تعاني غالبيّة منظّمات المجتمع المدني في سوريا من غياب خطط الأمن السيبراني وإجراءات الأمان الأساسية، ما يترك البيانات الحساسّة، من أرشيف ومعلوماتٍ شخصيّة وغيرها، في خطرٍ مستمرّ يهدّد سلامتها وخصوصيّتها.
من جهة أخرى، انقطعت مؤخراً خدمات الإنترنت والاتصالات عدّة مرات في مناطق مختلفة، لأسبابٍ منها ما عُرف ومنها ما بقي مجهولاً، ما حرم السكّان من القدرة على التواصل ومتابعة مجريات الأحداث في ظلّ توتّر الأوضاع الأمنيّة.
المزيد في هذه الجولة السريعة على آخر أخبار الحقوق الرقميّة في سوريا.
انقطاع الإنترنت في درعا والسويداء
عادت خدمات الاتصالات والإنترنت في 9 آذار/مارس الجاري في محافظتي درعا والسويداء بعد أن توقّفت فجأة نتيجة انقطاع الكبل الضوئي الرابط بين درعا ودمشق، وذلك بسبب تعديات متكررة على البنية التحتية للاتصالات.
وأشار مدير فرع اتصالات درعا أحمد الحريري في تصريحاتٍ صحافية، إلى أن هذه التعديات أدت إلى قطع الكبل الضوئي الحيوي الذي يربط المحافظتين بمراكز الاتصالات الرئيسية، مما تسبب في توقف الخدمة بشكل كامل.
وكان الكبل الضوئي الذي يربط محافظتي درعا والسويداء مع مراكز الاتصالات الرئيسية تعرض لعدة اعتداءات أدت إلى انقطاع الخدمة عن المواطنين.
مخاوف بعد انقطاع الاتصالات في الساحل السوري
شهدت منطقتا اللاذقية وطرطوس انقطاعاً في خدمات الاتصالات والانترنت على شبكتي الهاتف الخليوية، في 17 آذار/مارس الجاري، مما أثار مخاوف السكان من إطلاق عملية أمنية في المنطقة.
وبحسب ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن سبب الانقطاع غير محدد، وقد تسبب في تعطيل العديد من الأعمال والخدمات.
وفي 8 آذار/مارس الجاري، انقطعت الكهرباء ومياه الشرب عن مناطق واسعة في ريف اللاذقية بالتزامن مع المجازر التي ارتكبت بحقّ سكّان الساحل السوري، مما أدى إلى انقطاع الخدمات لا سيما الاتصالات في بعض المناطق.
سوريا: التبعات المحتملة لطباعة الوثائق الرسمية في تركيا
نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2024 المنصرم، قال موقع “صحيفة تركيا” (Türkiye Gazetesi)، أنّ الإدارة الجديدة في سوريا طلبت المساعدة في بعض الخدمات من تركيا، بما في ذلك الدعم لطباعة الوثائق الرسمية مثل بطاقات الهوية وجوازات السفر ورخص القيادة، وذلك بسبب نقص البنية التحتية في سوريا اللازمة لطباعة مثل هذه الوثائق.
يثير هذا التوجه مخاوف مشروعة حول خصوصيّة بيانات السوريين باعتبارها ستكون بين أيادٍ أجنبيّة تملك سجلاً حافلاً بالانتهاكات، وكونه انتهاكٌ واضح لمبدأ سيادة البيانات التي يجب أن تُعالج محلياً.
المزيد في هذا التقرير من إعداد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”.
مخاوف بشأن واقع الأمن السيبراني لمنظمات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا
تواجه منظمات المجتمع المدنيّ في سوريا منذ بدء الحرب صعوباتٍ جمّة لناحية طرق حماية البيانات ذات الطابع الحسّاس وضمان الاتصال الآمن. وقد نتج عن سلسلة المشاكل المزمنة هذه فجوات أمنيَّة تهدّد بيانات العاملين بمنظمات المجتمع المدني وأرشيفها.
في مناطق شمال وشرق سوريا، كان الاعتماد سابقاً على شبكة الاتصالات السورية الحكومية، ليصبح بعد بدء الحرب على شبكة الانترنت الفضائي، ومن ثم شبكة الانترنت التركي، وأخيراً شبكة “آرسيل” الخاصة بالمنطقة المذكورة. تسبّب ذلك بفوضى كبيرة مسّت بأمن البيانات، إذ فُقد بعضها وتعذّر الوصول إلى بعضها الآخر، ومال زال الوضع على ما هو عليه حتى اليوم. ورغم خطورة الواقع الأمني السيبراني لمنظمات المجتمع المدني العاملة في سوريا، لم تُعِر المنظمات الاهتمام بموضوع دراسات جديَّة متعلقة بوسائل الحماية الرقميَّة العميقة، ولا تتعدّى التدريبات التي يتلقاها الموظفون كونها ورشات متعلقة بكيفيّة إنشاء بريد إلكتروني، أو صفحة على مواقع التواصل، دون الغوص في جوهريَّات الأمن الرقمي على المستوى المؤسَساتي.
المزيد في هذه المقالة من “سمكس”.
السلطات تمنع تقديم خدمة الإنترنت إلا من خلال الشركات الحاصلة على تراخيص
أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد التابعة لوزارة الاتصالات عن منع أصحاب المنشآت والأماكن التي يرتادها العموم عن تقديم خدمة الإنترنت لهم، إلا من خلال الشركات الحاصلة على تراخيص من الهيئة لهذه الغاية حصراً.
وأوضح المكلف بإدارة الهيئة المهندس محمد عاطف الديري أنّ المقصود بالمنشآت والأماكن التي يرتادها العموم لخدمة الإنترنت على سبيل المثال الجامعات والفنادق والمقاهي والحدائق العامة وغيرها، داعياً القائمين عليها إلى عدم تقديم خدمة الإنترنت للعموم، إلا بموجب ترخيص صادر من الهيئة.
كيف ساهمت المعلومات المضلّلة بتأجيج أعمال العنف في سوريا؟
ارتبط انتشار المعلومات المضللة بالمجازر التي ارتُكبت في مناطق الساحل السوري بشكلٍ مباشر.
ولاحظت منصات التحقق من المعلومات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتلاعب بالمقاطع المصورة وتغيير الأصوات لإنتاج محتوى “شديد التحريض ومروع بصرياً.”. من جهة أخرى، انتشرت منشورات تنعي أفراداً، ليظهروا لاحقاً وينفوا خبر وفاتهم أو وجودهم في البلاد أصلاً.
مقالات ذات صلة
بنية الاتصالات التحتيّة في سوريا: تاريخٌ متناقض من الإهمال
سوريا: السلطات تتوعّد مستخدمي وسائل التواصل وتصادر أجهزة “ستارلينك”
الصورة الرئيسية من AFP.