عفرين تحت قصف القوات التركية وحلفائها من الجيش السوري الحر. 14 آذار/مارس 2018 (ناطق باسم وحدات حماية الشعب).
تحديث: يوم الأحد 18 آذار 2018، أحكمت القوات التركية وحلفائها في الجيش السوري الحرّ سيطرتها على مدينة عفرين. لم يقم أحد ممّن تواصلنا معهم بعيد ذلك بالتبليغ عن قطع في الانترنت أو خدمات الاتصالات. على الرغم من ذلك، التحذيرات الاستباقية قد تنشر الوعي حول هذه الممارسات قبل حدوثها فمن الممكن لتركيا أو أي جهة حكومية أخرى اللجوء لقطع الانترنت في المستقبل.
في حين توشك القوات التركية ووحدات المعارضة السورية المسلحة المتحالفة معها على دخول مدينة عفرين شمال سوريا، يقلقنا في SMEX أن يؤدي انخفاض جودة الإنترنت وشبكات الاتصال في عفرين، أو قطعها بشكل كلّي عن المدينة، إلى زيادة سوء الوضع الإنساني المتردي هناك أصلاً. ما يقلقنا تحديداً هو قرار تركيا قطع الإنترنت الصادر من أراضيها إلى عفرين من أراضيها، خلال اليوم الأول للعملية. قطع الشبكة خلال النزاعات العنيفة، ومن ضمنها الحرب في سوريا التي أتمّت عامها السابع، يضاعف آثار الحرب، ما يجعل من الصعب على الناس الوصول إلى خدمات الطوارئ، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، والبقاء على اتصال مع من يحبونهم بعيداً عن ساحة الاقتتال.
في 20 كانون الثاني/يناير، أطلقت القوات التركية “عملية غصن الزيتون” ضد وحدات حماية الشعب ذات الغالبية الكردية في عفرين، بحجة حماية الأمن القومي التركي ومكافحة “الإرهاب”. في حين تزعم الحكومة التركية بأنّه لم يقتل مدنيون في إطار هذه الحملة، أفاد تقرير صادر عن الرئاسة المشتركة للمجلس الصحي في عفرين أنّ 277 مدنياً قتلوا وأصيب 651 آخرين، بالإضافة للعديد من الحالات غير الموثقة. مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أعلن يوم الأربعاء أنّ عفرين لم تزوّد بالماء منذ أسبوع.
كان أهالي عفرين قد شرعوا بالاعتماد على الإنترنت التركي كنتيجة للتدهور المستمر لحال الشبكات خلال الحرب في سوريا.
على الرغم من أن شبكة الإنترنت عادت للعمل في اليوم التالي، إلّا أن السكّان أفادوا بأن الاتصال كان بطيئاً جداً وغير مجدٍ. كامو، سوري كردي يعيش في هولندا منذ العام 2015، أخبر SMEX أن السكان أجبروا على العودة إلى استخدام شرائح SIM السورية، التي تزوّد مستخدميها بإنترنت بطيء للغاية.” يقلق كامو من أنّه قد لا يستطيع التواصل مع عائلته في عفرين إذا ما نجحت القوات التركية في دخولها، وهو أمرٌ يبدو حتمياً بناء على ما يرد في التقارير الإخبارية.
سنوات من القصف والخراب والتدخل الدولي جعل البنى التحتية لقطاع الاتصالات في سوريا ضعيفةً ويصعب الاتكال عليها. شركتا تشغيل الهواتف النقالة، سيريتل وإم تي إن، تقطعان خدماتهما باستمرار بناء على أوامر الحكومة، خلال العمليات الأمنية أو العسكرية. بالإضافة لذلك، لا يوجد إنترنت هاتف ذكي سريع وفعال إلّى في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
خلال سنوات الحرب، كان على السوريين في عدة مناطق اللجوء إلى استخدام شبكات الإنترنت للدول المحاذية، منها تركيا ولبنان، أو استخدام خيارات أشد كلفةً، مثل الإنترنت الفضائي. بحلول أيار/مايو 2017، كان ثلثا السوريين مقطوعين عن الإنترنت المحلي، بحسب تقرير حرية الشبكة الذي تنشره منظمة بيت الحرية Freedom House الأميركية غير الحكومية.
مثلاً، خلال الاقتتال العنيف الذي حصل في الريف الشمالي لحلب عام 2013، تعرضت الألياف الضوئية للضرر، ولم يتم إصلاحها بشكل كامل بعد. بحسب الناشط الإعلامي في عفرين تيراست جودي، انترنت الهاتف المحمول السوري “بالكاد يمكن استخدامه لإرسال الرسائل النصية أو، بأحسن الأحوال، الصور،” ما يدفع القرى المحاذية للحدود التركية للاعتماد على خدمة 3G التركية. أما الإنترنت الفضائي فهو خيار آخر، إلّا أنّه، بحسب جودي، عالي الكلفة “بمعدل $140 في الشهر لقاء 100 جيجابايت.”
“جميعنا تقريباً نستخدم الانترنت الذي يزودنا به عدونا اللدود،” قال مسعود محمد، وهو أحد سكان عفرين، لـ SMEX. العداء بين تركيا والعديد من المجموعات الكردية، يمكن تتبعه لتاريخ تأسيس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وفي حين نوه محمد إلى أن الاعتماد على الإنترنت التركي ليس خياراً حكيماً، قال: لم يكن لدينا أي خيار فعّال آخر.”
يوم الثلاثاء، أعلن الجيش التركي محاصرة عفرين، ولم يخف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رغبته بدخول المدينة، التي كانت حتى وقت مبكر من هذا العام ملاذاً لسوريين من مناطق مختلفة.
في حين لا يمكن لنا التأكد من أن تركيا ستقوم بقطع الإنترنت من جديد خلال الساعات أو الأيام المقبلة، إلّا أن تعطيل الشبكات الذي تمارسه الدول يغدو شيئاً فشيئاً من الملامح المعتادة للحروب. مؤخراً وثّقت تغطيتنا لقطع الإنترنت في اليمن، وفي شمال سيناء بمصر، خلال العمليات العسكرية، حالات من الضرر والوصول المحدود إلى خدمات الطوارئ في حالات الإصابة، أو الموت، أو الولادة.
في شهر حزيران/يونيو 2016، أصدر مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قراراً يعبر فيه عن قلقه الشديد من “الإجراءات التي تهدف عن قصد إلى منع أو تعطيل الوصول إلى المعلومات على الويب أو التمكن من نشرها.” على الرغم من هذا القرار، ازداد عدد انقطاعات الشبكة بين العامين 2016 و 2017، ما يظهر تجاهل الدول التي تستخدم هذه التكتيكات وعدم احترامها أو حرصها على رعاية حقوق الإنسان في العالم الرقمي.
بجميع الأحوال، يعيق قطع أو تعطيل الشبكة الناس من اشباع حاجاتهم الأساسية في الاتصال مع الآخرين، يسبب خسائر اقتصادية كبيرة، ويخرق حقوق الناس الأساسية في الوصول إلى المعلومات وفي حرية التعبير. أمّا في سياق الحروب، تكون الأضرار أكثر شدّة، وقد تشمل خسارة الحياة أو ارتفاعاً في حدّة جرائم الحرب.
في حين قلّما تتنبّأ مجموعات مراقبة لحقوق الإنسان مثل SMEX بمواعيد قطع الشبكة في أوقات الحرب، علينا أن نتعلم كيف يمكن التعرّف على علامات التحذير وقيادة حملات ضد هذه التصرّفات لجعل استخدام الدول لقطع الإنترنت كسلاح أمراً غير سهل. أن ننتظر حتى يتم قطع الشبكة في وقت النزاعات المسلحة، يعني أننا انتظرنا أكثر من اللازم.