بعد 24 ساعة على سحب الحكومة الأردنية في 9 كانون الأول/ديسمبر لمشروع القانون المعدّل لقانون الجرائم الإلكترونية الذي أحالته سابقاً إلى مجلس النواب، أجرت الحكومة في جلستها يوم 11 كانون الأول/ديسمبر تعديلات طفيفة على مشروع القانون قبل أن ترسله مجدداً إلى مجلس النواب.
ومن التعديلات التي أجرتها الحكومة “بسرعة جنونية”، حسبما يقول عيسى محاسنه من “الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح” لـ”سمكس”، تلك التي أجريت على المادة 11 من القانون و”التي كانت محطّ نقد كبير من مؤسسات المجتمع المدني”. وتقول ريم المصري من حملة “حر يا نت” لرفض تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية ،في حديث مع “سمكس”، إنّ “رئاسة الوزراء صرّحت بتخفيض العقوبة على المادة 11 إلى سنتين كحد أقصى”.
ولكنّ رئاسة الوزراء لم تنشر حتى الآن النص النهائي للتعديلات الأخيرة على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، مكتفيةً بنشر بيان على موقعها الإلكتروني يلخّص هذه التعديلات. وبالتالي، تضيف المصري أنّه “لا يمكن الحكم على القانون ولا مُباركة التعديلات التي أُجريت في غرف مُغلقة”.
نصّت التعديلات الجديدة أيضاً على “تجريم الإشاعات و الأخبار الكاذبة، بحيث يتمّ إيقاع عقوبة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنتين”، وهو ما رآه محاسنه “من الأمور السلبية جداً”. بالإضافة إلى ذلك، تؤكّد المصري بدورها على أنّ مشروع القانون هذا وتعديلاته ما زالت تنطوي على “خلل تشريعي مع وجود الجريمة نفسها في ثلاثة قوانين (قانون العقوبات وقانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الإلكترونية)”.
ومن جهتها، رأت حملة “حر يا نت” لرفض تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية، أنّ هذه “التعديلات غير مرضية” وأنّها أُجريَت “من دون حوار حقيقي وطني حول قانون يمس كل شرائح المجتمع”. وقالت في بيان على صفحتها على “فيسبوك”، إنّ سرعة الحكومة في إجراء التعديلات وإعادة مشروع القانون المعدّل لقانون الجرائم الإلكترونية إلى مجلس النواب، هو “نهج للالتفاف على المطالب الشعبية لتلطيف تعديها الصارخ على الحقوق والحريات التي كفلها الدستور”.
وتضمّنت التعديلات وفقاً لموقع رئاسة الوزراء الأردني، “فتح المادة 11 من القانون الأصلي بحيث تم وضع حدّ أعلى للعقوبة بواقع سنتين، وبالتالي فإنّ هذا الجرم لا يستوجب التوقيف، ولا يجوز ملاحقة الفاعل إلا بناء على شكوى؛ وعلى المشتكي أن يتّخذ صفة الادّعاء بالحقّ الشخصي، على أن يتم وقف الملاحقة في حال إسقاط الشكوى”.
وكانت المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية تنصّ على أن “يعاقب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار”.
كما تضمّنت التعديلات أيضاً “إتاحة ممارسة حقّ النقد المتعلّق بالواجبات الوظيفيّة وفقاً للضوابط الواردة في المادّة (2/192) من قانون العقوبات، والتي تنصّ على أنّه إذا كان الذمّ يتعلّق بواجبات الوظيفة فقط، وثبتت صحّته فيبرَّأ الذامّ، وإلا فيحكم عليه بالعقوبة المقرّرة للذمّ”. أمّا بخصوص التعليقات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها التعليقات الواردة على صفحات المواقع الإخباريّة، فقد نصّ القانون على أنّ من يُسأل عنها هو صاحب التعليق. ولا يمكن تحديد محاسن هذه التعديلات من مساوئها في ظلّ عدم نشر النص النهائي لهذه التعديلات حتى الآن، كما شرح الأشخاص الذين تحدّثت إليهم “سمكس”.
وكانت مجلة “حبر” الأردنية الإلكترونية أوضحت التعديلات على مشروع القانون المعدّل لقانون الجرائم الإلكترونية في هذا الفيديو، وشرحت أنّ القانون يساوي بين خطاب الكراهية وانتقاد شخصيات عامة أو شركات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ويمكن للمدّعي العام توقيف المُشتكى عليه إلى حين تحويله للمحكمة أو إخلاء سبيله؛ ويكون للمدعي العام القدرة على إيقاف أو تعطيل أي نظام إلكتروني يستخدم لارتكاب هذه “الجرائم”.
تشهد المنطقة العربية توجّّهاً نحو إقرار قوانين للجرائم الإلكترونية، ولكنّها في الواقع تضيّق الخناق على روّاد الفضاء الرقمي. وفي حين تعمل الحكومة الأردنية على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، أقرّت دول مثل السودان ومصر وسوريا قوانينها لما يعرف بمكافحة جرائم المعلوماتية أو الجرائم الإلكترونية.
نأمل بأن تعيد الحكومة والبرلمان في الأردن النظر في مشروع القانون المعدّل لقانون الجرائم الإلكترونية، وصولاً إلى قانون تلاءم مع احترام الحقّ في حرّية التعبير واحترام حقوق الإنسان كافة.