بقيت شركة “اتصالات” (Etisalat) الإماراتيّة و”أوريدو” (Ooredoo) القطريّة في المرتبتين الأخيرتين، للمرة الخامسة على التوالي، في تصنيف شركات الاتّصالات الذي أجرته مبادرة “تصنيف الحقوق الرقميّة”. قيّمت المبادرة في هذا التصنيف أداء 12 من أقوى شركات الاتصالات حول العالم من حيث السياسات والممارسات التي تؤثر على حرية التعبير وخصوصية المستخدمين.
يهدف تصنيف شركات الاتّصالات من مبادرة “تصنيف الحقوق الرقميّة” (Ranking Digital Rights)، وهي برنامج بحثي مستقل تابع لمعهد “نيو أميركا” (New America)، يقيّم السياسات والممارسات الخاصة بشركات التكنولوجيا والاتصالات الأبرز في العالم ويحلّل أثرها على حقوق الإنسان الأساسية، إلى تسليط الضوء على شركات الاتصالات والمخاطر التي تهدّد المستخدمين جرّاء بعض ممارساتها، منها قطع الإنترنت والرقابة الحكومية. ويقيّم التقرير أداء الشركات المذكورة تبعاً لثلاثة عوامل، هي: الحوكمة، وحرية التعبير، والخصوصيّة.
النتائج الرئيسية
أظهر التقرير أن معظم الشركات نجحت في تحسين أدائها في مجال واحد على الأقل. كما وأجرى العديد منها تحسينات كبيرة في العام الماضي تحديداً، إلا أنها ما زالت في الواقع “مقصّرة” في ما يتعلّق باحترام حقوق الإنسان، وطرق الاستجابة لتدخّلات الحكومات، وعدم المساس بحق المستخدمين في الخصوصيّة وحريّة التعبير.
شغلت شركة “تليفونيكا” (Telefónica) الإسبانية المركز الأول في التقييم (57%). وأشار التقرير إلى أن الشركة طبّقت عدداً من التوصيات التي كانت قد اقترحتها المبادرة خلال السنوات المنصرمة، وتعهدت بإجراء تقييمات لتأثير الترويج الإعلاني الهادف على حقوق الإنسان.
في المرتبة الثانية، حلّت “فودافون” (Vodafone) مع تقييم 41%. على الرغم من أنها فشلت في تقديم معلومات حول طريقة سياسات الترويج الإعلاني الهادف الخاصة بها، كانت “فودافون” الشركة الوحيدة التي نشرت سياستها للتعامل مع حوادث انتهاك البيانات، بما في ذلك إخطار السلطات والمستخدمين المتضرّرين.
وحلّت AT&T الأميركيّة في المرتبة الثالثة (40%).وأفاد التصنيف أنّ الشركة نشرت مستنداً بعنوان “معلومات إضافية حول الالتزام بالحقوق الرقمية”، لتلتزم بإجراء تقييمات لتأثير سياساتها وتطوير خوارزمياتها بما يتلاءم مع حقوق الإنسان.
“أوريدو” (Ooredoo)
على الرغم من التحسينات الطفيفة التي أجرتها، ظلت “أوريدو” في المركز الأخير في التصنيف، للمرة الخامسة على التوالي منذ 2017، بتقييم 9%. بدأت الشركة عام 2020 بنشر تقاريرها حول اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺣوﻛﻣﺔ، وتعهّدت بـ “حماية حقوق الإنسان“. ومع ذلك، لا تزال الشركة تفتقر إلى الشفافية في ما يتعلّق بسياساتها وممارساتها التي تؤثر على حرية المستخدمين في التعبير وحقهم في الخصوصية.
في السياق عينه، تستضيف قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في الفترة الممتدة من 20 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 18 كانون الأول/ديسمبر. تشهد البطولة استخداماً غزيراً لمختلف تقنيات التكنولوجيا، كالمدن الذكيّة، والطائرات من دون طيّار، وتقنيّة التعرف على الوجه، ولمشاهدة فعاليات البطولة، يتعيّن على كل فردٍ الحصول على بطاقة “هيّا” عن طريق تطبيق “هيّا” الإلكتروني.
يطرحُ هذا التحشيد الهائل للتقنيات التكنولوجيّة علامة استفهام كبيرة حول أمن الجمهور الرقمي ومدى قدرته على حماية خصوصية معلوماته وبياناته.
المآخذ الرئيسية
تعهّدت “أوريدو” (Ooredoo) للمرة الأولى بالالتزام “بحماية حقوق الإنسان” في تقريرها الافتتاحي حول اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺣوﻛﻣﺔ، إلا أنها لم تحدّد بمَ يلزمها هذا التعهّد. إضافة إلى ذلك، لم تتعهد الشركة بالالتزام بمبدأ بحيادية الشبكة، كما لم تفصح عن كيفية استجابتها لطلبات الحكومة المتعلّقة بإغلاق المواقع، أو حول عدد الطلبات التي تلقتها وعدد المرات التي تجاوبت فيها مع الجهات الحكوميّة.
وأخيراً، فشلت “أوريدو” في تقديم أي معلومات حول كيفية تعاملها مع المطالب الحكومية المتعلقة بإزالة المحتوى أو تقييد الحسابات أو مشاركة معلومات المستخدمين. ولم يتضح أيضًا ما إذا كانت الشركة تستجيب لطلبات خاصة للحصول على مثل هذه المعلومات.
التغييرات التي أجريت منذ 2020
نشرت “أوريدو” تقريرها السنوي الأول حول اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺣوﻛﻣﺔ، وحددت “حماية حقوق الإنسان” كأحد جوانب “إطار الاستدامة”. كما سهّلت الشركة أمكانيّة الوصول إلى “الشروط والأحكام العامة” من خلال إضافتها إلى الصفحة الرئيسية في موقعها.
وفّرت شركة الاتصالات القطريّة سياسة الخصوصية باللغة العربية، بعد أن كانت متاحة باللغة الإنجليزية فقط.
وأخيراً، قامت “أوريدو” بتحسين شفافيتها في ما يتعلق بالإشراف الأمني، إذ كشفت عن وجود فريق داخلي يدير قضايا أمن البيانات ويجري عمليات تدقيق منتظمة. كما قامت الشركة بتكليف عمليات تدقيق خارجية، وحصلت على شهادات “أيزو” نتيجة لذلك.
التوصيات
بناءً على النتائج المذكورة أعلاه، يقدّم “تصنيف شركات الاتّصالات” من مبادرة “تصنيف الحقوق الرقميّة” التوصيات التالية:
- تفصيل تعهّد الشركة بـ”حماية حقوق الإنسان”. على “أوريدو” أن تحترم حق المستخدمين في الخصوصية وحرية التعبير، وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية.
- التحلّي بالشفافية حيال التعامل مع طلبات الرقابة الحكومية. على الشركة أن تنشر سياسات تحدد بوضوح كيفية استجابتها لمطالب الحكومة بحظر المواقع الإلكترونية وتقييد الوصول إلى الشبكات والخدمات.
- توضيح كيفيّة التعامل مع معلومات المُستخدِمين. يجب أن تصنّف الشركة أنواع معلومات المستخدم التي تشاركها، إضافة إلى الأطراف التي تشاركها معها، والمدة التي تحتفظ فيها بهذه المعلومات.
“اتصالات” (Etisalat)
جاءت الشركة في أسفل القائمة بين الشركات الأخرى، بسبب “افتقارها إلى الشفافية في جميع المجالات”، علماً أنّ “مجموعة التكنولوجيا والاستثمار العالمية” (“اتصالات غروب” سابقاً) توسعها في أسواق وخدمات جديدة، بما في ذلك التخزين السحابي والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
وفقاً لـ”تصنيف شركات الاتّصالات”، يدقّ هذا التوسع المتزايد ناقوس الخطر، بالنظر إلى تاريخ الشركة في إعطاء الأولويّة للأعمال التجارية على حساب حقوق الإنسان، فضلاً عن البيئة التنظيمية القمعية التي خلقتها الشركة في أسواقها المحليّة. علاوة على ذلك، لا تذكر “اتصالات” صراحةً كيفية الاستجابة لطلبات الحكومة المتعلّقة بحظر المحتوى ومشاركة معلومات المستخدمين، سواء من السلطات الإماراتية أو من حكومات الدول الأجنبية التي تعمل فيها.
واصلت شركة “اتصالات” انتهاك مبادئ حيادية الشبكة من خلال فرض رسوم إضافيّة على مستخدميها في الإمارات العربية المتحدة بقيمة 14 دولاراً أميركياَ بشكل شهري، للوصول إلى ميزات الاتصال الصوتي والمرئي لتطبيقات الصوت عبر الإنترنت (VoIP) المعتمدة من قبل هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية في البلاد.
المآخذ الرئيسية
حصلت شركة “اتصالات” على تقييم 13%، إذ لم تقدم أي دليل على مشاركتها في مبادرات مع أصحاب المصلحة المتعددين في ما يتعلق بتأثير عملياتها التجارية ومنتجاتها على حرية المستخدمين في التعبير، وبياناتهم الشخصيّة، وخصوصيّتهم، وحقّهم في الحصول على الخدمات من دون أي تمييز.
علاوة على ذلك، لم تكشف “اتصالات” عن كيفيّة تعاملها مع المطالب الحكومية لإزالة المحتوى والحسابات أو الوصول إلى بيانات المستخدمين. فيما يعتبر عدم الامتثال لأوامر الحجب الحكومية جريمة جنائية في الإمارات، لا يوجد قانون يمنع الشركة من الكشف عن كيفية تعاملها مع هذه المطالب أو درجة امتثالها لطلبات حظر المحتوى.
وأخيراً، تفتقر شركة “اتصالات” إلى الشفافية في ما يخصّ سياساتها الأمنية؛ إذ كشفت مؤخراً عن وجود فريق أمني مسؤول عن إجراء عمليات تدقيق أمنيّة داخليّة أو تكليف طرف ثالث للقيام بالمهمّة، إلا أنها لم تفصح عن أي تفاصيل حول سياساتها لمعالجة الثغرات الأمنية أو التعامل مع جرائم انتهاك البيانات.
التغييرات التي أجريت منذ 2020
كشفت “مجموعة التكنولوجيا والاستثمار العالمية” عن وجود رقابة إداريّة على الأمن وبيانات العملاء على صعيد كافة الخدمات التي تقدّمها. إضافة إلى ذلك، أفصحت شركة “اتصالات” عن أنها تشارك في عمليات zero-rating practices (أي توفير خدمة الإنترنت من دون تكلفة ماليّة، لكن ضمن شروط معيّنة مثل السماح بالوصول إلى مواقع إلكترونية محدّدة حصراً)، وقدمت مبررات حول بعض البرامج التي تقدمها فقط وليس جميعها.
وأخيراً، وفّرت الشركة مواداً تعليمية للمستخدمين لمساعدتهم على حماية أنفسهم من محاولات الاحتيال والتصيّد.
التوصيات
بناءً على النتائج المذكورة أعلاه، يقدّم “تصنيف شركات الاتّصالات” من مبادرة “تصنيف الحقوق الرقميّة” التوصيات التالية:
- الحرص على مراعاة حقوق الإنسان. على شركة “اتصالات” إجراء تقييمات جدية لتأثير سياساتها على حقوق الإنسان للحد من المخاطر التي تهدّد خصوصية المستخدمين وحرية التعبير وعدم التمييز، لا سيما أثناء تطوير خدمات جديدة ودخول أسواق جديدة. يجب أن يشمل نطاق هذه التقييمات السياسات الإعلانية المستهدفة.
- التحلّي بالشفافية حيال التعامل مع طلبات الرقابة الحكومية. على “اتصالات” أن تفصح طريقة استجابتها للطلبات الحكومية لحظر المواقع الإلكترونية، وتقييد الوصول إلى الشبكات والخدمات، وتسليم بيانات المستخدمين.
- تحسين سياسات الأمان. ينبغي للشركة الكشف عن سياساتها للاستجابة على حوادث انتهاك البيانات ومعالجة الثغرات الأمنية، وأن توفر للمستخدمين الموارد والمعلومات الأمثل لحماية أنفسهم من المخاطر السيبرانية.
اقرؤوا التقرير كاملاً لمعرفة المزيد حول النتائج ومنهجية البحث المستخدمة.