تشرح هذه المدوّنة تكاليف قطع الإنترنت أثناء فترة الامتحانات في المنطقة الناطقة باللغة العربية. وننشرها كجزء من حملة “سمكس” للإضاءة على أضرار هذه الممارسة على الإنترنت والاقتصاد وحياة الناس.
يَحدُث قطع الإنترنت عندما يعمد كيانٌ ما، مثل جهة حكومية أو جهة غير حكومية، إلى تعطيل عمل الإنترنت عمداً، في حين يُحدَّد حجم قطع الإنترنت وتأثيره من خلال موقعه والخدمات المتضرّرة.
في المنطقة الناطقة باللغة العربية، أصبحَ قطعُ الإنترنت حدثاً شائعاً منذ احتجاجات 2011 في مصر. وبعد أن عمدت الدولة العراقية والدولة السورية إلى قطع الإنترنت أثناء فترة الامتحانات في عام 2015، بدأَ المزيد من الدول العربية بتنفيذ هذه الممارسة بحجّة “الحدّ من تسريب الأسئلة ومنع الغشّ”، وهي ممارسة تستمرّ فيها الجزائر والسودان والأردن وسوريا حتى الآن في عام 2022. تؤدّي هذه الإجراءات غير المُجدِية إلى إلحاق أضرار اقتصادية بالغة وإبطاء مسار التطوُّر الرقمي.
في عام 2016، بلغَت نسبة الاقتصاد الرقمي وحده 15.5% من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي؛ وبحلول عام 2025، من المتوقّع أن يَصِل إلى 24.3%، وسط ازدياد أهمية الإنترنت للابتكار والتنمية والنموّ الاقتصادي. مثلما تعتمد الأعمال التجارية الحديثة على الكهرباء، يعتمد الاقتصاد الرقمي على الاتّصال غير المنقطع بالإنترنت، وبالتالي، يؤدّي ضعف الاتّصال بالإنترنت إلى تراجُع النشاط الاقتصادي وعرقلة الابتكار والاستثمارات، الأمر الذي ينعكس سلبياً على اقتصادات الدول.
كانَ تأثير هذه الممارسة كبيراً في الجزائر والسودان والأردن وسوريا التي لجأت جميعها إلى قطع الإنترنت أثناء فترة الامتحانات في عام 2021.
في الجزائر مثلاً، تسبَّبَ الانقطاع المؤقّت الواسع النطاق خلال فترة امتحانات البكالوريا عام 2020 بإلحاق أضرار في الاقتصاد الوطني تُقدَّر بـ388 مليون دولار، وفقاً لأحد الخبراء.
في السودان، حيث البنية التحتية الرقمية ما زالت غير متطوّرة عموماً، كلَّفَت عمليات قطع الإنترنت خلال الامتحانات في عام 2020 حوالي 5.7 مليون دولار يومياً، بمجموعٍ يتجاوز 68 مليون دولار طيلة فترة الامتحانات.
وفي الأردن، يقتصر القطع الحجب مبدئياً على تطبيقات المراسلة في المناطق والمباني التي تجري فيها الامتحانات. ورغم ذلك، أفادت المصارف والشركات عن انقطاع الخدمة أيضاً: في عام 2020، وصلت الكلفة الإجمالية لانقطاع الإنترنت إلى حوالي 4.9 مليون دولار.
وفي حين يصعب الحصول على أرقام دقيقة في سوريا، فإنَّ الحفاظ على عمل شبكة الإنترنت بشكل صحيح يُعتبَر أمراً حيوياً للاقتصاد الهشّ والمتضرّر جرّاء النزاع المستمرّ.
يؤدّي قطع الإنترنت إلى آثار اقتصادية مباشرة وملحوظ، خصوصاً في البلدان التي تراهن على التكنولوجيا الرقمية لتحقيق النموّ الاقتصادي والتنمية، لكنَّ هذه الأرقام لا تكشف تداعيات هذه الممارسة على المدى البعيد.
من المثير للاهتمام أنَّ الجزائر والسودان والأردن لديها جميعها خطط لتطوير اقتصادها الرقمي، وفي المقابل تستمرّ باللجوء إلى ممارسة قطع الإنترنت: بالتالي، هناك تعارُض وتضارُب واضح بين هذه الخطط والممارسات. فالاتّصال المفتوح والآمن والموثوق بالإنترنت هو الشرط الأساسي لتحقيق التطوُّر الرقمي الناجح. وإذا لم يتمكَّن المواطنات والمواطنون والشركات والمُستثمِرون المُحتمَلون من الاعتماد على حُسن سير عملياتهم الرقمية، سيتعذّر عليهم أن يُحقِّقوا كامل الإمكانات التي يوفّرُها المجال الرقمي.
وتتمثّل العواقب الإضافية في الصعوبات التي يواجهها الطلّاب، والتخلّف عن مواكبة الاتّجاهات العالمية، وتعطيل الحياة اليومية، وتباطؤ التنمية الاجتماعية والاقتصادية والرقمية. وطالما تستمرّ هذه البلدان في قطع الإنترنت، سيشهد تطوّرُها الرقمي تباطؤاً ملحوظاً.
من الواضح أنَّ قطع الإنترنت، في هذه الحالة لأسباب غير ذات معنى مثل منع الغشّ، يخلّف آثاراً جذرية على الاقتصاد والتنمية. تؤدّي هذه الممارسة على المدى القصير والمباشر إلى إبطاء النشاط الاقتصادي وعرقلة سير الحياة اليومية، ممّا يرتّب تكاليف باهظة. وعلى المديَين المتوسّط والبعيد، تتعارض ممارسات قطع الإنترنت مع خطط التنمية لأنَّ هذه الخطط لا تنجح إلّا بوجود شبكة إنترنت مفتوحة وآمنة وموثوقة.
فيما يلي جدول يظهر تواريخ الامتحانات وخطط قطع الإنترنت في بعض البلدان التي اعتادت قطع الإنترنت. في حال كان لديكم/ن أيّ تحديث أو قصّة حوول تأثير #قطع_الإنترنت، نرجو مشاركتها معنا عن طريق هذه الاستمارة.