تعرّض موقع “الحدود” لحجبٍ في المحافظات العراقية عبر بعض شبكات الإنترنت، بحسب نتائج اختبارٍ أجري من خلال موقع “أوني” (OONI) في 18 شباط/فبراير الجاري لأسبابٍ لم تُعرف بعد، في حين ما زال الموقع يعمل في محافظات إقليم كردستان.
تواصلت “سمكس” مع “الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي-أنسم” التي تُعنى بالدفاع وتوثيق انتهاكات الحقوق الرقمية في العراق، وبحسب منسقة المشاريع والباحثة في المجال المجتمعي و الحقوق الرقمية في الشبكة آسيا عبد الكريم، فإن الموقع محجوبٌ على عددٍ من الشبكات في العراق، منها “آسياتل” (Asiacell) و“إيرثليك” (EarthLink)، أي المشروع الوطني والشبكة الأكبر في العراق للإنترنت المنزلي.
تواصلت “إنسم” بدورها مع المدير التنفيذي لـ”ايرثلينك”، الذي قال إنّه لم يكن على علمٍ بالحجب ولا بطبيعة المواد التي تنشرها “الحدود” أصلاً ولم يتلقّ كتاباً رسمياً من وزارة الاتصالات العراقية المسؤولة عن حجب المواقع في العادة. وبعد البحث في القضية، أكّد المدير التنفيذي لشركة الاتصالات في حديث مع “أنسم” أنّ “الموقع محجوب، وأنّ ذلك تمّ بناء على طلبٍ رسميّ على الأرجح”. إضافة إلى ذلك، بعد أن أخذ فكرة عن “الحدود” وسياسته التحريرية، رجّح المدير التنفيذي لـ”إيرثلنك” بأن يكون سبب الحجب كَون الموقع ذو “توجهٍ سياسي حتى ولو كان ساخراً”.
تواصلت “سمكس” مع موقع “الحدود”، ليؤكّد أنّه لم يتلقّ تبليغاً رسمياً حول الحجب، وما زال القيمون يجهلون الجهة المسؤولة عنه، كما أنّ تاريخ بدء الحجب ليس معروفاً. يعود ذلك وفق المصدر من “الحدود” إلى أنّ الموقع يستخدم حالياً أدوات بدائيّة لمراقبة الزيارات إلى الموقع وتحديد المرة الأخيرة التي زار فيها الموقع مستخدمون/ات من العراق، إلا أنّ هذا قد لا يكون دقيقاً بسبب لجوء بعض المستخدمين/ات إلى استخدام الشبكات الافتراضية (VPN) وغيرها من الأسباب، بحسب تصريح الحدود لـ”سمكس”.
ويشير مصدر “الحدود” لـ”سمكس” إلى أنّ الموقع نشر مواداً تنتقد السلطات العراقية، والفساد المستشري في الدولة، والتدخل الخارجي بشؤونها، وسلوك الفصائل المسلّحة العراقية، ما قد يشكّل “سبباً قد يدفع وزارة الاتصالات إلى حجب الموقع، إلا أنّه ليس قادراً على تحديد المادة التي تسببت بالحجب لأن تاريخ بدئه ما زال مجهولاً”.
على الصّعيد التقني، يؤكّد مدقق معلومات وعضو شبكة “إنسم” أنّه “قد يصعب التأكد من كون سبب الحجب خطأ تقنياً أو تنفيذاً لقرارٍ حكومي”. ويضيف في حديثٍ مع “سمكس” أنّه تواصل مع عددٍ من المسؤولين في شبكات الاتصالات العراقية، وأكّدوا بدورهم أنّ لا علم لهم بالحجب، ورجّحوا أنّ يكون الحجب نفّذ من المدخل الرئيسي للإنترنت إلى البلاد، وذلك لأنّ هذه الشركات لم تحجب أيّ موقع، وفق المسؤولين في شبكة الاتصالات، خاصّة أنّه ما زال يعمل في محافظات إقليم كردستان العراق.
ليست هذه المرة الأولى التي يُحجب فيها الموقع في دولةٍ في منطقتنا، ففي 5 تموز/يوليو الماضي، حجبت السلطات الأردنيّة موقع “الحدود” من دون أي مسوّغات واضحة، وقبلها، حُجب أيضاً في الإمارات.
بدوره، يقول المدير التنفيذي لمنظمة “سمكس” محمد نجم إنّ “حجب المواقع ينتج عنه حجبٌ للمعلومة، وليس هذا إلا شكلاً بارزاً من أشكال القمع الإلكتروني. لذلك، لا يمكننا القبول بالحجب فقط لمجرّد أنّ أحدهم يرى الاختلاف والسخرية والنقد مفاهيماً مرفوضة أو خارجة عن السياق. ما يميّز الفضاء الإلكتروني هو اتسامه بالتنوع والاختلاف، وحماية هاتين الخاصيتين ضروريّ للحفاظ على مساحاتٍ رقميّة أكثر أماناً”.
تتصاعد محاولات التضييق على حرية التعبير من خلال أسلحة تشهرها الحكومات في وجه المستخدمين/ات والمنظمات والمؤسسات، منها قوانين الجرائم الإلكترونية التي تخدم أهدافاً خفيّة تختلف تماماً عن أهدافها المعلنة، وحجب المواقع، وتجريد الصحافيين/ات من حصانتهم/ن لاستدعائهم/ن واعتقالهم/ن.