بيروت، لبنان، 15 نوفمبر 2022، في إطار النسخة الخامسة من ملتقى “خبز ونت” التي عقدت في بيروت من 15 إلى 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد غياب أكثر من عامين بسبب جائحة “كورونا”، استضفنا بدور من منظمة “نحن شباب” التونسية، وهي منظمة حقوقية تعمل على تطوير قدرات الشباب في تونس. في جلسة مدتها نصف ساعة، استعرضت بدور دراسة في عدة ولايات من الجمهورية التونسية، تهدف إلى رصد معاناة النساء العاملات في السياسة والمجتمع المدني التونسي، بهدف مقاومة العنف الإلكتروني.
بدأت بدور حديثها بتسليط الضوء على عدم اعتبار الكثيرين أن العنف الحاصل على منصات التواصل عنفاً حقيقياً يمكن أن يضرّ بنا. ويشير هذا إلى أنّ العنف القائم على النوع الاجتماعي غير مرئي وغالباً ما تُحرم النساء المتضررات بسببه من أبسط حقوقهن مثل العدالة والحماية.
تقول بدور إنّ الأمر ليس بهذه البساطة، إذ يعدّ العنف الإلكتروني المبني على النوع الاجتماعي شكلاً من أشكال القوة أو الاستغلال المتجذر في التمييز، وأحد أكثر القضايا إلحاحاً بالنسبة إلى النساء بوصفه انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية.
لماذا أعدّت الدراسة؟
أشارت ممثلة منظمة “نحن الشباب” إلى أنّ المنظمة أعدت هذه الدراسة رفضاً لتقييد حرية النساء على مواقع التواصل، وإيمانهم بأهمية أن يكون الفضاء الرقمي العام فضاءًا متاحًا للنساء.
وتضيف “كذلك نسعى إلى تجنب لوم الضحية أو الأفكار التي تحد من تعبير النساء […] لم يعد مقبولاً لوم النساء على نشرهنّ صوراً أو آراء معينة”.
بحسب الدراسة، تتنوّع أشكال العنف الرقمي:
-التهديد اللفظي
-الابتزاز الإلكتروني
-انتحال هوية على الفضاء الرقمي
-نشر صور على الفضاء الرقمي العام دون إذن صاحبتها
-نشر صور أو التهديد بنشرها بغرض الابتزاز
-نشر صور ذات طابع حميمي أو التهديد بنشرها بغرض الابتزاز
-تعنيف المرأة في الحياة الواقعية ورفعه على الإنترنت
-التهديد بالعنف الجنسي
-كشف المعلومات الشخصية بغرض الابتزاز
أما عن أوجه التشابه بين العنف الرقمي وغير الرقمي، فتشير الدراسة إلى أن العنف الرقمي والحقيقي يشتملان على:
- العنف الجنسي.
- العنف الاقتصادي.
- العنف المادي.
تجدر الإشارة إلى أن العنف الرقمي له آثار عديدة تتمثل في:
- الشعور بالضيق والحرج وحتى الغضب
- الشعور بالخجل وفقدان الاهتمام بالأشياء المحببة
- الشعور بالأرق والصداع
الإطار القانوني لمكافحة العنف الرقمي في تونس
ألزم الدستور التونسي بحرمة الجسد ومنع التعذيب المعنوي، وضمن حماية الحياة الخاصة والمراسلات وسرية المراسلات والاتصالات. كما ساهم صدور الدستور التونسي في تجذّر انخراط تونس في المنظومة الأممية العالمية لحقوق الإنسان، وذلك من خلال تبني القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
وقد عرّف هذا القانون العنف ضد المرأة بأنه كل اعتدء مادي أو معنوي أو جنسي أو اقتصادي ضد المرأة أساسه التمييز بسبب الجنس، ويتسبب في إيذاء أو ألم أو ضرر اقتصادي أو نفسي أو جسدي أو جنسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بالاعتداء أو الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات سواء في الحياة العامة أو الخاصة.
ويستتبع ذلك مسؤوليات فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية مع ضرورة التوفيق بين حق الفرد في ممارسة حريته في التعبير وبين حق الأفراد في حماية حياتهم الخاصة ومعطياتهم الشخصية. لذلك سعى المشرّع التونسي إلى إحاطة الفضاء الرقمي بإطار تشريعي يكفل لمستخدميه نوعاً من الأمان الرقمي.
ومن أبرز المصادر التشريعية:
1: المجلة الجزائية
2: مجلة الإجراءات الجزائية
3: القانون عدد 83 لسنة 2000 المتعلق بالمبادلات والتجارة الإلكترونية
4: مجلة الاتصالات الصادرة عام 2001
5: القانون عدد 63 الصادر عام 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية
6: القانون عدد 5 لسنة 2004 المتعلق بالسلامة المعلوماتية
7: القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
حدود الإطار القانوني الساري في مكافحة العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي
على الرغم من تعدد القوانين التونسيّة التي تناهض العنف الإلكتروني، إلا أن ذلك لم يمنع هذا الأذى. تشير الدراسة إلى أنّ 51% من المشاركات أكّدن تعرضهنّ للتنمر الإلكتروني، فيما أكّدت 24% منهنً تعرضهن للتحرش الجنسي. وتعرّضت 19% تعرضهن للهرسلة المعنوية.
كذلك أشارت الميسرة أن هناك عدداً من القوانين الفعّالة في تونس، إلا أنّها غير مطبّقة، ويقف وراء ذلك الوضع السياسي الحالي بالإضافة إلى التباين بين النصوص القانونية والأحكام المتناقضة، مما يؤدي إلى انعدام الأمن القضائي والقانوني؛ “بعض القوانين تشكّل عامل إضعاف لتجربة التعبير والإعلام وبوابة للعودة إلى سياسة الحجب والرقابة”.
لماذا تقوم منظمة “نحن الشباب” بحملات نسائية حول الأمن الرقمي؟
بعد الدراسة قامت المنظمة ببعض التدريبات التي تهدف إلى:
- إكساب النساء بعض التقنيات التي تمكنهنّ من استخدام للإنترنت بحرص وأمان أكبر، وخاصة مواقع التواصل.
- التأكيد لهنّ بأنه يمكن ملاحقة المعتدي ومحاسبته، حتى ولو وقع الاعتداء في المساحات الرقميّة.
وأشارت الميسرة إلى أن هناك مبادئ نسوية عالمية ترغب المبادرة بتطبيقها في تونس مثل:
- حق الإتصال بالإنترنت
- حق الوصول للمعلومات
- بناء الحركات
- تعزيز الخطاب النسوي