بيان مشترك صادر عن منظمات حقوق الإنسان وحقوق الخصوصية الرقمية
تحث منظمات حقوق الإنسان والحقوق الرقمية الموقّعة أدناه شركة “غوغل” على التوقف فورا عن خطتها لإنشاء منطقة خدمات سحابية “غوغل كلاود” جديدة في السعودية إلى أن تتمكن الشركة من أن تبيّن علنا كيف ستُخفّف من الآثار السلبية على حقوق الإنسان.
سِجلُّ السعودية مؤخرا في قمع جميع أشكال المعارضة، والتجسس المزعوم واختراق منصات التكنولوجيا، واستخدام برامج المراقبة الإلكترونية للتجسس على المعارضين، ونظام العدالة سيئ السمعة الذي ينتهك بشكل صارخ حقوق الإجراءات القانونية الواجبة، كلها تجعل السعودية دولة غير آمنة لاستضافة خدمات غوغل كلاود. من المثير للقلق أيضا أن منطقة غوغل كلاود ستكون في إطار شراكة مع “أرامكو” السعودية، وهي شركة مملوكة للدولة.
في ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت غوغل عن اتفاقية مع أرامكو السعودية لإنشاء منطقة لخدمات غوغل السحابية في السعودية وتقديم خدمات “إنتربرايز كلاود” للشركات هناك “مع التركيز على قطاع الأعمال داخل المملكة”. منصة غوغل كلاود هي واحدة من أكبر خدمات تخزين البيانات والحوسبة السحابية في العالم.
بينما تنشر غوغل كيفية تعاملها مع الطلبات الحكومية للحصول على معلومات وتقارير عن العملاء عند تقديم الطلبات عبر القنوات الرسمية، هناك العديد من المخاطر الحقوقية المحتملة لإنشاء منطقة للخدمات السحابية في السعودية والتي تشمل الانتهاكات المتعلقة بحقوق الخصوصية، وبحرية التعبير وتكوين الجمعيات، وبعدم التمييز وبالإجراءات القانونية الواجبة.
القمع المتفشي والمراقبة المسيئة في السعودية
لدى السعودية سجل حافل في السعي للتجسس على مواطنيها، بما في ذلك من خلال الوصول غير القانوني إلى معلوماتهم الشخصية داخل شركات التكنولوجيا الأمريكية، وقد راكمت سجلا حقوقيا مزريا حيث أطلقت السلطات العنان لموجة من القمع المحلي حاولت من خلالها سحق المعارضة السلمية. بالنظر إلى هذا الواقع، تثير خطة غوغل مخاوف جدية بشأن كيفية التزامها بمسؤولياتها الحقوقية بموجب “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان” لمنع أو التخفيف من الآثار السلبية على حقوق الإنسان المرتبطة بوضوح باستضافة منطقة خدمات سحابية في السعودية.
على مدى سنوات عديدة، أبلغت “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” وجماعات حقوقية أخرى بإسهاب عن الانتهاكات الحقوقية في السعودية، بما في ذلك القمع المحلي المتصاعد واستخدام القضاء لإسكات المعارضة. منذ 2017، أشرف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، على الاعتقالات الجماعية التي استهدفت رجال دين بارزين، ومثقفين، وكبار أفراد العائلة المالكة، وأكاديميين، ونشطاء حقوقيين، ونشطاء بارزين في حقوق المرأة في البلاد. هذه الحملة على المعارضة السلمية والمعارضة المتصورة للسلطات السعودية اقترنت بتدهور كبير في حقوق الإجراءات القانونية الواجبة في بلد كانت سيادة القانون فيه ضعيفة أصلا.
في 2017، وُضعت النيابة العامة والأجهزة الأمنية في البلاد أيضا تحت إمرة الديوان الملكي، مما جعل أدوات القمع السعودية في يدي الملك وولي العهد وحدهما. امتد القمع المحلي السعودي ليشمل قتل المعارضين في الخارج. في أكتوبر/تشرين الأول 2018، قتل أعوان حكوميون سعوديون بوحشية الكاتب في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا. لم تكن هناك محاسبة واضحة لمرتكبي أي من هذه الانتهاكات. بينما أُفرِج عن بعض النشطاء السعوديين مؤخرا من السجن، إلا أنهم يواجهون عقوبة سجن إضافية إذا لم يلزموا الصمت، ولا يزال معظمهم، بمن فيهم لجين الهذلول، ممنوعين من السفر ويخضعون لأحكام مع وقف التنفيذ.
استهدف القمع السعودي أحيانا موظفين في شركات دولية كبيرة تعمل في السعودية، بما في ذلك اعتقال رجل سعودي كان شريكا في شركة الاستشارات “ماكينزي وشركاه” عام 2017، واعتقلت السلطات السعودية أيضا رجال أعمال بارزين وأفراد من العائلة المالكة ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين في 2017، وضغطت عليهم ليسلموا أصولا للدولة مقابل الإفراج عنهم، خارج إطار أي عملية قانونية معترف بها.
كما سعت السلطات السعودية مرارا إلى تحديد هوية المعارضين المجهولين والتجسس على مواطنيها من خلال المراقبة الرقمية. مثلا، خلص “سيتزن لاب”، وهو مركز أبحاث أكاديمي كندي، “بثقة عالية” إلى أن الهاتف الخلوي لناشط سعودي بارز مقيم في كندا أصيب ببرمجية تجسس خبيثة في 2018، مما سمح بالوصول الكامل إلى الملفات الشخصية للضحية، مثل الدردشات، ومراسلات البريد الإلكتروني، والصور، إضافة إلى القدرة على استخدام ميكروفونات الهاتف والكاميرات خلسة للتصوير والتنصت.
إضافة إلى ذلك، استُهدِف أحد موظفي العفو الدولية وناشط حقوقي سعودي آخر في 2018 من خلال رسالة ذات صلة بالسعودية، فيما تشتبه المنظمة بأنه محاولة متعمدة للتجسس على موظفيها من قبل حكومة معادية لعملها. كشفت التحقيقات التي أجرتها العفو الدولية أن النقر على الروابط المرسلة إلى الموظف والناشط أدى إلى تحميل “بيغاسوس”، وهو أداة مراقبة متطورة طورتها “مجموعة إن إس أو”، ومقرها إسرائيل.
في حالة أخرى، في 2019، حكمت وزارة العدل الأمريكية على اثنين من موظفي تويتر بالتجسس لصالح السعودية. اتُهم كلاهما بالوصول إلى معلومات خاصة لمعارضين سعوديين استخدموا المنصة لمناقشة القضايا الحالية، مما مكّن السلطات السعودية من الكشف عن معلومات غير متوفرة في مكان آخر وكشف هويات المنتقدين المجهولين. عبد الرحمن السدحان، أحد المنتقدين مجهولي الهوية على تويتر، الذي كشفت السلطات السعودية عن هويته في النهاية، حُكِم عليه بالسجن 20 عاما في أبريل/نيسان 2021 لانتقاداته التي كان ينشرها على الإنترنت، وهو محتجز بمعزل عن العالم الخارجي لمعظم الوقت منذ اعتقاله في 2018.
سبق أن دعت هيومن رايتس ووتش شركات التكنولوجيا إلى وقف بيع تقنيات المراقبة والتأكد من أن أي تدريب ودعم فني جارٍ للسعودية لا يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان. كما دعت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية و”أكسيس ناو” ومنظمات أخرى غوغل إلى الامتناع عن تسهيل الانتهاكات الحقوقية من خلال العمل في بيئات قمعية حيث تواجه ضغوطا حكومية مُفرطة.
على غوغل احترام التزاماتها الحقوقية
تتحمل غوغل مسؤولية احترام حقوق الإنسان، بغضّ النظر عن رغبة أي دولة في الوفاء بالالتزامات الحقوقية الخاصة بها. يؤكد بيان الشركة بشأن حقوق الإنسان التزامها “باحترام الحقوق المنصوص عليها في ’الإعلان العالمي لحقوق الإنسان‘ ومعاهداته التنفيذية، فضلا عن دعم المعايير المنصوص عليها في مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان و’مبادئ مبادرة الشبكة العالمية‘” عبر جميع خدماتها، بما في ذلك الخدمات السحابية “كلاود”.
في يناير/كانون الثاني 2021، كتبت أكسيس ناو و”العيادة الكندية لسياسات الإنترنت والمصلحة العامة” رسالة مفتوحة لطلب معلومات حول عملية العناية الواجبة التي نفذتها غوغل لفهم التأثير المحتمل على حقوق الإنسان، ونوع بيانات المستخدم التي ستُخزَّن وتُعالَج في السحابة السعودية، والتدابير الأمنية لحماية هذه البيانات، والمعايير القانونية التي استوفتها السعودية للوثوق بها في تأمين المعلومات المُخزَّنة، ونوع الوصول الذي ستتمتع به الحكومة السعودية إلى هذه البيانات. كتبت هيومن رايتس ووتش إلى غوغل في فبراير/شباط 2021 لتسليط الضوء على هذه المخاوف ومخاوف أخرى ذات صلة، مثل السؤال عن كيفية تدقيق غوغل للموظفين الذين سيتمكنون من الوصول إلى المعلومات المخزنة في منطقة الخدمات السحابية السعودية وكيف سيستجيبون لطلبات السلطات للحصول على بيانات المستخدم، عندما يُعدّ ذلك قانونيا بموجب القانون السعودي لكنه لا يمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
في ردود منفصلة، كررت غوغل التزامها بحقوق الإنسان، وذكرت أنه تم إجراء تقييم مستقل لحقوق الإنسان لمنطقة غوغل كلاود في السعودية، وأن الشركة اتخذت خطوات لمعالجة الأمور التي تم تحديدها، لكنها لم تحدد ماهية تلك الخطوات. تحدد المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة أن العناية الواجبة لحقوق الإنسان يجب أن تتضمن تشاورا مجديا مع المجموعات المحتمل تأثرها وأصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة، وأنه يجب على الشركات الإبلاغ عن كيفية معالجة الآثار. “سمكس”، منظمة الحقوق الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كتبت أيضا إلى غوغل للتعبير عن مخاوفها بشأن سياسات حماية البيانات التي ستطبق على البيانات المُستضافة في السعودية، لكنها لم تتلق ردا بعد.
من أجل معالجة المخاوف الحقوقية الخطيرة المرتبطة باستضافة منطقة للخدمات السحابية في السعودية، يتعيّن على غوغل:
- القيام بإجراءات العناية الواجبة بطريقة صارمة وشاملة في مجال حقوق الإنسان، والتي تتضمن مشاورات هادفة مع المجموعات المحتمل تأثرها، بما في ذلك المنظمات الحقوقية في المنطقة، ونشر ملخص للنتائج، بما في ذلك الخطوات التي تتخذها للتخفيف من مخاطر الآثار السلبية على حقوق الإنسان.
- وضع خطوط حمراء حول أنواع الطلبات الحكومية المتعلقة بمناطق الخدمات السحابية التي لن تمتثل لها لأنها غير متوافقة مع معايير حقوق الإنسان.
للمضي قدما، يتعين على غوغل أيضا:
- منع أو التخفيف من مخاطر الآثار السلبية على حقوق الإنسان والإبلاغ بوضوح عن الخطوات التي تتخذها لتحقيق هذه الغاية قبل تنفيذ خطط لبناء مناطق خدمات سحابية في بلدان أخرى حيث توجد مخاطر مماثلة مرتبطة بهذه الأنشطة التجارية.
- وضع معايير أساسية لمكان استضافة الخدمات السحابية تأخذ في الاعتبار المسؤوليات الحقوقية لـ غوغل بغية توجيه التوسع إلى بلدان جديدة.
أظهرت الحكومة السعودية مرارا وتكرارا تجاهلا صارخا لحقوق الإنسان، من خلال إجراءاتها المباشرة ضد المدافعين الحقوقيين وتجسسها على المنصات الرقمية للشركات للغاية نفسها. نخشى أن تصبح غوغل، عبر شراكتها مع الحكومة السعودية، متواطئة في الانتهاكات الحقوقية المستقبلية التي تؤثر على الناس في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط.
قائمة الموقعين:
منظمات:
- الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح
- الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي -أنسم
- العيادة الكندية لسياسات الإنترنت والمصلحة العامة
- القسط لحقوق الإنسان
- المركز الدولي للقانون غير الهادف للربح
- أكساس ناو
- بن أمريكا
- جمعية الاتصالات التقدمية
- جوكولابس بانجول
- جييم
- حبر
- حملة – المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي
- ديجيتال أكشن
- سمکس
- فرونت لاين ديفندرز
- فريدوم فوروورد
- منّا لحقوق الإنسان
- مبادرة هارتلاند
- مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية
- مسار
- مشروع تصنيف الحقوق الرقمية
- معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط
- معهد أكسفورد للإنترنت
- منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي
- منظمة العفو الدولية
- نيموميك
- مؤسسة التخوم الإلكترونية
- مؤسسة اليمن للإغاثة والإعمار
- مؤسسة فانتسوام
- ميديا ماترز فور ديموكراسي
- هیومن رايتس واتش
أفراد:
- جوي شيا
- ريما صغير
- سارة عون
- عبير غطاس
- عفاف عبروقي
- وفاء بن حسين
- وفاء هيكل