إلى متجر “غوغل بلاي”.
- قيود مشددة على خدمات “أمازون” و”آبل”: تفرض كل من “أمازون” و”آبل” قيودا صارمة على خدماتهما في سوريا، حيث تشمل هذه القيود عدم توفر متجر “آب ستور” التابع لآبل، إضافة إلى خدمات التجارة الإلكترونية والتخزين السحابي التي تقدمها “أمازون”.
- تطبيقات “التكسي” والنقل التشاركي: “أوبر”
- تطبيقات توصيل الطعام: “ديليفرو”، و”غلوفو”، و”فوودباندا”
تقارير: المعلومات المضلّلة “القاتلة” في سوريا
تشكّل المعلومات المضللة والعنف الإلكترونيّ بأشكاله المتعدّدة تهديداً للديمقراطية والعدالة، وهذا ما شهدناه خلال عقودٍ من خلال البحث والتوثيق المستمرّ لهذه الحالات في الفضاء الرقمي.
يستعرض هذا التقرير بعنوان “المعلومات المضلّلة القاتلة” الأضرار التي يسبّبها انتشار المعلومات المضللة بشأن سوريا. أما التقرير المكمّل له، “تأثير “الإسكات” و”الصمت”، فيتناول كيف تدفع الإساءة الإلكترونية الناس ممارسة رقابة ذاتية خانقة.
مقالات “سمكس” الأخيرة من سوريا:
بنية الاتصالات التحتيّة في سوريا: تاريخٌ متناقض من الإهمال
المعلومات المضلّلة تفاقم التوتّرات الطائفية في سوريا [رأي]
الصورة الرئيسية من AFP.