بيروت، لبنان، 15 نوفمبر 2022، في إطار النسخة الخامسة من ملتقى “خبز ونت” 2022 التي عقدت في بيروت من 15 إلى 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد غياب أكثر من عامين بسبب جائحة “كورونا”، استضفنا إبراهيم الجوهري، وهو الباحث الرئيسي في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، حاصل على الماجستير في العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في بيروت وعمل في تحرير البيانات والانتخابات والشؤون الدولية يتحدث في لمحة عامة عن وضع البيانات المفتوحة في لبنان، وأهميتها.
افتتح الجوهري الجلسة بتعريف البيانات العامة المفتوحةن والتي على حدّ تعبيره تمثّل كل شيء يمكن للحكومة إنتاجه مثل الميزانية والتقارير والبيانات الصحافية وغيرها من الأمور، وتكمن أهميتها في قدرتها على عمل إعادة تشكيل للدولة من القاع إلى القمة، كما أنّ وجود هذه البيانات تمكّننا من معرفة ما يحدث بالضبط؛ فكلّما كانت البيانات العامة مفتوحة أكثر، كلما كانت الدولة أقل فساداً.
“يجب مشاركة البيانات بصيغة “إكسل” (Excel) لكي تُعالج بشكل أسهل، إلا أنّ المؤسسات الحكومية لا توافق على ذلك حتى مقابل المال”، يضيف الجوهري، مع الإشارة إلى أنّ عكس ذلك حدث خلال تجربة سابقة، وهي لوائح الشطب اللبنانية التي تعدّ من “البيانات الخاصة” والتي لا تجب مشاركتها، إلا أنّ مؤسسات الدولة تبيعها بكل بساطة بصيغة “إكسل” مقابل المال، لتقوم جهات معينة بجمع البيانات وتحليلها ثم بيعها للأحزاب المختلفة وقت الانتخابات.
ويشير الجوهري إلى الحادثة الشهيرة المتعلقة بالسجل التجاري في لبنان عندما غرق جزء من المبنى وضاعت بيانات الكثير من الشركات، مشدداً على أهمية رقمنة البيانات الذي ما زال عدد من المؤسسات اللبنانية يتجاهلها، مثل المتحف الوطني.
وضع البيانات العامة في لبنان
“على الرغم من أن الوضع في لبنان يعدّ أفضل من دول عربية أخرى في هذا المجال، إلا أننا ما زلنا متأخرين جداً عن دول العالم، فضلاً عن أن المؤسسات تتنافس على ملكية بيانات معينة بوصفها مصدر قوة”، يقول الجوهري.
ويضيف أنّه في عام 2017، صدر قانون يسمح بمجانية الوصول إلى البيانات العامة للبنان بعد تقديم طلب، والمؤسسات مجبرة على الرد على الطلبات خلال خمسة أيام عمل بحد أقصى، إلا أن أغلب المؤسسات لا تتجاوب بالشكل المطلوب، وقد قامت “جمعية الشفافية اللبنانية” بالفعل بإرسال 133 طلب لحكومات ووزارات، فميا تلقّت 34 رداً فقط.
“هناك ضعفٌ في قوانين الخصوصيّة المتعلقة باللبنانين/ات إذ لا أحد يحمي البيانات الخاصة بهم/ن، ولا يعرف الجمهور أين تذهب بياناتهم/ن أو من يمكنه التصرف فيه ولا توجد جريمة عن تسريب البيانات العامة. كذلك، يسجّل لبنان ومعظم الدول العربية، باستثناء تونس والإمارات العربية المتحدة، مستويات متدنية جداً لناحية الالتزام بمبادئ البيانات المفتوحة وميثاق البيانات المفتوحة وتنفيذهما”.
كما يوضح الجوهري أن إتاحة البيانات العامة تعني أنه من السهل استبدال عمل المؤسسات: “أن تصل إلى بياناتهم/ن يعني أنه من السهل العمل بدلاً منهم/ن، وهذه نقطة ضعف بالنسبة إلى كثير من المؤسسات”.
أمثلة عن مؤسسات تعمل على البيانات العامة في لبنان
- مبادرة غربال وهي مبادرة تعمل على رقمنة الميزانيات بشكل بصري، مما يسهّل فهمها وقراءتها من قبل الجمهور العام.
- مؤسسة open data lebanon التي تعمل على جمع مشاريع كافة المؤسسات اللبنانية وتخزينها في مكان واحد مع وسوم تنظم آلية البحث عنها داخل الموقع.
- شين ميم لام وهي أداة ممتازة تساعد الصحافيين/ات الاستقصائيين/ات تحديداً أو العاملين في ملفات ضد الفساد.
كيف يمكننا جعل البيانات العامة مفتوحة وسهلة الوصول؟
- من الضروري إتاحة العديد من منصات البيانات المفتوحة، خاصّة أنها تلعب دوراً مباشراً وإيجابياً في تحقيق مستوى أعلى من الشفافية والديمقراطية والمشاركة والحدّ من الفساد.
- عمل مجموعات حاجة أساسية تساعد على التعاون وزيادة الوصول ومشاركة البيانات.
- يجب أن تجبر كل المؤسسات الممولة والمؤسسات الدولية غير الهادفة للربح على نشر البيانات العامة التي لديها وجعلها متاحة للجميع.
- يجب أن يكون هناك مواقع مفتوحة للتعريف بماهية البيانات العامة وكيفية استخدامها وأهميتها، وأن تكون مكتوبة بتنسيق يمكن قراءته آلياً.
واختتم الجوهري الجلسة مؤكداً على أن البيانات المفتوحة هي المستقبل باعتبارها نفط العصر الرقمي، كما اقترح تطبيق المبادئ التوجيهية المتعلقة بالبيانات المفتوحة لجميع الفوائد التي ستجلبها في كافة الجوانب.