بيروت، لبنان، 17 نوفمبر 2022، في إطار النسخة الخامسة من ملتقى “خبز ونت” 2022 والتي عقدت في بيروت من 15 إلى 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد غياب أكثر من عامين بسبب جائحة “كورونا”، استضفنا حضورياً مجموعة متنوعة من الشباب للحديث حول نتائج الأبحاث والمبادرات الجديدة التي يقدّمها عاملون/ات في المجال الثقافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لإعادة التفكير في نماذج اقتصادية أكثر عدلاً في الموسيقى والأدب. أدارت الجلسة نادين معوض، وهي نسوية تقنية وباحثة في مجالي الذكاء الاصطناعي والاقتصادات الرقمية.
بدأت الجلسة بحديث حول أبرز التحديات التي يواجهها المستخدمون/ات في عالم التكنولوجيا الحالي بعد تحول الكثير من الأعمال إلى العالم الرقمي، وانتشار بعض أفكار الرأسمالية الاقتصادية، إضافة إلى تطوّر الذكاء الاصطناعي.
توجهت ميسّرة الجلسة بسؤال إلى مديرة البرامج في المورد الثقافي، أريج أبو حرب:”لماذا فكر المورد الثقافي بالإنترنت كمورد اقتصادي؟” فأجابت الأخيرة إنّ وجود تغيرات كثيرة في نظام العمل كان السبب، إضافة إلى أنّه ومع بدء انتشار مصطلح الرقمنة، شعرنا أن هذا السؤال يجب أن يكون جماعياً، ومن هنا أتت فكرة أن التكنولوجيا قطاع لا نتعاون معه بشكل مباشر، لكن هذا واقع لا بدّ من تغييره واكتشاف مستقبل التعاون بينه وبين مجالات العمل المختلفة مثل الآداب والفنون” وكذلك الاقتصاد الرقمي الذي تتحول كل الإنتاجات له”.
ثم انتقلت نادين إلى عمار حسن، وهو إعلامي ورئيس العمليات في تكسير، لسؤاله عن تقنيات “ويب ثري” و”البلوكشين” (blockchain)، فأجاب أنه يرى الأمر مشابهاً للطريقة التي بدأت فيها معالجة النصوص أول مرة وتحولها من الكتب إلى العالم الرقمي بكل ما لها من مميزات، وهذا ما يحدث مع الاقتصادات الرقمية التي عملت بنفس الطريقة ولكن بتكلفة أقل، ونقلت الاقتصادات الحقيقية إلى العالم الحقيقي مع أفكار رأسمالية مثل عمولات تحويل ووجود وسطاء، ورأسمالية، “حالياً ظهر الويب 3 وبدأ بعمل توازن في الإنترنت وإتاحة تجربة أكثر مرونة بمعنى أن تكون تجربة تعاونية جماعية غير مؤتمتة، لأن الأتمتة تساعدنا على التخلص من الوسطاء. فأنتجت معالجات جديدة مثل “Get Book” و”Notion”” يقول عمار.
وأضاف أنه كنتاج للعلاقة التي تحدث بين البلوكتشين والويب ثري والموسيقى، بدأنا نرى منصات منصات بث موسيقى لا مركزية مثل ميوزك كوين، يرفع فيها صناع المحتوى الموسيقى الخاصة بهم ويحصلون مقابلها على ربح ويحددون قوانين المنصة، عكس منصات الموسيقى الموجودة حاليًا التي يديرها مستثمرون يحصلون على المال دون تقديم خدمة حقيقة.
وأشار كذلك هناك تحدي في بيع المحتوى الرقمي، يعمل عليها البلوكتشين، وأضاف أن هناك ما يسمى “التفتيت”، فإذا رغبت في اقتناء عمل فني فإن سعره ضخم، والتفتيت يمكنني من شراء جزء صغير من العمل الفني ويمكني الوصول له، بجانب وجود أفكار أخرى لإشراك المستمعين ببيع الألبومات الموسيقية مقابل شراء جزي صغير لامع منصات البث وتأخذ حصة وهدية”.
ثم توجهت مديرة الجلسة إلى يارا المر وهي صحفية ومؤسسة مشاركة لمنصة كتبلي، تسألها عن تجربة كتبلي وأسباب تأسيسها، بدأت يارا بالحديث عن تجربة تأسيس كتبلي التي بدأت من وجود إحباط شخصي لعدم وجود كتب كافية بالعربية لكتاب محليين لعدة أسباب منها قلة الموارد المالية، أو الخوف من الإنترنت أو عدم وجود خبرة كافية في الأمر، “وبما أنه ليس لدينا قاعدة بيانات عربية للكتب العربية، قررنا أن نعمل قاعدة بيانات ونساعد دور النشر بنفس الوقت بعمل صفحات مجانية لدور النشر الصغيرة ندربهم على استخدامها وهي آمنة وسهلة، ووجدنا إقبال جيد، كما فكرنا في عمل نظام لأرشفة الكتب رقميًا بشكل سهل بالإضافة إلى مشاريع أخرى”.
من يارا إلى دافيد حبشي، مؤسس ورق وهي جمعية تدر من فنانين، الذي تحدث عن أبرز تحدي للناشرين وهو هيمنة الرقابة والسيطرة على ما يتم إنتاجه، “تحاول ورق الاستفادة من شركاء جدد خصوصًا في مجال الإنتاج عن طريق النشر اللا مركزي، لذا بدأوا بالتركيز على مجال جديد وهو طباعة الريزوجراف، وهو يقدم مطبوعات بجودة مميزة ولكنه مكلف.
أضاف حبشي “تمكنا من طباعة الريزوجراف بعد شراؤنا ماكينة طباعة كبيرة الحجم ثم أنضممنا إلى شبكة لطابعي الريزوجراف في العالم، من خلال الدخول إلى موقعهم يمكنك مشاهدة خريطة تجد عليه المطابع” بعد أن أنضمت ورق إلى هذه الشبكة هدفوا إلى إنتاج كتب للفنانيين من لبنان، وتحدوا فكرة الشحن المكلفة “لدينا نظام موثوق بين شبكة الطباعين، ويمكن مشاركة ملفات الإنتاج مع ستوديو آخر بالكلفة المحلية وبذلك نوفر مصاريف الشحن ونتخطى التكلفة الباهظة، ومؤخرًا انتشرت بعض ستوديوهات طباعة الريزوجراف في العالم العربي”.
أما فيما يتعلق بالبرمجة الإبداعية فهناك الكثير من الحدود بين البرمجة والفن “نحاول أن نجد وسيط بين الاثنين وأقمنا ورشة عمل يلتقى فيها فنانين ومطوريين ويعملوا على البرمجة الإبداعية التي تعمل على مدخلات برمجية والمخرجات بصرية، ونفكر في الاستمثار بشكل أكبر في هذا المجال، ونعمل على ذلك بدعم من المورد الثقافي” قال دافيد.
ثم توجهت نادين إلى سارة كحيل، وهي خبيرة اتصالات وباحثة، سائلة إياها، عن أسباب أهتمامها بالبحث حول تطبيقات البث الموسيقى والتحديات المتعلقة بها، أجابت الأخيرة أن هناك تحدي كبير في تطبيقات البث الموسيقى وهو أن خوارزميات هذه التطبيقات مبنية لخدمة المستهلك وليست للفنان؛ “إذ يمكننا كمستمعين أن نستكشف الكثير من الخيارات أما الفنانين لا يمكنهم جني المال أو الاستفادة من هذه التطبيقات”.
وأضافت “نبحث حاليًا ونستكشف اقتصادية مختلفة فرص أخرى من خلال الويب ثري وانتقاد تطبيقات البث الموسيقى مثل سبوتيفاي، وأعمل حاليًا على بحث حول الفنانين الذين ينشرون محتواهم مع منصات موسيقية تربحهم، وما الذي يحتاجونه ليصبحوا مكتفين ماديًا؟ كما نسمع كل التجارب غير العادلة، ونحول البيانات إلى موسيقى تدخل إلى مشارعنا تحركنا وليس محتوى مرئي”.
وتستكمل “لدينا أمثلة كثيرة على كيفية تحدي منصات الستريمينج، هناك فرقة أمريكية شهيرة عملت على ألبوم سموه Stotify وطلبوا من المستمعين استماعه مساء وتمكنوا من تجميع 20000$”.
اختتمت الجلسة بسؤال وجهته نادين لعمار حول تعريفه لمصطلح “داو” (Dao” decentralise autonomous (organisation أي التنظيم الذاتي اللامركزي، فأجاب أن لهذا النظام ثلاثة شروط، وهي أن تكون منظمة، وذات هدف محدد، ولا مركزية، أي بمعنى أن كل من شارك في المشروع له الحق في إدارته، وأن يكون محوكم ذاتياً، أي لا حاجة لمجلس إدارة أو طرف خارجي يخبر المنظمة بكيفية تسيير العمل، وينطبق ذلك على المجتمعات الأناركية والتحالفات العمالية، بحسب عمار، الذين يعملون على تنظيم حياتهم دون تدخل من أي أطراف خارجية.