للاحتفاظ بشريحة SIM احتياطية أستخدمها خلال فترات ضعف اتصال الشبكة، اشتريت شريحتين، واحدة من “تاتش” وأخرى من “ألفا”، المشغلَين الوحيدَين لشبكات الهواتف المحمولة في لبنان.
تفاجأتُ أنّه في خطّ “ألفا”، كنت مشتركاً بشكل تلقائي في خدمة نغمة رنين مدفوعة، مع أنّني لم أطلب هكذا خدمة.
ما لا يعرفه الكثير من المستخدمين/ات أنّ تفعيل شريحة خط “ألفا” يؤدي إلى اشتراكهم تلقائياً في خدمة “نغمة” (Melody)، بكلفة 0.24 دولار أميركي في الشهر، أي ما يوازي كلفة دقيقتَين من مكالمة محلية أو 12 رسالة نصية.
عندما حاولت إلغاء اشتراكي من خلال تطبيق “ألفا”، لم أجد الخيار المناسب.
اتصلت بفريق دعم العملاء لدى “ألفا” على الرقم 111 للحصول على المزيد من المساعدة، ولكن لم يردَّ أحد من الموظفين. بدلاً من ذلك، أرسلَت لي “ألفا” رسالة نصية تحتوي على رقمين، 1001 و1002، لمركزَي اتصال مدفوعين يمكنني التواصل معهما. غير أنّهما يحصّلان رسوماً مبالغ فيها، قدرها 0.9 دولار أميركي لكل دقيقة، ودولارٍ أميركي واحد لكل دقيقة على التوالي، ما يوازي كلفة مكالمة دولية.
ليست ظاهرة إجبار المستخدمين/ات على الاشتراك تلقائياً في خدمة نغمة رنين مدفوعة بجديدة. فقد أثارت منظمة “سمكس” وغيرها من الجهات هذه المسألة في العام 2015، ودعت مشغّلي شبكات الهواتف إلى توفير إمكانية إلغاء هذا الاشتراك مجاناً.
على الرغم من ذلك، لم تستجِب “ألفا” لطلبات توفير خيار سهل ومجاني على التطبيق أو على قنوات خدمة العملاء لإلغاء الاشتراك في نغمة الرنين، لأنّه إجراء استغلالي وغير عادل يفيد شركة خارجية.
خدمة باهظة ولكن متدنية الجودة
بحسب تقرير حديث أصدرته منظمة “سمكس”، يسجّل لبنان أحد أعلى معدلات التكلفة لخدمات الاتصالات مقارنةً بجودة هذه الخدمات.
تثير حادثة الاشتراك التلقائي في “ألفا” مخاوف جدية يشأن ممارسات الشركة، التي تعقّد عمداً عملية إلغاء الاشتراك في خدمة “النغمة”، وتُجبر المشتركين/ات على الدفع مقابل خدمة لم يوافقوا على الاشتراك فيها أساساً.
وفي سياقٍ متّصل عانى قطاع الاتصالات لوقتٍ طويل من عدم القدرة على الاستفادة من كامل إمكاناته، ولا يزال يقدّم خدمات إنترنت وجوّال بطيئة وباهظة الثمن، على الرغم من الإيرادات الهائلة التي يحقّقها.
تحتكر شركتا “ألفا” و”تاتش” قطاع الاتصالات في لبنان، إذ لا منافس لهما. وفي الوقت نفسه، تعملان في أحد القطاعات الأكثر ربحية في البلاد، والذي ولّد أكثر من 17 مليار دولار أميركي بين عامي 2010 و2020، كما ورد في تقرير سابق لمنظمة “سمكس”.
مطالبة موجَّهة إلى مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد
اكتشفتُ أنّ مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد أطلقت، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، منصة إلكترونية رقمية لتلقي شكاوى المستهلكين ومعالجتها. فقررتُ استخدام هذه المنصة لتقديم شكوى ضد شركة “ألفا”، وتفاجأت أنّ وزارة الاقتصاد اتصلت بي بعد يوم واحد فقط لمناقشة المسألة.
بعد ذلك بفترة وجيزة، اتصلت بي “ألفا”، وفي اليوم التالي، ألغت خدمة “نغمة” (Melody) التلقائية بدون فرض أي رسوم إضافية.
أُجبرت على الاشتراك في الخدمة في نيسان/أبريل 2023، ولم أتمكّن من إلغاء اشتراكي مجاناً حتى حزيران/يونيو 2024، بعد أن قدّمتُ شكوى إلى وزارة الاقتصاد.
تشكّل تجربتي مثالاً واحداً فقط على استغلال شركات الاتصالات لعملائها في ظل غياب هيئة تنظيمية مختصة فعالة. وقد أنشئت الهيئة المنظمة للاتصالات، ولكنّها فشلت في تنفيذ تغييرات تفيد قطاع الاتصالات. وبعد الأزمة الاقتصادية التي شهدها لبنان، عمل وزراء الاتصالات والحكومات على تشويه سمعة هذه الهيئة، ما أدّى إلى تقويض دورها بشكل كبير جداً لتصبح عديمة الفائدة تقريباً.
شكّل الردّ السريع من مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد خطوةً في الاتجاه الصحيح، إذ برهن أهمية المساءلة وتوفّر الرقابة التنظيمية.
ينبغي على شركة “ألفا” وشركائها من الجهات الخارجية التحلّي بالشفافية إزاء خدماتها، لا سيّما أنّ الاشتراك التلقائي في خدمة لم يوافق عليها المستخدم يُعتَبر مثالاً على سوء ممارسة المهنة. ومن المفترض أيضاً توفّر خيار لإلغاء الاشتراك مجاناً، بدلاً من تحصيل رسوم تفيد الشركات الخارجية الشريكة فقط.
الصورة من تصميم “سمكس”