وسط تدهور اقتصادي متزايد، وتفاقم الاضطرابات السياسية، وعمليات الإغلاق المتكرّرة، لجأ اللبنانيون/ات إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن استيائهم/ن من الوضع في لبنان. فشهدت البلاد نتيجة لذلك زيادة في حالات الاستدعاءات والتوقيفات بناء على تهم متعلقة بالخطاب على الويب.
تزايد أعداد حالات الاستدعاء والتوقيف باطّراد منذ العام 2016، حسبما توضح إحصائيات “مُحال” (Muhal.org) – مرصد حرية التعبير على الإنترنت السابقة في عامَي 2018 و2019. ولم يكن عام 2020 استثناءًا، فقد شهد لبنان عدداً من الأحداث الكبرى، مثل ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر، وانهيار النظام الاقتصادي، وانفجار 4 آب/أغسطس.، لم يتورّع اللبنانيون/ات عن إبداء رأيهم/ن في كيفية تعامل حكومتهم مع هذه الأزمات، فكان ردّ الحكومة باستخدام القوة المفرطة على الأرض أو باستدعاء الناس بسبب تصريحاتهم/ن على الويب. وسجّلت منصّة “مُحال” في الأشهر التي أعقبت الانتفاضة استمرار استدعاء واعتقال الأشخاص بسبب خطابهم على الإنترنت.
على غرار العام الماضي، كان النواب والشخصيات السياسية أكثر من رفع شكاوى على المواطنين/ات، لا سيما في إطار دعاوى “القدح والذم”. وتراوحت التهم بين القدح والذم وإساءة الى رئيس الجمهورية. بالإضافة إلى ذلك، برز عدد من التهم الجديدة ضد النشطاء الذين يُفترض أنهم/ن انتقدوا الوضع المالي المتردّي. خلال العامين الماضيين، ازداد الاهتمام بالشؤون الاقتصادية والمالية وسط الأزمة الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة المحلية. وقد أدّى هذا الوعي المتزايد حول الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي إلى دفع المزيد من الناس للتعبير عن مخاوفهم/ن المشروعة.
رُفعت شكاوى وصدرت استدعاءات بحقّ أشخاص من مهنٍ مختلفة، إلّا أنّ معظم المتّهمين/ات كانوا من الصحافيين/ات والنشطاء الذين عبّروا عن آرائهم/ن عبر منصّات مختلفة مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”.
هذا العام، واصلت السلطات مطالبة الأشخاص الذين تم استدعاؤهم بالتوقيع على تعهّد خلال فترة الاستدعاء، وذلك من دون محاكمة أو قرار قضائي. وتعتبر مثل هذه الاستدعاءات غير قانونية لأنّ السلطة التي استدعت لم يكن لها الحق في إجبارهم/ن على توقيع أيّ تعهّد قبل المحاكمة. يجدر الذكر أن التوقيع على هذا التعهد يدين المتهمين قبل وصولهم الى المحاكمة ، وبالتالي يسلبهم حقهم في المحاكمة العادلة و حق الدفاع الذي يحميه ويضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي حالات أخرى، جرى توقيف بعض المستعدين/ات بحسب إحصائيات “مُحال”، وتراوحت فترة التوقيف بين ساعات وأيام، وهو ما اعتبره بعض القانونيين والمدافعون/ات عن حقوق الإنسان تجريمًا للخطاب السلمي بطريقة غير مبرّرة قانونياً.