أصيب ما يزيد عن 1200 شخصٍ اليوم الثلاثاء بسبب انفجار أجهزة النداء الآلي (Pager) التي يستخدمها عناصر حزب الله في لبنان للتواصل الداخلي فيما بينهم. وقد نقلت تقارير صحافيّة سقوط الإصابات في العاصمة بيروت وفي القطاع الشرقيّ ومختلف بلدات قضاء مرجعيون، حيث انفجرت الأجهزة بيد حامليها.
بعد دقائقٍ من وقوع الحدث، اجتاحت وسائل التواصل والمجموعات الإخباريّة المحليّة على تطبيقات المراسلة موجةٌ من الأخبار الكاذبة والمضلّلة. وقد تسبّب تعدّد النظريات والتخمينات التي لم تصدر عن خبراء أو مطّلعين بزيادة حالة الهلع بين المدنيين/ات.
ما زالت تفاصيل الواقعة غير واضحة في ظلّ عدم صدور أيّ بيانٍ رسمي توضيحيّ عن الجهات المعنيّة. وقد حلّلت “سمكس” تفاصيل الحدث، وتوصّلت إلى ثلاث نظريّات تفسّر ما حدث فعلياً من وجهة نظرٍ سيبرانيّة وتقنيّة.
النظرية الأولى
يُحتمل أن تكون أجهزة النداء التي انفجرت جزءاً من شحنةٍ جرى استلامها وتشغيلها بعد أن تمّ العبث بها خلال عملية الشحن، فزُرعت فيها (على سبيل المثال لا الحصر) عبواتٌ متفجّرة صغيرة، ليتمّ تفعيلها عن بعد أو بواسطة جهاز توقيت.
النظرية الثانية
لم تتعرّض أجهزة النداء لأيّ اعتراض، إلا أنّ الاستخبارات الإسرائيليّة كانت على دراية بطبيعة هذه الأجهزة، فطوّرت طريقة لبثّ ثغرة يمكن استغلالها في هذه الأجهزة. يُحتمل أن تكون الثغرة قد تسبّبت برفع حرارة الأجهزة، ممّا أدّى إلى انفجار بطارياتها.
النظرية الثالثة
يمكن أن يكون قد جرى التلاعب بأجهزة النداء التي انفجرت خلال عملية الشحن (هجمات سلاسل التوريد- supply chain attack) ليتمّ تفعيلها لاحقاً عن طريق موجات راديو تُطلق من محطةٍ أرضية أو جهازٍ استخباراتيّ (نظام الإنذار المبكر والتحكّم-AWACS على سبيل المثال) لتفجير الأجهزة.
كيف يعمل جهاز النداء؟
جهاز النداء (Pager) هو جهازٌ لاسلكي صغير يُستخدم لاستقبال الرسائل القصيرة أو التنبيهات. كان يستخدم على نطاقٍ واسع قبل شيوع الهواتف المحمولة، لا سيما في الثمانينيات والتسعينيات، وكان يُفضّل استخدامه من قبل الأطباء والمستجيبين لحالات الطوارئ ورجال الأعمال بسبب موثوقيّته في استقبال الإشعارات العاجلة.
تعمل أجهزة النداء على عنصرين أساسيين:
–الإرسال: تعمل أجهزة النداء من خلال الإشارات الراديويّة. يقوم مزود الخدمة بإرسال إشارة (عادةً ما يتمّ ذلك عبر محطة أساسية أو شبكة أقمار صناعيّة) إلى جهاز النداء، وقد تكون هذه الرسالة عبارةً عن أرقامٍ فقط، أو أبجديّة رقمية (نصوص) أو صوتيّة.
–التنبيه: عند استلام الرسالة، يُطلق جهاز النداء المستخدم صوت تنبيهٍ أو اهتزاز أو كليهما، لحثّ حامله على التحقق من الشاشة وقراءة الرسالة الواردة.
أنواع أجهزة النداء
– جهاز النداء الرقمي Numeric Pager: يعرض الأرقام فقط، عادةً ما تكون أرقام هواتف يجب على المستخدم الاتصال بها.
– جهاز النداء الأبجدي الرقمي Alphanumeric Pager: يعرض الأرقام والأحرف، ويسمح بإرسال الرسائل النصية القصيرة.
– جهاز النداء ثنائي الاتجاه Two-Way Pager: يسمح للمستخدم بإرسال واستقبال الرسائل النصية
استخدامات أجهزة النداء
-المجال الطبي: يعتمد الأطباء والممرضون على أجهزة النداء لاستقبال الإشعارات الطارئة في المستشفيات، وذلك لقدرتها على العمل في الأماكن حيث تضعف إشارات الهواتف المحمولة ضعيفة.
-خدمات الطوارئ: تستخدم الشرطة، وفرق الإطفاء، والمستجيبون لحالات الطوارئ أجهزة النداء لتبادل المعلومات الحيوية بوتيرة سريعة.
-عاملون في مهن متنوّعة أخرى: يعتمد العاملون في مجالات تكنولوجيا المعلومات، والهندسة، والصيانة على أجهزة النداء لتلقّي التنبيهات عند الحاجة إلى إجراء أعمالٍ أو إجراءاتٍ ملحّة.
لماذا ما زالت أجهزة النداء مستخدمة؟
-الموثوقيّة: تعمل أجهزة النداء عن طريق إشارات الراديو الأكثر قدرة على اختراق إشارات الهواتف المحمولة، ممّا يضمن تبادل الرسائل حتى في المناطق ذات التغطية الضعيفة.
-البطارية: تستطيع بطاريات أجهزة النداء العمل لأسابيع دون توقّف، ما يجعل منها أداة عمليّة مقارنة بالهواتف المحمولة التي تتطلّب الشحن بشكلٍ يوميّ.
-سهولة الاستخدام: تخلو أجهزة النداء التطبيقات أو المشتّتات الأخرى، مما يجعلها مثاليّة لإيصال المعلومات الحيوية دون أي تدخل أو اعتراض من قبل أطراف خارجيّة.
في الوقت الحالي، توصي “سمكس” بالاستغناء الكلّي عن استخدام أجهزة النداء الآلي في لبنان.
كونوا بأمان!
الصورة الرئيسية من أ ف ب.