وافق البرلمان المصري، منذ أسبوعين، على قانون صارم لمكافحة الجرائم الإلكترونية، والمعروف أيضاً باسم قانون “جرائم تقنية المعلومات”، والذي يجبر مقدّمي خدمة الإنترنت (ISPs) في مصر على فرض رقابة على المحتوى وجمع بيانات عن المستخدمين بناءً على طلب من الحكومة. ويحدّد القانون أيضاً عقوبات قاسية على الأفراد، بحيث يمكن أن يواجه منتهكو هذا القانون عقوبة بالسجن تصل إلى خمس سنوات مع غرامات تصل إلى 1،120،000 دولار (20 مليون جنيه مصري).
يُعتبر هذا القانون الذي صاغته الحكومة ونوقش بدايةً في مارس/آذار 2018، “امتداداً” لقوانين جرائم تقنية المعلومات السابق، وفقاً لحسن الأزهي، رئيس الوحدة القانونية في “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” (AFTE) وهي منظمة غير حكومية مصرية. كما هو في القانون السابق، يقيّد القانون الجديد المؤلّف من 45 مادة، بشكل أكبر، حرية تعبير المصريين على الإنترنت ويضعّف حقّهم في الخصوصية. وتجدر الإشارة إلى أن المادة 7 من القانون تسمح للحكومة بحجب مواقع الويب في أي حالة تظهر فيها “أدلة على قيام موقع يبثّ داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية، أو ما في حكمها ممّا يعدّ جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديداً للأمن القومى أو تعرّض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر، أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث، كلّما أمكن تحقيق ذلك فنياً”. هذا ويسمح قسم آخر من المادة للحكومة بحجب مواقع الويب على الفور في ما يسمى بالحالات “العاجلة“.
يتيح قانون جرائم تقنية المعلومات أيضاً للحكومة وضع عقوبات قاسية على للأفراد الذين ينتقدون الحكومة. على سبيل المثال، تنصّ المادة 25 على أنّه “يُعاقب بالحبس مدّة لا تقلّ عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقلّ عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كلّ من اعتدى على أيٍّ من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معيّن من دون موافقته”. بالإضافة إلى ذلك، يسمح القانون للسلطات بإصدار حظر على السفر لأي شخص قد “يحاول” ارتكاب جريمة محددة في القانون، مما يسمح فعلياً للحكومة بمعاقبة أيّ مستخدم للإنترنت في مصر.
يأتي ذلك في حين وضع الكثير من الحكومات في المنطقة العربية أو حاولت وضع قوانين لجرائم تقنية المعلومات (الجرائم الإلكترونية) لمقاضاة التعبير على الإنترنت: أقرّت الحكومة السورية مشروع قانون مكافحة جرائم المعلوماتية في مارس/آذار من هذا العام. كما وضع كلّ من البحرين والأردن والكويت وفلسطين، منذ عام 2015، تشريعات تحت ذريعة مكافحة الجريمة المعلوماتية. ومن جهته، بقي قانون جرائم المعلوماتية العراقي في شكل مسودة لسنوات. في المقابل، تصرّ منظّمات حقوق الإنسان، بما في ذلك “سمِكس” (SMEX)، على أنّ جميع هذه القوانين تنتهك الحق في حرية التعبير بطرق لا تُعدّ ولا تُحصى، وأنّ قانون جرائم تقنية المعلومات المصري الجديد لا يختلف عنها.
فالقانون المصري الذي لا يزال يتعيّن على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الموافقة عليه رسمياً، سيؤدي إلى زيادة انتهاكات الحقّ في حرية التعبير والحق في الخصوصية، كما سيعطي شرعية قانونية لمختلف أشكال الحجب والرقابة الحكومية.