بيروت، لبنان، 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، في إطار النسخة الخامسة من ملتقى “خبز ونت”، والتي عقدت حضورياً في بيروت من 15 إلى 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد انعقاد الملتقى عبر الإنترنت لعامين متتاليين بسبب جائحة “كورونا”، انعقدت جلسة حول “الأرشفة والرقمنة النسوية: الأدوات المتاحة والموارد المفقودة”، تحدّث فيها كلّ من أميرة أحمد، منسقة مشاريع في “متون”، وداليا عبيد، باحثة في مؤسسة “المرأة والذاكرة”، ويسّرت الجلسة نورهان ثروت التي تعمل كمسؤولة تقنية في “متون”.
افتتحت نورهان الجلسة بالحديث عن غياب أرشيف نسوي عربي يمكن للباحثين/ات أو الراغبين/ات في المعرفة الوصول إليه، ووجّهت سؤالاً إلى داليا عبيد حول تجربة مؤسسة “المرأة والذاكرة” التي أُسست عام 1995. ذكرت عبيد أن ’المرأة والذاكرة‘ تأسّست للإجابة على السؤال حول موقع النساء العربيات في التاريخ، “فلطالما كان هناك تجاهلٌ لإنجازات النساء في المجالات المختلفة في ذلك الوقت، مما جعل من وجود المؤسسة ضرورياً للعمل على إنتاج معرفة بديلة للتاريخ الذي يتجاهل كل ما يخص النساء”، كما تشرح. وقد بدأت “المرأة والذاكرة” بإنشاء أرشيف مطبوع ليكون مصدراً يؤرّخ المعرفة ومتاحاً لأكبر عددٍ ممكن من الأشخاص.
أنتجت المؤسسة عدة إصدارات مثل “أرشيف تاريخ الحركة النسوية” وكتاب “زمن النساء والذاكرة البديلة” في مصر، وغيره من الكتب والأنشطة مثل إقامة المعارض والملصقات وترجمة الكتب، وتضيف أنّ عمل المؤسسة الرئيسي يتمثّل في دعم الباحثات والباحثين، كجزء من خطة إتاحة المعلومات للجميع (رجالاً ونساءً) “قدر المستطاع، وليس نخبة معينة، حيث سهّلت الإمكانيات التكنولوجية عليهن الكثير”. ومع تطور الزمن وانتشار الإنترنت، “انتقلت ’المرأة والذاكرة‘ إلى التوثيق والأرشفة عبر الإنترنت، إلا أنّ ذلك لم يخلُ من التحديات، “فالمحتوى العربي على الإنترنت ضعيفٌ ومحدود بشكل عام، وهو أكثر ضعفاً في ما يخص الأرشفة النسوية، لذا نعمل على مواجهة فجوة ندرة المحتوى العربي”.
عملت داليا وزملاؤها على رفع الكتب المتاحة بصيغة “بي دي أف” (PDF) إلى موقع المؤسسة، ورغم بدائية الإنتاج الناتجة عن ضعف الإمكانيات، إلا أنها كانت خطوة مفيدة. كما أرشفوا/ن كتابات أدبيّة وسياسية أيضاً، ولم يقتصر عملهم/ن على المحتوى النسوي.
ساهم نشر أنشطة “المرأة والذاكرة” على الموقع الإلكتروني الخاص بها في تسهيل الوصول إلى المصادر النسوية للباحثين/ات والراغبين/ات بالاطلاع عليها. ومع ذلك، واجهوا/ن تحديات مثل افتقار المؤسسة إلى وحدة رقمية وبالتالي ضعف تطوير الموقع، فضلاً عن عدم القدرة على توظيف تقنيين/ات بسبب ضعف التمويل.
في سياق متّصل، تطرّقت ثروت إلى تجارب توثيق نسوية إلكترونية أخرى مثل “ويكي الجندر“، وهي منصّة إقليمية نسوية تراكميّة تعمل على الإنتاج المعرفي العربي وأرشفة ما وثقه الغير من محتوى مرئي ومسموع ومكتوب في قضايا الجندر والنسوية باللغة العربية، كما تهدف إلى تشبيك المهتمين/ات بهذه القضايا وتحفيز النقاش والتفاعل مع المحتوى النسوي.
وبالرغم من أنّ “ويكي الجندر يعدّ محاولة جيدة، إلا أنّه لا يعبر عن كل المحتوى النسوي الموجود على الساحة”. وتضيف نورهان: “كنسوية تعيش في مصر، لا أعرف كثيراً عن الأرشيف النسوي في الأردن ولبنان، لذا من الضروري وجود تجارب أرشفة عديدة”.
انتقلت ثروت إلى سؤال أميرة أحمد عن تجربة “متون”، وهي منصّة تعمل على إتاحة التقنية لإحداث التغيير الاجتماعي من خلال دعم المجتمعات التقنية بشكل عام مع التركيز على النساء وتقنياتهن ودعم المجتمع المدني.
“أكلمت ’متون‘ ما بدأته المرأة والذاكرة، وتجربتهما ليست كافية، وجزء كبيرٌ مما قاموا به يمكن أن يندثر بإغلاق الموقع”، تقول أميرة. فكّرت “متون” بالحلّ التقني لهذه المشكلة، فعملت مع مؤسسات المجتمع المدني لإخراج الحل المناسب، وهو توفير كل ما هو نسوي عربي في مكان واحد يسهل البحث فيه. ولهذا السبب، أسست “متون” “المكتبة النسوية العربية“، وهي مكتبة إلكترونية تضمّ الإنتاج المعرفي الخاص بمنصات نسوية متعددة مثل “المرأة الجديدة”، و”جنوبية حرة”، و”بنت النيل”، و”اختيار”.
تمكّن المكتبة المستخدمين/ات من اقتباس أي نصّ من أي كتاب، وتستخدم أوسمة تدلّ على المؤلفين/ات والناشرين/ات وكذلك تفاصيل للمواد، بحيث يمكن للباحث/ة الوصول إلى ما يرغبه بسهولة.
وعن إمكانية وجود أرشيف بديل على بعض المنصات تجنباً للتحديات التي يمكن أن تقابل “متون” مستقبلاً، ومنها ضعف أو اختفاء التمويل، مثلما حدث مع عدة مؤسسات مجتمع مدني سابقاً، قالت أميرة: “نعمل حالياً على الوصول إلى النسخة الأولى من أرشيفنا، حتى لا تضيع هذه البيانات إن فقدنا التمويل، لذلك توجد لدينا نسخ ورقية ونفكر في المصادر التي يمكنها أن تُنفذ كذلك؛ إذ أن توفير البيانات بشكل معين يرتبط بالشكل الذي يود الشركاء الظهور به، لكن بالتأكيد هناك خطط للحفاظ على أرشيفنا”.