نسويّات عربيّات تناقشن سبل مكافحة العنف على الويب. 24 تشرين الأول/نوفمبر 2017، بيروت، لبنان. (Oxfam/The Media Booth)
هل يتيح الإنترنت مساحة إضافيّة للنساء لتحرير أنفسهنّ، أم يوسّع المجال للعنف على أساس النوع الاجتماعيّ؟ بمناسبة الحملة العالمية “16 يوماً من النشاط ضدّ العنف المبنيّ على النوع الاجتماعيّ”، قامت أوكسفام، بالتعاون مع SMEX، وورشة المعارف (ورشة مستمرّة في بيروت توثّق وتبحث في حكايا النساء)، بتنظيم جندرتك، وهي فعاليّة دامت يومين وهدفت لمناقشة انخراط النساء في المساحات الرقمية وحقّهن بوصولٍ آمن إلى تلك المساحات.
أكثر من 100 نسويٍّ(ةٍ)، وتقنيٍّ(ةٍ) وعاملٍ(ةٍ) في مجال المجتمع المدنيّ، من أنحاء متعدّدةٍ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التقوا في بيروت للحديث عن قضايا التحرّش والمضايقة عبر الويب، وهي ما تتعرض له تقريباً ثلث نساء العالم. في ورشةٍ مفعمةٍ بالحيويّة عن سبل مناهضة العنف على الويب، عدّدت المتحدّثات أنواع ذلك العنف، انطلاقاً من التتبُّع، مروراً بالتهديد بالاغتصاب، وإنشاء حسابات مزورة لتشويه السمعة، وصولاً إلى الانتقام عن طريق نشر صورٍ أو محادثاتٍ حميميّة. هذا النوع من الاعتداءات، بحسب المديرة التنفيذية لجمعية حرّية المعنية بحقوق الإنسان في بورسعيد اسراء فهد، قد يقود، وقد قاد النساء إلى الانتحار. مجابهة ذلك، بحسب الناشطة السياسية ديالا حيدر، تكون بإنشاء منصّات لا تسيطر عليها الشركات أو الحكومات. كما يجب أن يكون للنساء، بحسب حيدر، قولٌ في سياسات الإنترنت الّتي تضبط وتؤثّر على تجاربهم على الويب.
هيكلة الإنترنت هي جزءٌ من الحلّ، في حين أنّ ملكيّة المحتوى الموجود عليه هو جزءٌ آخر. فرح برقاوي صحفيّة تعمل على مشروعٍ جديد اسمه ويكي جندر، قالت أنّ حفظ ونشر الأفكار النسويّة هو بحدّ ذاته “شكلٌ من أشكال المقاومة.” في حين اتّفقت متحدّثاتٌ أخريات على أهمية توسيع نطاق المحتوى النسويّ باللغة العربية لكونه عاملاً جوهريّاً في مواجهة انعدام المساواة بين الأنواع الاجتماعية. الإيمان بأنّ التوثيق والأرشفة هو نوعٌ من أنواع المقاومة كان أمراً عاودت المؤرشفة هنا سليمان التأكيد عليه خلال ورشتها حول الأرشفة النسويّة والتاريخ الشفوي. فهرسة وتصنيف المواد الأرشيفية، بحسب سليمان، هو عامل مهم في حفظ الذاكرة الجماعيّة للأجيال القادمة.
من الأرشفة إلى الترجمة، اتّفقت المتحدّثات والمشتركات/ون على ضرورة إتاحة المحتوى الرقمي أمام الجميع عند تحدّي النظام الأبوي، بالإضافة لعقد لقاءات حول اللغة العربية وخلق صيغة محلّية للمفاهيم المختلفة. خلال ورشة حول ترجمة حديثة لمبادئ الإنترنت النسويّة، الّتي وضعتها جمعية الاتصالات التقدّمية APC، اشترك الحضور بنقاش مثير للاهتمام حول استخدام المصطلحات والتعابير الأجنبية الجديدة كما هي، ترجمة المصطلحات المتعلّقة بالجندر، أو النوع الاجتماعي إلى اللغة العربية، واستخدام المصطلحات التخصّصية. ورغم أنّه لم يكن هناك إجماع في نهاية الورشة على كيفية ترجمة المبادئ النسويّة، تحدّثت المديرة المشاركة في ورشة المعارف، سارة أبو غزال، عن أهمّية عقد نقاشاتٍ كهذه، بقولها “من المهم أن نجلس جميعاً وننتج المعرفة معاً … أن نحظى بمراجعة من صديقاتنا وأصدقائنا ذوات/ي الخبرات المشابهة.”
ولكن أين يجب نشر هذه المعرفة؟ سيطرة الشركات على الإنترنت والتضييق المستمر على الفضاءات الرقمية عواملٌ تكرّر ذكرها خلال الفعالية. كيف يمكن للنسويّات/ين التنظيم على منصّات تسعى لتحقيق الربح المادّي ولها باعٌ طويل في إضعاف وحجب الأصوات المنتقدة أو الجدلية. الناشطة نادين معوّض قالت بأن شركاتٍ مثل فيسبوك وغوغل تدّعي كونها صديقةً للمستخدم(ة)، وتحديداً المهمّشين/ات منهم/نّ، في حين أنها عملياً “تحتجزهم/نّ كرهائن.” معوّض أضافت أنّه رغم الحاجة لخلق منصّات إعلام اجتماعيّ آمنة، ينبغي تذكّر قيمة تنمية العلاقات خارج عالم الإعلام الاجتماعي. تارا تاراكيّة، مدير برامج في صندوق التكنولوجيا المفتوح حذّر من أنّه في حال سيطرت الشركات الكبرى على البنى التحتيّة للإنترنت، “قد لا يكون هناك سبيل لاسترجاعه” ودافع عن استخدام شبكات اجتماعية لا مركزيّة مفتوحة المصدر مثل ماستودون، كبديل عن تويتر، يسمح للمستخدمين بالتحكّم بمجتمعاتهم على الويب ووضع قواعد قد تساعد في خلق فضاءات رقمية خالية من التحرّش.
في اليوم الثاني من جندرتك، انتقل(ت) المشتركون/ات من مناقشة البدائل، إلى تصميمها. في هاكاثون استمرّ يوماً كاملاً قادته Humanity X، وهو فريق دعم مركزه هولندا، يساعد على دعم التكنولوجيا من أجل تحقيق الخير للمجتمع. وضع(ت) المشتركون/ات تصوراتهم/نّ لحلّ قضية العنف على أساس النوع الاجتماعي. تضمّنت المقترحات توفير سمارت ستاندز في المدارس، تزوّد الطالبات والطلاب والمدرّسين/ات بمواد تعليميّة؛ تصميم برنامج يتعقّب ويوثّق حالات التحرّش فور حدوثها؛ حملات رقمية ترمي لبناء التوعية وملئ فجوات البيانات ودعم من هنّ أكثر تأثّراً بالعنف.
هذا المقال من ترجمة آسر خطّاب.